تونس تقلص الفجوة في العجز التجاري للطاقة

تونس - استطاعت تونس السيطرة على مستوى العجز التجاري للطاقة العام الماضي، في مؤشر يعتبر خبراء أنه قد يمنح السلطات دافعا إلى المزيد من خفض نفقات الاستيراد خلال 2024 مع تراجع الأسعار في الأسواق العالمية.
وأظهرت بيانات المرصد الوطني للطاقة والمناجم في مذكرة نشرها الاثنين الماضي أن عجز الميزان التجاري للطاقة تقلص في الأشهر الأحد عشر الأولى من العام الماضي بواقع 6 في المئة بمقارنة سنوية ليبلغ 8.36 مليار دينار (2.7 مليار دولار).
وأشارت الإحصائيات إلى انخفاض قيمة الصادرات بنسبة 27 في المئة والواردات بنسبة 13 في المئة وخاصة على مستوى واردات النفط الخام التي تراجعت قيمتها، مع نهاية نوفمبر الماضي، بنسبة 36 في المئة.
وتعد تونس من بين البلدان التي تعتمد بشكل كبير على واردات الطاقة باعتبارها لا تنتج النفط والغاز بما يسد الطلب المحلي، وهي تشتري شحنات من مصادر مختلفة وقد كثفت في الأشهر الأخيرة مشتريات الوقود من روسيا.
وبلغ الإنتاج النفطي للبلاد في الفترة المذكورة حوالي 1.4 مليون طن مكافئ نفط، ما يعد انخفاضا بنسبة 5 في المئة بالمقارنة مع نفس الفترة من 2022 والتي شهدت إنتاج 1.5 مليون طن مكافئ نفط.
◙ قطاع استكشاف وإنتاج وتطوير المحروقات واجه تحديات كبيرة منذ تفشي جائحة كورونا، من بينها تراجع سعر النفط في السوق العالمية والتداعيات الصحية للجائحة
وبلغ إنتاج سوائل الغاز، بما في ذلك إنتاج معمل ولاية (محافظة) قابس جنوب البلاد، نحو 145 ألف طن مكافئ نفط، مقابل مئة ألف طن مكافئ نفط على أساس سنوي، مسجلا ارتفاعا بنسبة 44 في المئة.
وواجه قطاع استكشاف وإنتاج وتطوير المحروقات تحديات كبيرة منذ تفشي جائحة كورونا، من بينها تراجع سعر النفط في السوق العالمية والتداعيات الصحية للجائحة.
كما أن الاحتجاجات الاجتماعية أدت منذ صيف 2020 إلى انخفاض الإنتاج اليومي تدريجيا في الحقول الواقعة بالجنوب قبل أن تتوقف كليا.
وأكد المرصد أن دخول حقل حلق المنزل للنفط القريب من مدينة الحمامات حيّز الإنتاج خلال يناير 2021 ساهم في ارتفاع مستوى إنتاج حقل نوارة، وبالتالي ساعد في دفع نمو الإنتاج المحلي من المحروقات بشكل كبير.
ولفت إلى الشروع في حفر بئر استكشافية خامسة في منطقة الشعال في ولاية صفاقس، وبئرين تطويريتين بامتيازي الاستغلال، هما بئر بن ترتر التي تستثمر فيها شركة أتوغ البريطانية وبئر سيدي مرزوق، ليرتفع عدد الآبار التطويرية الجديدة إلى ثلاث آبار.
وشهد إنتاج الغاز الطبيعي التجاري تراجعا مع نهاية نوفمبر الماضي، بنسبة 8 في المئة بمقارنة سنوية، ليبلغ 1.51 مليون طن مكافئ نفط.
ويعود التراجع بالأساس إلى تواصل الانخفاض في إنتاج أهم الحقول على غرار حقل نوارة بنسبة اثنين في المئة وحقل غاز شرقي بواقع 12 في المئة وحقول باقل - فرانيق وصبرية وغريب بنحو 8 في المئة وحقل الغاز التجاري في الجنوب بنحو 34 في المئة.
وتسد الدولة حوالي 8 في المئة من احتياجاتها السنوية من الطاقة من الإنتاج المحلي والباقي يأتي عبر الاستيراد.
ومنذ 2011 شكل بند الطاقة بالموازنة صداعا مزمنا للدولة، إذ تظهر البيانات أن تكاليف استيراد النفط والغاز تلتهم 2.1 مليار دولار من مخصصات الإنفاق.
وقبل الأزمة الصحية سجل متوسط العجز التجاري مستويات قياسية قدرت بنحو 5.3 مليار دولار، مما ضغط على الاحتياطي النقدي للبلاد الذي بلغ في عام 2016 نحو 4.3 مليار دولار، أما الآن فيصل إلى قرابة 8 مليارات دولار.
◙ نمو الواردات في العشرية الماضية كان نتيجة السياسات الخاطئة للحكومات المتعاقبة مما أدى إلى تسويق حصة كبيرة من السلع المهرّبة في السوق المحلية
ويرى متابعون أن نمو الواردات في العشرية الماضية كان نتيجة السياسات الخاطئة للحكومات المتعاقبة، مما أدى في نهاية المطاف إلى تسويق حصة كبيرة من السلع المهرّبة في السوق المحلية.
وتلقي أوساط الأعمال باللوم على حكومة الترويكا، التي قادتها حركة النهضة في عام 2012 حينما فتحت الباب أمام غزو البضائع التركية وأغرقت البلاد في حالة من الفوضى الاقتصادية أدت إلى الدخول في نفق من الأزمات المتتالية.
وتهدف تونس، التي تكافح لإصلاح ماليتها العامة المتعثرة، إلى خفض العجز المالي إلى 6.6 في المئة في 2024 من 7.7 في المئة في العام الماضي، مع فرض ضرائب إضافية على البنوك والفنادق والمطاعم والمقاهي السياحية وشركات المشروبات الكحولية.
وتحتاج البلاد بشكل عاجل إلى مساعدة دولية منذ أشهر رغم تعثر المفاوضات مع صندوق النقد الدولي، حيث تواجه أزمة في المالية العامة أثارت مخاوف من عجزها عن سداد الديون وأسهمت في نقص الغذاء والوقود.
وستزداد حاجة البلاد إلى الاقتراض الخارجي خلال العام الحالي بنسبة 34 في المئة لتبلغ 5.2 مليار دولار، في حين أن من المتوقع ارتفاع خدمة الدين العام 44.4 في المئة لتصل إلى 6.6 مليار دولار.