تونس توسع فرص الانفتاح التجاري على أسواق أفريقيا

البنك المركزي أول مؤسسة نقدية في شمال القارة تنضم إلى نظام "بابس" لتسوية المدفوعات.
الخميس 2024/02/08
عقدتم الشراكة، الآن حان وقت التنفيذ

وضعت تونس أساسا جديدا لدعم المبادلات التجارية بين دول أفريقيا مع انضمام بنكها المركزي إلى منصة مشتركة لتسوية المدفوعات كأول مؤسسة نقدية في شمال أفريقيا، في مسعى جديد لتطوير الشراكات حتى تساهم في تقوية الروابط الاقتصادية.

تونس- انضم البنك المركزي التونسي إلى نظام الدفع والتسوية بين الدول الأفريقية المعروف باسم “بابس”، الذي يُعتبر بمثابة البنية التحتية للسوق المالية في القارة، ليكون بذلك أول مؤسسة نقدية في شمال القارة تنخرط في هذه المنصة.

وأبرم محافظ البنك مروان العباسي الثلاثاء الماضي على اتفاقية الانضمام بحضور مايك أوقبالو الرئيس التنفيذي لنظام بابس، وجورج إلومبي نائب رئيس البنك الأفريقي للاستيراد والتصدير، بالإضافة إلى كلثوم بن رجب وزيرة التجارة وتنمية الصادرات التونسية.

وبابس هو نظام مركزي للبنية التحتية المالية يتيح تحويل الأموال عبر الحدود في جميع أنحاء القارة الأفريقية بشكل آمن وفعال، والحد من المخاطر والمساهمة في تحقيق التكامل المالي بين أسواق القارة.

ورحب إلومبي بانضمام البنك المركزي التونسي إلى هذا النظام، واصفا ذلك بـ”الحدث التاريخي” لكونه أول انضمام لبنك مركزي من شمال أفريقيا إلى المنصة.

جورج إلومبي: انضمام البنك المركزي التونسي إلى النظام حدث تاريخي
جورج إلومبي: انضمام البنك المركزي التونسي إلى النظام حدث تاريخي

ويعتبر موضوع تيسير المبادلات التجارية وتأثيرها على سوق العمل، وفق اللجنة الاقتصادية للاتحاد الأفريقي، مسألة محورية في الدول العربية وخاصة مع دول شمال أفريقيا.

ورغم ما تتمتع به المنطقة من العناصر الأساسية لسوق نشطة ومندمجة، من بينها القرب الإقليمي وتوفر البنى التحتية، إلا أن ضعف الاندماج الإقليمي يفقد هذه البلدان نقاط نمو، ويحدّ من توفير فرص عمل إضافية للشباب.

وقال العباسي في بيان نشره البنك المركزي على منصته الإلكترونية عقب توقيع الاتفاقية إن “الهدف من الانضمام، هو تمهيد الطريق أمام تونس نحو ديناميكية تجارية جديدة مع أفريقيا وتوسيع نطاق الفرص مع هذا الفضاء التجاري الذي ينطوي على إمكانيات هائلة”.

واعتبر في هذا السياق، أنه بات يتعين على البنوك التونسية “الانضمام إلى هذه الآلية السريعة والآمنة والأقل كلفة، وذلك قصد مرافقة الفاعلين الاقتصاديين التونسيين على النحو الأمثل في معاملاتهم الاقتصادية والمالية في القارة الأفريقية”.

ويهتم هذا النظام بمجال التسوية الفورية والآمنة للمعاملات التجارية العابرة للحدود بالعملات المحلية والدولية، في إطار اتفاقية التجارة الحرة القارية الأفريقية التي انضمت إليها تونس منذ شهر يوليو 2020.

ويعمل النظام بالتعاون مع البنوك المركزية في أفريقيا لتوفير خدمة الدفع والتسوية وتمكين البنوك التجارية ومقدمي خدمات الدفع في أنحاء القارة من الحصول على هذه الخدمة عبر الانضمام إلى النظام كمؤسسات مالية مشاركة.

وتراهن تونس على إعطاء شراكاتها مع قارة أفريقيا جرعة تحفيز جديدة لإنعاش اقتصادها المتعثر ومعالجة مشاكل الاستثمار، التي تواجه المشاريع في فترة يتسم فيها الاقتصاد العالمي بالكثير من التقلبات بفعل انعكاسات التوترات السياسية والتغيرات المناخية.

ويعمل المسؤولون بكل جهد لطيّ صفحة الخمول في تنمية الاستثمارات لاستغلال موقع تونس في القارة على النحو الأمثل لمنافسة المغرب، بهدف الدخول في أسواق دول وسط أفريقيا وجنوبها وعدم الاقتصار على الشريك التقليدي الاتحاد الأوروبي.

ومنذ سنوات تتعالى الأصوات المنادية بالتقليص من التبعية للأسواق الأوروبية، وأيضا تركيا، والتوجه إلى فتح أسواق جديدة صاعدة كأفريقيا والصين.

