تونس توقف مئات المهاجرين في صفاقس بعد ضبط أسلحة

السلطات التونسية تؤكد منع عودة الفوضى والمخيمات العشوائية، وتشير إلى تزايد رغبة المهاجرين غير النظاميين بالعودة الطوعية إلى أوطانهم.
الأحد 2025/04/20
صفاقس تحت السيطرة بعد إخلاء المخيمات

تونس - أعلنت السلطات التونسية، السبت، توقيف مئات المهاجرين غير النظاميين في ولاية (محافظة) صفاقس الواقعة في الوسط الشرقي للبلاد بعد أن حُجزت لديهم آلات حادة ومواد صلبة "كان الهدف منها الاعتداء على عناصر الأمن" وفق ما أكد حسام الدين الجبابلي، الناطق باسم الإدارة العامة للحرس الوطني (الدرك) التابعة لوزارة الداخلية.

ويمثل هذا الإجراء الأمني في صفاقس تصعيدا ملحوظا في تعامل السلطات التونسية مع ملف الهجرة غير النظامية، خاصة في ظل الضغوط المتزايدة من دول أوروبية للحد من تدفق المهاجرين عبر أراضيها.

ويكشف ضبط أسلحة بحوزة بعض المهاجرين عن تحديات أمنية جديدة تضاف إلى الأبعاد الإنسانية والاقتصادية والاجتماعية لهذا الملف المعقد، مما يستدعي مقاربة شاملة ومتوازنة تضمن الأمن وتحترم حقوق الإنسان.

وقال الجبابلي خلال مؤتمر صحافي عقد، السبت، في مقر الوزارة بالعاصمة تونس إنه "تم إيقاف مئات من المهاجرين غير النظاميين، بعد أن حُجزت لديهم آلات حادة ومواد صلبة (لم يحددها) كان الهدف منها الاعتداء على العناصر الأمنية".

وشدد على أن "الوضع في منطقة العامرة من ولاية صفاقس، تحت سيطرة الوحدات الأمنية بشكل كامل، ولا مجال للسماح بعودة الفوضى أو بناء المخيمات العشوائية مرة أخرى".

وأوضح الناطق باسم الحرس الوطني أن مختلف المخيمات التي تمت إزالتها والتي كانت تضم أكثر من 7 آلاف مهاجر غير نظامي من دول أفريقيا جنوب الصحراء حالتها عادية الآن وتحت السيطرة.

وأضاف أن عمليات إزالة هذه المخيمات مازالت متواصلة من قبل مختلف الوحدات الأمنية بوزارة الداخلية.

وفي سياق الحفاظ على الصحة العامة وسلامة السكان، لفت الجبابلي إلى أن "مختلف أجهزة وزارة الداخلية من حرس وشرطة وحماية مدنية، قامت بعملية تعقيم شاملة للمخيمات التي تم إخلاؤها، وذلك بدعم من أعوان الصحة العمومية والهلال الأحمر التونسي، بعد أن أصبح الوضع البيئي يهدد السكان المحليين والوضع الصحي العام ينذر بالخطر".

وشدد المسؤول الأمني على أن "إزالة المخيمات تمت تحت غطاء قانوني كامل"، مؤكدا توفير الرعاية الصحية اللازمة للفئات الهشة من المهاجرين الأفارقة غير النظاميين، مثل النساء الحوامل والأطفال، وذلك من قبل أجهزة وزارة الصحة في صفاقس.

وفي تطور آخر، كشف الجبابلي عن تزايد رغبة المهاجرين غير النظاميين في العودة الطوعية إلى بلدانهم الأصلية، مشيرا إلى أن "عدداً من المهاجرين غير النظاميين اتصلوا بالمنظمات الدولية المعنية بالهجرة، سواء في مدينة صفاقس أو منطقة الحزق أو العاصمة تونس، وطالبوا بالتسجيل للعودة الطوعية إلى مواطنهم الأصلية بعد الحملة التي بدأت يوم 4 أبريل الجاري".

