تونس تلاحق قضائيا جمعيات خيرية ضالعة في ملف تسفير الجهاديين

تونس - أصدر قاضي التحقيق بالقطب القضائي لمكافحة الإرهاب بتونس (محكمة مختصة) الأربعاء مذكرات إيداع بالسجن بحقّ قائمين على جمعيات خيرية أثبتت الأبحاث تورطها بملف التسفير لبؤر التوتر.
وقالت حنان قداس، المتحدثة الرسمية باسم قطب مكافحة الإرهاب، إنه "مع تقدم التحقيقات، تم الوقوف على تورط عدة جمعيات في الظاهر نشاطها اجتماعي خيري وفي الباطن تمول عمليات التسفير فيما يعرف بالجناح المالي".
وأكدت قداس، في تصريحات إعلامية، أنه بناء على هذه المعطيات، أصدر قاضي التحقيق عدة مذكرات إيداع بالسجن بحق مسيري وأمناء مال هذه الجمعيات، على غرار جمعية "مرحمة" للأعمال الخيرية.
والجمعية، وفق المتحدثة الرسمية باسم قطب مكافحة الإرهاب، كانت تتلقى تمويلات أجنبية ولها علاقات بعدة وكالات بعدة وكلات أسفار ضالعة في عملية التسفير.
وبناء على ذلك، تم إصدار بطاقة إيداع بالسجن بحق أمين مال الجمعية والذي شغل المنصب بالفترة الممتدة منذ تاريخ إنشائها إلى عام 2014.
والفترة تتزامن مع ذروة عمليات تسفير الشباب التونسي للقتال ضمن التنظيمات الإرهابية، ولا تزال التحريات جارية للكشف عن كل المتورطين في عمليات التسفير.
وسبق أن قررت اللجنة الوطنية لمكافحة الارهاب، تجميد الأموال والموارد الاقتصادية التابعة لجمعية "مرحمة" وذلك لمدة 6 أشهر قابلة للتجديد، وفق ما ورد في الجريدة الرسمية للجمهورية التونسية بتاريخ 14 يوليو 2023.
وكانت الجمعية أعلنت سابقا في بيان لها عن تجميد حساباتها البنكية بتاريخ 14 ديسمبر 2022 معبرة عن أسفها للتأثيرات التي وصفتها بالجسيمة لهذا القرار على مسار المشاريع التنموية التي هي بصدد تنزيلها.
وفي سبتمبر 2022، فتح القضاء التونسي من جديد ملفات قضايا تسفير الشباب إلى بؤر التوتر والإرهاب خلال عامي 2012 و2013.
وطالت تحقيقاته الموسعة مسؤولين أمنيين ووزراء سابقين ورجال أعمال وسياسيين مقربين من حركة النهضة الإسلامية، الأمر الذي اعتبره مراقبون بداية لمفاجآت خطيرة ستكشف من أمّن لهم الطريق وأخفى آثار المتورطين.
وشملت قائمة المتهمين أكثر من 100 شخص من بينهم زعيم حركة النهضة راشد الغنوشي وعلي العريض، وهو رئيس وزراء سابق ووزير داخلية في حكومتي الترويكا 1 و2، والحبيب اللوز القيادي التاريخي ورئيس جمعية الدعوة والإصلاح. ومحمد فريخة القيادي السابق بالنهضة وصاحب شركة طيران خاصة بشبهة التورط في تسفير الشباب للقتال ضمن المجموعات الإرهابية في سوريا.
وكشفت تقارير سابقة أن جمعيات تنشط تحت غطاء خيري ساهمت في تمويل ونقل نحو 6000 من الشباب التونسي إلى بؤر التوتر في العراق وسوريا والتحاقهم بتنظيم داعش.
ويعود فتح الملف إلى شكوى تقدمت بها النائبة بالبرلمان والعضوة السابقة بلجنة التحقيق البرلمانية في شبكات التسفير فاطمة المسدي، في ديسمبر 2021 لدى القضاء العسكري، للكشف عن ملابسات ملف التسفير والأطراف المتورطة فيه، والذي يعدّ من أكثر الملفات الشائكة والغامضة في تونس.
وعلى مدار سنوات حكمها، أجهضت حركة النهضة مساع عدة للتعامل مع ملف تسفير الشباب، وتسببت ممارسات الحركة في عرقلة عمل لجنة تحقيق برلمانية مخصصة لكشف شبكات التسفير، وتم إجبار رئيستها على الانسحاب من موقعها، بعد أن كشفت خيوط هذه الشبكات وعلاقتها بالنهضة.
واتهمت الأحزاب العلمانية في تونس حركة النهضة بالتساهل مع إسلاميين متشددين أثناء فترة حكمها بعد الثورة وحث الشبان في المساجد والاجتماعات الخاصة على الجهاد في سوريا، وهو أمر تنفيه الحركة باستمرار.
وكانت إقالة القاضي بشير العكرمي في يونيو 2022 في عملية تطهير للقضاء، بداية رفع الغطاء الذي حال دون فتح ملف تسفير الإرهابيين والعديد من الملفات الأخرى.
ويتهم بعض النشطاء السياسيين العكرمي، بأنه قريب جدا من حركة النهضة، وبأنه يوقف التحقيق في آلاف الملفات المتعلقة بالإرهاب، وتمت إقالته من قبل رئيس محكمة التعقيب بتهمة التستر على ملفات متعلقة بالإرهاب، وبينها أيضا اغتيال شكري بلعيد ومحمد البراهمي.