تونس تنتقد تشويه الإعلام الفرنسي لمواقفها

تونس - يثير تعامل الإعلام الفرنسي مع الشأن التونسي جدلا واسعا في الأوساط التونسية. وبثت وسائل إعلام تونسية في الأيام الماضية مقتطفات من برنامج إخباري على القناة الثانية الفرنسية كال اتهامات لتونس بخصوص موقفها من القضية الفلسطينية واتهمها بـ”معاداة السامية” و”العنصرية”. واستغرب مقدمو البرنامج اعتماد عبارة “الكيان الصهيوني” في الإعلام التونسي، قائلين إنها تستخدم فقط في إيران.
وكانت وزارة الشؤون الخارجية التونسية قالت في بيان الأسبوع الماضي إن انفتاح الوزارة خلال تعاملها مع بعض وسائل الإعلام الغربية التابعة لمؤسسات إعلامية عريقة، قابله “التعامل بانتقائية وزيغ عمّا تفرضه قواعد المهنة الصحفية من جدّية وأمانة والتزام بعدم تحريف التصريحات الرسمية والحوارات”.
واعتبر البيان أن ذلك يندرج في إطار “استهداف تونس وخياراتها الوطنية وتعمّد التشكيك في مواقفها خاصة في عدد من القضايا المصيرية”.
وأشارت الوزارة إلى أنها سجّلت “تعمّد عدد من وسائل الإعلام من البلدان التي تدّعي الريادة في حرية التعبير واستقلالية الصحافة وتعطي الدروس في هذا المجال، حجب هذه التصريحات والحوارات كليا، متذرّعة بحجج واهية تضرب عرض الحائط بقواعد العمل الصحفي المسؤول وأبجدياته، وتنمّ عن استخفاف وعدم احترام أدنى نواميس اللباقة في التعامل مع الجهات الرسمية”.
مقدمو البرنامج استغربوا اعتماد عبارة "الكيان الصهيوني" في الإعلام التونسي، قائلين إنها تستخدم فقط في إيران
واستشهد بيان الوزارة بحوار صحفي أدلى به وزير الخارجية التونسي نبيل عمار على هامش ترأسه للندوة الوزارية للفرنكوفونية بياوندي يومي 4 و5 نوفمبر 2023، لصحيفة يومية مصنفة من أكبر الصحف الناطقة باللغة الفرنسية و”ذلك بطلب وإلحاح منها”، حيث أجاب بكل وضوح عن تساؤلات الصحافية بالخصوص حول الوضع في تونس والعدوان المتواصل على الشعب الفلسطيني والعلاقات التونسية الفرنسية ومع دول الجوار. وألغت هذه الصحيفة نشر الحوار بعد تقديم أعذار وتحفظات على تصريحات الوزير، وصفتها وزارة الخارجية بـ”غير المقبولة”.
وتشير الوزارة إلى تواتر السوابق، وأكدت أن ذلك ”يكشف حقيقة معلومة مسبقا عن نية مبيّتة من عدد من وسائل الإعلام الغربية وعن التضييق على حرية الرأي والتعبير كلما تضارب الرأي الآخر مع مصالح تلك الجهات”.
وقال الكاتب والباحث التونسي – السويسري رياض الصيداوي إن “صحافيي الإعلام الفرنسي مجرد تابعين للمخابرات ينفذون أوامرها”.
ووجه أستاذ الإعلام التونسي صلاح الدين الدريدي انتقادات للإعلام التونسي، حيث قال “بعد أن شيطننا الإعلام الغربي أصبحنا نشيد بدوره في التأثير على الرأي العام الدولي للخروج بالحرب على غزة من مساراتها العسكرية الى مساراتها الانسانية”.
وسائل الإعلام الفرنسية تتميز أحيانًا بالشوفينية في الدفاع عن المصالح العليا لأمتها
وكانت وزارة الخارجية قالت في أغسطس الماضي في بيان إنّ تونس تجدّد رفضها القاطع للمُغالطات والشّائعات التي اتّخذت شكل حملات مُغرضة تقف وراءها أطرافٌ تسعى إلى تأجيج الوضع. وأتى احتجاج وزارة الخارجية التونسية في ردٍّ على تقارير وبيانات صادرة عن منظّمات دوليّة وعدد من وسائل الإعلام بشأن تعامُل السّلطات التّونسيّة في مواجهة تزايد التدفقات غير المسبوقة للمهاجرين غير النّظاميّين ووضعياتهم الإنسانية.
وتتميز وسائل الإعلام الفرنسية أحيانًا بالشوفينية في الدفاع عن المصالح العليا لأمتها. وسبق أن أثارت صورة اختارها الإعلام الفرنسي عنوانا لجزء من تغطيته القمة الفرنكوفونية التي انعقدت العام الماضي في تونس، تظهر الرئيس التونسي قيس سعيد منحنيا قليلا أمام الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في ما يظهر الأخير وهو يشير بيده، جدلا واسعا على مواقع التواصل الاجتماعي وفي الإعلام التونسي.
وفي ما رأى البعض في الصورة رئيس دولة أكثر طولا من نظيره ويميل نحوه قليلا حتى لا يفوته شيء مما يقوله نظيره الأقصر، حمل البعض الصورة أبعادا سياسية حين اعتبرها “خضوعا لإملاءات المستعمر”.
ويقول مراقبون “حتى لو لم تعترف بذلك أبدًا، فإن وسائل الإعلام الفرنسية لم تختر الصورة عبثا بل عن قصد. وتبدو النوايا واضحة: الرئيس الفرنسي يشير إلى الطريق لنظيره التونسي”.
وقال الدريدي “ما يصح – ويستوجب – قوله للسفير الفرنسي، ووزير الإعلام في تونس، حول السيادة الإعلامية: لماذا تحفظونها في فرنسا وأوروبا وتستبيحونها في تونس وقد أصبحتم ‘سيديجا’ (حدث بالفعل c’est déjà) تتحدثون عن السيادة الرقمية؟ وماذا أنجزتم في تونس بطابوركم الخامس”.