مروان العباسي: هدفنا تمهيد الطريق لديناميكية تجارية جديدة مع القارة
مروان العباسي: هدفنا تمهيد الطريق لديناميكية تجارية جديدة مع القارة

وتعليقا على الخطوة، شددت بن رجب على أهمية الانضمام إلى مثل هذه المنصة التي من شأنها تعزيز الاندماج في القطاع الرسمي والنهوض بالصادرات البينية الأفريقية، مع إتاحة التخفيض في تكاليف المعاملات والتقليص في آجال معالجتها.

وتمت الموافقة على هذا النظام من قبل البنك الأفريقي للتصدير والاستيراد والاتحاد الأفريقي في القمة الاستثنائية الثانية عشرة للاتحاد الأفريقي التي عقدت في يوليو 2019 المنعقدة في النيجر ليكون أداة رئيسة لتنفيذ اتفاقية التجارة الحرة القارية الأفريقية (زليكاف).

وفي يناير 2022 أطلق البنك الأفريقي للاستيراد والتصدير هذه المنصة، وهي تضم حاليا 108 مشاركين، من بينهم 12 بنكا مركزيا و96 بنكا تجاريا أفريقيا.

وفي السنوات القليلة الماضية، سعت تونس إلى إطلاق مبادرات لمعالجة تأخرها على الانفتاح على أفريقيا بتقديم حوافز وتسهيلات للشركات، في ظل تنافس دولي شديد لانتزاع حصص في تلك الأسواق الواعدة مع الانطلاق الفعلي لمنطقة زليكاف.

وتتوخى الحكومة إستراتيجية أكثر انفتاحا على أسواق القارة بعد دخولها السوق المشتركة لشرق وجنوب أفريقيا (كوميسا) التي تضم 480 مليون نسمة، من بينها خط بحري و13 خطا جويا مباشرا إلى وجهات مع القارة.

وتعد الكوميسا، التي انضمت إليها تونس صيف 2018، واحدة من أبرز الأسواق المشتركة التي تغطي 19 بلدا من دول شرق أفريقيا، وتنص الاتفاقية الإطارية على تحرير المنتوجات الزراعية والصناعية والخدمات بين الدول الأعضاء.

ويتيح انضمام تونس إلى هذا التكتل الاقتصادي تصدير منتجاتها في قطاعات، كالصناعات الغذائية وصناعة الأدوية ومواد البناء والإنشاء والصناعات الميكانيكية والكهربائية.

وتتيح اتفاقية زليكاف إعفاءات جمركية على 90 في المئة من المنتجات التونسية غير الحساسة لدول أفريقية لمدة عامين ضمن قائمة وضعتها وزارة التجارة بالتعاون مع القطاع الخاص والعام.

وسيتم ضبط 7 في المئة من المنتجات التي سترفع عنها الرسوم الجمركية لعشر سنوات و3 في المئة بالنسبة إلى المنتجات الحساسة منها مثلا الصناعات التقليدية ضمن 350 منتجا من نحو 11 ألف منتج في القائمة.

مراد بن حسين: ثمة قيمة تصديرية غير مستغلة لتونس تفوق المليار دولار
مراد بن حسين: ثمة قيمة تصديرية غير مستغلة لتونس تفوق المليار دولار

في المقابل، تمنح سوق كومسيا، التي ظهرت للمرة الأولى في عام 2014 إعفاءات جمركية بنسبة 100 في المئة، الأمر الذي يدعم نمو الصادرات بشكل أكبر مستقبلا.

وحتى الآن لا يزال حجم التجارة التونسية مع دول القارة ضعيفا من حجم التجارة الخارجية للبلاد سنويا، بينما تبلغ أكثر من 50 في المئة مع دول أوروبا، وفق مركز النهوض بالصادرات.

وقال مراد بن حسين مدير عام المركز في ديسمبر الماضي إن ‎”التجارة البينية بين الدول الأفريقية تقدر بنحو 16 في المئة من إجمالي المبادلات التجارية، وإن “هناك قيمة تصديرية تفوق المليار دولار غير مستغلة”.

وأكد أن الهدف مضاعفته مرتين للوصول الى نسبة 50 في المئة وذلك بالعمل على الحد من الرسوم الديوانية على عدد من المنتوجات وعلى تسويقها في أفريقيا.

وقدم المركز مطلع 2020 مجموعة من الحوافز الجديدة لتشجيع الشركات التونسية الراغبة في استكشاف أسواق في كينيا وتنزانيا وإثيوبيا وجيبوتي ونيجيريا والكاميرون وبنين ورواندا وجمهورية الكونغو الديمقراطية وغانا.

وتستهدف تلك الإجراءات استرجاع نسبة 70 في المئة من تكلفة تذكرة الطائرة وإنفاق يومي يصل إلى 215 دولارا لمدة خمسة أيام كحدّ أقصى ينتفع منها ممثلان عن كل شركة في كل مهمة استكشافية.

وكانت تونس قد أقرت خلال عام 2017 برنامجا للنهوض بالأنشطة التصديرية المولّدة لفرص العمل في اتجاه أسواق أفريقية جديدة، في إطار شراكة بين الوكالة الألمانية للتعاون الدولي ومركز النهوض بالصادرات.

 

اقرأ أيضا:

إقرار تعديل تشريعي في تونس يتيح للمركزي إقراض الحكومة

10