تونس تمنع ري المزارع بمياه أحد السدود مع انحسار مخزونه

مستوى المياه بسد الأخماس بولاية سليانة ينذر بالنفاذ بعد بلوغه 250 ألف متر مكعب، بينما طاقة استيعابه الجملية تبلغ سبعة ملايين متر.
الأحد 2024/07/28
أزمة مياه تنذر بالعطش

تونس - أصدرت السلطات الجهوية في ولاية سليانة شمال غرب تونس اليوم الأحد قرارا بإيقاف تزويد المزارع العامة المحيطة بسد "الأخماس" في الجهة بالمياه نتيجة تقلص مخزونه إلى مستويات خطيرة، ويأتي ذلك في ظل الشكاوى من تواصل انقطاع المياه الصالحة للشرب في هذه المدينة وغيرها من المدن.

وأرجعت المندوبية الجهوية للزراعة في الولاية قرارها إلى تراجع كبير في مياه السد "إلى مستوى ينذر بالنفاد".

وقدر المخزون الحالي بنحو 250 ألف متر مكعب بينما يبلغ إجمالي طاقة استيعاب السد سبعة ملايين متر مكعب.

وكانت المندوبية الجهوية للزراعة أعلنت في وقت سابق عن منع الزراعات الفصلية والقرعيات بالمناطق السقوية بالولاية حفاظا على الثروة المائية والاكتفاء بسقي الأشجار المثمرة والأعلاف الخشنة.

ويأتي هذا القرار في وقت يشكو سكان عدد من معتمديات الولاية وغيرها من الولايات من تراجع خدمات المياه في مناطقهم خاصة المياه الصالحة للشرب إضافة إلى صعوبة الوصول إليها، وهو ما دفعهم للاعتراض والتهديد بتصعيد تحركاتهم مع تفاقم هذه الأزمة سنويا.

وأجرى الرئيس التونسي قيس سعيد، الإثنين والثلاثاء الماضيين، زيارة شملت عددا من السدود للوقوف على الأسباب المؤدية إلى انقطاع المياه الصالحة للشراب والري بعدد من الولايات.

وأشار سعيد إلى أن تونس "عرفت في السابق سنوات عجاف ولكن لم يصل الوضع إلى ما هو عليه الآن من قطع للمياه يتواصل على مدى يوم كامل وأكثر أحيانا".

وأكد أن "قطع المياه بهذا الشكل الممنهج والمدبر جريمة في حق الشعب بل هو يمس بالأمن القومي التونسي" وأنه "لا يمكن لمن دبّر لهذه العمليات الإجرامية ومن نفذها أن يبقى خارج المساءلة والعقاب".

وشدد سعيد على أن "الدولة لن تبقى مكتوفة الأيدي أمام من دبر ومن نفذ هذه الجرائم النكراء ووصل بهم الأمر إلى حدّ حرمان المواطن من أبسط حقوقه حتى من قطرة ماء".

وتأتي زيارة الرئيس التونسي لعدد من السدود في وقت تتواصل شكايات تونسيين من انقطاع مياه الشرب في عدد المحافظات، بينها محافظة القيروان حيث نفذ عدد من سكان معتمدية الوسلاتية، الإثنين، وقفة احتجاجية كما قاموا بـ"غلق الطريق الرابطة بين القيروان و الوسلاتية على خلفية الانقطاعات المتكررة للماء الصالح للشرب منذ 5 سنوات متتالية"، وفق ما نقل موقع إذاعة "أي أف أم" المحلية.

كما نفذ عدد من سكان معتمدية طبرقة (محافظة جندوبة)، الإثنين، وقفة احتجاجية أمام مقر فرع "الشركة الوطنية لاستغلال وتوزيع المياه" والمعتمدية "احتجاجا على تواصل انقطاع مياه الشرب عن تجمعاتهم السكنية التي تضم أكثر من 350 عائلة"، وفق ما نقل موقع إذاعة "موزاييك" المحلية.

ووفق آخر تحديث للبيانات، نشره المرصد الوطني للفلاحة، بلغ حجم المخزون المائي في السدود الرئيسية للبلاد حتى يوم 26 يوليو الجاري، 26.6 بالمئة من إجمالي طاقة استيعابها.

وبدأت تونس في وقت سابق من الشهر الجاري في تشغيل محطة تحلية مياه البحر في قابس جنوب البلاد ويجري تجهيز محطتين أخريين في صفاقس وسوسة في مسعى لمجابهة شح المياه.

ولا يزال مخزون المياه غير كاف بالمقارنة مع حجم الاستهلاك اليومي وتهديدات العطش، فضلا عن تواصل إهدار الماء الصالح للشرب، وسط إقرار بأن وضعية المياه في البلاد غير مطمئنة. ويعتبر الجفاف أحد أبرز مظاهر التغير المناخي الذي تعتبر تونس من أكثر دول العالم تأثرا به. ولمواجهة أزمة المياه، لجأت تونس إلى اتخاذ العديد من الإجراءات من ذلك اعتماد نظام حصص ظرفي ومنع وقتي لبعض الاستعمالات كغسل السيارات وري المساحات الخضراء.

كما تعمل تونس على تعزيز دور محطات معالجة المياه، فقد أمضت نهاية يناير الماضي مع البنك الأفريقي للتنمية على اتفاقية قرض بقيمة 89 مليون دولار لتحسين جودة المياه المعالجة وتجديد المعدات واستخدام الطاقة الشمسية في 19 محطة للمعالجة بـ11 ولاية من ولايات البلاد.

وتعود الانقطاعات المتواترة للمياه إلى مشاكل هيكلية تتعلق بالبنية التحتية المتقادمة لقنوات نقل الماء التابعة للشركة التونسية لاستغلال وتوزيع المياه (صوناد)، وعدم توزيع الماء حسب أولوية القطاعات الاجتماعية والزراعية والصناعية.

وتُصنّف تونس ضمن البلدان الفقيرة مائيا نتيجة الجفاف وزيادة الاستهلاك والتغيرات المناخية، ما يجعل من الكميات المجمعة في السدود الضمانة المتوفرة لتدارك العطش.

وتحتل تونس المرتبة الـ30 عالميا من حيث ندرة المياه، حيث تبلغ حصة الفرد 420 مترا مكعبا سنويا، وشهدت البلاد سنوات متتالية من الجفاف. وفي أبريل 2023، أصدرت وزارة الزراعة التونسية قرارا يقضي بالحد من استعمال المياه الصالحة للشرب لأغراض زراعية وريّ المساحات الخضراء وتنظيف الشوارع والأماكن العامة وغسيل السيارات، وباعتماد نظام الحصص لتوزيع المياه على السكان، وأعادت القرار إلى تواتر سنوات الجفاف وضعف الإيرادات بالسدود، مما انعكس سلبا على مخزونها المائي الذي بلغ مستوى غير مسبوق.

وتشهد الموارد المائية في تونس منذ سنوات استنزافا كبيرا بسبب قلة التساقطات والإفراط في استغلال المياه، ولهذا السبب يؤكد المسؤولون أنه أصبح من الضروري وقف نزيف الموارد المائية عبر إعلان حالة الطوارئ المائية.