تونس تواصل انفتاحها على العالم العربي

توقيع 14 اتفاقية تعاون ومذكرة تفاهم بعدة مجالات مع الكويت.
الجمعة 2024/11/22
شراكة مربحة للبلدين

تنامت مستويات الانفتاح الاستثماري التونسي على بلدان العالم العربي وفي مقدمتها الكويت والمملكة العربية السعودية، وهو ما يرى ملاحظون أنه توجه إستراتيجي صائب، من شأنه أن يعمّق روابط العلاقات مع تلك البلدان ويساهم في معالجة الاقتصاد التونسي.

تونس - تواصل تونس الانفتاح في شراكاتها الاقتصادية على مختلف بلدان العالم العربي، وبعد إبرام اتفاقيات شراكة مع المملكة العربية السعودية في وقت سابق، وقعت الأربعاء على 14 اتفاقية تعاون ومذكرة تفاهم بعدة مجالات مع الكويت. ويقول مراقبون إن الشراكة بين تونس والدول العربية عادت إلى مجراها الطبيعي، خصوصا بعد ثورة يناير 2011 التي عرفت تمكّن تيار الإسلام السياسي من السلطة والتحكم في مسار الشراكات وفقا لتوجهات سياسية وأيديولوجية.

ويضيفون أن الشراكة التونسية مع الكويت ومن قبل المملكة العربية السعودية ستكون مثمرة للطرفين في عدة مجالات، بفضل الاستثمار وتبادل الخبرات ومعالجة الاقتصاد التونسي المأزوم. ووقّعت تونس والكويت الأربعاء على 14 اتفاقية تعاون ومذكرة تفاهم بعدة مجالات بينها تطوير خطوط السكة الحديدية لنقل الفوسفات ومجال الأرصاد والمناخ والخدمات الجوية وتبادل الأيدي العاملة.

وجاء ذلك في ختام أعمال الدورة الرابعة للجنة المشتركة بين البلدين التي انعقدت بتونس الثلاثاء والأربعاء، وفق بيان للخارجية التونسية. ووقّع على الاتفاقيات وزير الخارجية التونسي محمد علي النفطي ووزير خارجية الكويت عبدالله اليحيا، فضلا عن مسؤولين من البلدين، وفق ذات المصدر.

وذكر بيان الخارجية أن الاتفاقيات “شملت ميادين مختلفة لاسيما تجديد وتطوير خطوط السكة الحديدية لنقل الفوسفات والصناعة والسياحة والخدمات الجوية وتبادل اليد العاملة في القطاع الأهلي والشؤون الاجتماعية والرياضة والأرصاد الجوية والمناخ”.

كما وقع الوزيران “مذكرة تفاهم بين الأكاديمية الدبلوماسية الدولية بتونس ومعهد سعود الناصر الصباح الدبلوماسي الكويتي”. وأشاد الطرفان باعتماد اللجنة المشتركة “جملة من توصيات هامة تسمح بتوثيق علاقات التعاون والشراكة بين البلدين، لاسيما في مجالات الأمن الغذائي والسياحة والصناعات الدوائية.”

كما أعربا عن “ارتياحهما لحصيلة مخرجات اللجنة التي شملت عدة ميادين، لاسيما التعاون القضائي والتجاري والطبّي والثقافي والفني وقطاعي الطيران المدني والأرصاد الجوّية وغيرها من المجالات الاقتصادية والتنموية.” وأكدا حرصهما على حسن تنفيذ النتائج التي أفضت إليها هذه اللجنة وتطلعهما إلى عقد دورتها المقبلة سنة 2025 في الكويت.

