تونس تكافح لوقف تقدم الحرائق

تونس - تشهد عدة مناطق تونسية، اندلاع عدد من الحرائق بمساحات كبرى من الغابات بعديد المناطق والولايات (المحافظات)، إثر تسجيل درجات غير مسبوقة من الحرارة المرتفعة بالبلاد.
وواصلت فرق الإطفاء جهودها الثلاثاء للسيطرة على حريق هائل في طبرقة وجبل ملولة بولاية جندوبة (شمال غرب) البلاد، ومناطق أخرى.
وارتفعت درجة الحرارة في مختلف المناطق التونسية ما بين 6 و10 درجات عن المعدل الموسمي وصولا إلى نحو 50 درجة مئوية (نصف درجة الغليان)، في مناطق بينها العاصمة، ما دفع الناس إلى الفرار نحو الشواطئ وسط تكرار انقطاع التيار الكهربائي.
وفي طبرقة، القريبة من الحدود الجزائرية غربا، لا تزال النيران مشتعلة في منطقة “عين الصبح” وقد توسعت بفعل الرياح والحرارة الشديدة المسجلة الاثنين.
وتكافح فرق الإطفاء ووحدات من الجيش بمساعدة مروحيات عسكرية وطائرة إطفاء متخصصة للحيلولة دون تمدد الحرائق.
وأظهرت صور موثقة للحرائق ألسنة لهب هائلة متصاعدة ودخانا كثيفا في عدة نقاط متفرقة من المنطقة، وقال المتحدث باسم الحماية المدنية معز تريعة إن النيران اقتربت من مطار طبرقة.
ووصلت درجة الحرارة الاثنين في قلب العاصمة تونس إلى 49 درجة مئوية في الظل، وارتفعت إلى 56 درجة في الشمس، بينما خلت الشوارع من المارة باستثناء المضطرين.
ولا تزال الجهود مستمرة لاحتواء حريق جبل ملولة المشتعل منذ نحو أسبوع على مقربة من المعبر الحدودي مع الجزائر.
وهناك على الأقل أربعة حرائق أخرى اندلعت في مناطق غابية بولايات باجة وبن عروس وبنزرت وباجة وسليانة (شمال غرب البلاد).
وأدى هبوب رياح قوية مصحوبة بدرجات الحرارة العالية في بلدة ملولة شمال غربي تونس على الحدود مع الجزائر إلى تجدد الحرائق، وأجلت السلطات ما لا يقل عن 300 شخص عن طريق البحر والبر من البلدة التي شهدت حريقا خطيرا استمر أياما.
وأوردت إذاعة محلية، أن السلطات استأنفت الثلاثاء عمليات إطفاء الحريق في جبل سمامة في ولاية القصرين (غرب) بعد توقف جهود الإطفاء مع حلول الظلام.
الجهود لا تزال مستمرة لاحتواء حريق جبل ملولة المشتعل منذ نحو أسبوع على مقربة من المعبر الحدودي مع الجزائر
وأدت درجات الحرارة المرتفعة إلى انقطاع التيار الكهربائي، وهو ما أرجعته الشركة التونسية للكهرباء والغاز (حكومية) إلى الرغبة في تقليل الأحمال، خصوصا في أوقات ذروة الاستهلاك، والتي سجلت في الشهر الجاري مستويات قياسية بلغت 4692 ميغاواط، نتيجة الاستخدام المكثف لمكيفات الهواء.
ولجأ المئات من التونسيين لاسيما من سكان الأحياء الشعبية، الذين تفتقر منازلهم للمكيفات، للنوم مساء في خيام على شواطئ قرطاج أو المرسى في الضاحية الشمالية للعاصمة.
وذكرت الإدارة الجهوية للحماية المدنية بجندوبة، في بلاغات مقتضبة، أنها تقوم بعمليات إجلاء للمتساكنين بالقرب من الغابات، عبر البر بواسطة سيارات وعبر البحر بواسطة زوارق تابعة للحرس البحري وأخرى تابعة للخواص.
وأفاد المتحدث باسم الحماية المدنية، في بلاغ له، أنه تم إجلاء أكثر من 300 شخص عبر البحر بمنطقة ملولة في طبرقة، مشيرًا إلى أنّ “عمليات الإجلاء لا تزال متواصلة”.
كما تم إسعاف 156 شخصًا يعانون صعوبة في التنفس، ثم نقلوا إلى مستشفى طبرقة من طرف الحماية المدنية وبمعية الصحة العمومية.
وشهدت تونس موجة حر شديدة في يوليو الجاري بلغت ذروتها الاثنين مع بلوغ درجات مستوى ناهز 50 درجة، وسجلت عدادات في الشوارع والسيارات على الطرقات مستويات أعلى بالفعل.
وقال معهد الرصد الجوي إن من المتوقع أن تستمر الحرارة بنفس المستوى الثلاثاء قبل أن تسجل انخفاضا ملحوظا في اليومين القادمين.
ورغم المجهودات التي تبذلها السلطات للسيطرة على الحرائق، يخشى التونسيون تكرار سيناريو العام الماضي الذي سجلت فيه البلاد حرائق عديدة تسببت في إلحاق أضرار كبيرة بالمساحات الغابية والطبيعة .
وأعرب نشطاء على شبكات التواصل الاجتماعي عن قلقهم المتزايد من أن تتسع رقعة تلك الحرائق لتشمل مساحات أخرى، ما يشكل خطرا حقيقيا على التجمعات السكنية بالغابات وينعكس سلبا على التوازن البيئي فيها.
وذكّر هؤلاء في تدوينات على فيسبوك بالحرائق التي شهدتها البلاد الصيف الماضي، داعين سلطات بلادهم إلى حماية الغابات وتأمينها خاصة خلال فصل الصيف الذي ترتفع فيه درجات الحرارة إلى مستويات قياسية، وصلت إلى 47 درجة في بعض المناطق.
وسجلت تونس خلال العام الماضي، 88 حريقا أتت على ما يقارب 3 آلاف هكتار في الفترة الممتدة منذ بداية شهر يونيو إلى غاية 26 يوليو، وفق تصريحات سابقة لمتحدث باسم الحماية المدنية.
وتقدر المساحة الإجمالية للغابات في تونس بـ 4.6 مليون هكتار أي ما يعادل 34 في المئة من مساحة التراب التونسي.