وأفاد بأنه تم بالفعل تأمين عودة أكثر من 160 شخصاً إلى أوطانهم منذ انطلاق الحملة، مؤكدا على التزام السلطات بتسهيل إجراءات العودة الطوعية بالتنسيق مع المنظمات الدولية.

وجاءت هذه التصريحات في أعقاب حملة واسعة بدأتها السلطات في الرابع من أبريل الجاري لإخلاء المخيمات التي كانت تؤوي آلاف المهاجرين غير النظاميين، معظمهم من دول أفريقيا جنوب الصحراء.

وقال الجبابلي، في تصريحات صحافية، إن عملية الإخلاء بمنطقتي العامرة وجبنيانة في صفاقس، انطلقت بإزالة أكبر مخيم، والذي يضم حوالي 4 آلاف شخص من دول أفريقيا جنوب الصحراء.

ووفق تصريحات أدلى بها رئيس لجنة الهجرة غير النظامية بتونس خالد جراد، في يناير 2025، تشير التقديرات إلى وجود‎ نحو 20 ألف مهاجر غير نظامي بالعامرة وجبنيانة، فيما لا تتوفر إحصائيات رسمية دقيقة عن أعدادهم في بقية مناطق البلاد.

ولم تفصح السلطات التونسية عن الأماكن التي يتم نقل هؤلاء المهاجرين إليها بعد إخلاء مخيماتهم في صفاقس، وذلك في إطار احتياطات أمنية تهدف إلى تخفيف الضغط على المنطقة. ومع ذلك، رجحت وسائل إعلام محلية تخصيص مراكز إيواء مؤقتة لهم في مناطق مختلفة من البلاد، وذلك إلى حين إعادتهم طوعاً إلى بلدانهم الأصلية.

وأكدت المنظمة الدولية للهجرة، بعد أسبوع من بدء عمليات الإخلاء، أنها تعمل بتنسيق وثيق مع الحكومة التونسية لإيجاد حلول للاستجابة لاحتياجات المهاجرين خلال عملية برنامج العودة الطوعية وإعادة الإدماج.

وكان الرئيس التونسي قيس سعيد قد دعا في مارس الماضي المنظمات الدولية إلى دعم جهود بلاده في إعادة المهاجرين غير النظاميين طوعاً إلى بلدانهم، وتكثيف التعاون في تفكيك شبكات الاتجار بالبشر التي تستغل أوضاعهم.

وأعلنت وزارة الخارجية التونسية في 23 يناير الماضي عن إعادة 7 آلاف و250 مهاجراً غير نظامي إلى بلدانهم طوعياً خلال عام 2024، وذلك بالتعاون مع المنظمات الدولية، وعلى رأسها المنظمة الدولية للهجرة.

كما سبق أن أعلنت المفوضية الأوروبية، في سبتمبر 2023، تخصيص 127 مليون يورو مساعدات لتونس، ضمن مذكرة تفاهم تتعلق بملفات بينها الحد من تدفق المهاجرين إلى أوروبا.

وتثير هذه التطورات تساؤلات حول مستقبل تعامل تونس مع آلاف المهاجرين غير النظاميين المتواجدين على أراضيها. فبينما تؤكد السلطات على ضرورة تطبيق القانون والحفاظ على الأمن، تبرز الحاجة إلى إيجاد حلول مستدامة تتماشى مع المعايير الدولية لحقوق الإنسان، بما في ذلك توفير الحماية للفئات الضعيفة وتسهيل العودة الطوعية لمن يرغب في ذلك، فضلاً عن معالجة الأسباب الجذرية للهجرة غير النظامية بالتعاون مع دول المنطقة والمنظمات الدولية.

على صعيد آخر، من المرجح أن تزيد هذه الأحداث من الضغوط على تونس من قبل الاتحاد الأوروبي ودوله الأعضاء لتشديد إجراءات الرقابة على الحدود ومنع تدفق المهاجرين. وفي المقابل، قد تطالب تونس بزيادة الدعم المالي والفني لمساعدتها في إدارة هذا الملف المعقد، مع التأكيد على ضرورة تقاسم المسؤولية بين دول المنشأ والعبور والمقصد.