المنذر ثابت: الاستثمار في تونس سيكون عملية مربحة للبلدان العربية
المنذر ثابت: الاستثمار في تونس سيكون عملية مربحة للبلدان العربية

وأشار الوزيران إلى تقارب وجهات نظر البلدين بشأن “مختلف الملفات الدولية والإقليمية، وفي مقدّمتها قضيّة فلسطين العادلة وحق شعبها الذي لا يسقط بالتقادم في إقامة دولته المستقلّة على كامل أرض فلسطين وعاصمتها القدس الشريف.” ويرى متابعون للشأن التونسي أنه من الأولى أن تركّز تونس على الشراكة العربية لإنقاذ اقتصادها المأزوم وتجاوز شحّ الموارد المالية، خصوصا وأن التعاون الاستثماري مع تلك البلدان دائما يؤكد نجاحه وشموليته لأكثر من مجال.

وقال المحلل السياسي المنذر ثابت “هذا اتجاه صائب بكل المقاييس، ومن المفروض أن تكون الشراكة العربية أكثر تطوّرا، خصوصا وأن دول الخليج قامت سنة 2023 باستثمارات في حدود 306 مليارات يورو في دول الاتحاد الأوروبي.”

وأكد في تصريح لـ”العرب” أن “الاستثمار في تونس سيكون عملية مربحة للبلدان العربية، ويبدو أن هناك عودة إلى مناخات الاستثمار ما قبل 1991 في تونس.” وأضاف ثابت أن “الإستراتيجيات العربية دائما مرتهنة بالتوجه السياسي والأيديولوجي”، مشيرا إلى أن “هذا هو الوضع الطبيعي الذي نعود إليه، خصوصا وأن الشراكات في العشرية الماضية كانت لها صبغة سياسية.”

وكان الرئيس التونسي قيس سعيّد، قد استقبل الأربعاء بقصر قرطاج وزير الخارجية الكويتي عبدالله علي عبدالله اليحيا، وأكد استعداد تونس لتنفيذ جملة من المشاريع وبرامج التعاون والشراكة مع دولة الكويت في العديد من الميادين على غرار الأمن الغذائي والصحة والسياحة، فضلا عن تطوير التبادل التجاري الثنائي وتعزيز فرص التعاون الفني بين البلدين في مجالات متنوعة كالتربية والتعليم العالي والقضاء وغيرها، وفق ما ورد على الصفحة الرسمية للرئاسة التونسية.

ومن جهته تحدث وزير الخارجية الكويتي عبدالله علي عبدالله اليحيا إثر لقائه مع الرئيس التونسي قيس سعيّد، عن وضع رؤية مستقبلية لتطوير العلاقات التونسية – الكويتية، في عدد من المجالات الهامة، وفق ما ورد في مقطع فيديو على الصفحة الرسمية للرئاسة التونسية. وإلى جانب الكويت، تواصل المملكة العربية السعودية مراهنتها على تونس كشريك إستراتيجي، وذلك عبر توقيع مذكرة تفاهم للتّعاون في مجال تشجيع الاستثمار المباشر.

وأفاد بيان لوزارة الاقتصاد والتّخطيط التونسية بأن وزير الاقتصاد والتّخطيط التونسي سمير عبدالحفيظ ووزير الاستثمار السّعودي خالد بن عبدالعزيز الفالح وقّعا مذكرة تفاهم السبت إثر لقائه الرئيس قيس سعيد في قصر قرطاج بالعاصمة تونس.

وتهدف مذكّرة التفاهم، وفق البيان، إلى “تدعيم الرّوابط والعلاقات بين البلدين الشقيقين في مجال الاستثمار المباشر، وذلك من خلال استكشاف الفرص والعمل على تجسيمها وتعزيز التنسيق وتبادل المعطيات ذات العلاقة بتطور مناخ الأعمال والاستثمار ومنظومته إلى جانب تكثيف تنظيم التّظاهرات والزّيارات بين القطاع الخاص في البلدين.”

وتعكس مذكرة التفاهم اهتماما كبيرا من المملكة بالموقع الإستراتيجي لتونس فضلا عن كونها بوابة مناسبة للاستثمار في قارة أفريقيا. وتأتي تونس في المرتبة الـ15 كشريك تجاري للسعودية في المنطقة العربية، بحجم مبادلات تجارية سنوية تصل في المتوسط إلى 310 ملايين دولار، وفق بيانات رسمية.

4