تونس تقصر الاحتفالات في معبد الغريبة على المقيمين اليهود

تونس - أعلنت هيئة تنظيم الزيارة السنوية الدينية لمعبد الغريبة بجزيرة جربة جنوب البلاد اليوم الجمعة في بيان، عن إلغاء مظاهر الاحتفال في موسم الحج لهذا العام. وستقتصر احتفالات هذا العام التي تجري في الفترة بين 11 و18 مايو الجاري، على ممارسة الطقوس الدينية داخل المعبد فقط وعلى مشاركة اليهود المقيمين بتونس، وفق بيان الهيئة المنظمة.
ولم توضح الهيئة أسباب هذا القرار، لكن سبق لها العام الماضي أن اتخذت قرارا مماثلا بسبب العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة وتداعياته، وسط مخاوف أمنية خاصة مع موجة العاطف التونسي مع أهلي القطاع الذين تعرضوا لعمليات إبادة.
وللعام الثاني على التوالي يجري اختصار احتفالات المعبد التي تجتذب آلاف اليهود في العالم بما ذلك زائرون من إسرائيل. وتمثل الاحتفالات في العادة إعلانا بانطلاق ذروة الموسم السياحي الصيفي في جزيرة جربة التي تضم قرابة 1500 شخص من الأقلية اليهودية.
ويُرجح أن اقتصار الاحتفالات على اليهود المقيمين في تونس وممارسة الطقوس الدينية داخل المعبد فقط، يأتي للسبب ذاته مع استمرار إسرائيل عملياتها الدموية في غزة بعد تقويضها اتفاقا لوقف إطلاق النار.
ويأتي القرار بينما طالب وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر السلطات التونسية باتخاذ "كافة الإجراءات اللازمة" لحماية الجالية اليهودية على إثر تعرض تاجر مجوهرات يهودي في جزيرة جربة لاعتداء لا تزال دوافعه مجهولة ولم يعرف بعد ما إذا كان لأسباب دينية أو في علاقة بما يجري في غزة أم بسبب خلاف شخصي.
وكتب ساعر في تغريدة على حسابه بمنصة 'اكس' "أدين بشدة الاعتداء الذي استهدف أحد أفراد الجالية اليهودية في جربة وأتمنى للمصاب الشفاء العاجل"، مستحضرا في حديثه عن هذا الاعتداء، حادثة دموية سابقة وقعت قبل عامين وأسفرت عن سقوط قتلى من اليهود وقوات الأمن خلال احتفال بعيد 'لاك بعومر' أو عيد الشعير وهو احتفال ثانوي يقام في الثامن عشر مايو من كل عام.
وكانت وسائل اعلام تونسية قد تحدثت عن تعرض تاجر يهودي في سوق الصاغة (الذهب) بجربة لهجوم بسكين من قبل شخص، موضحة أنه أصيب بجراح طفيفة في اليد بينما لم تعرف دوافع المعتدي على وجه الدقة، في حين تحدثت بعض الروايات عن نشوب خلاف بين الرجلين، بينما لم يصدر عن وزارة الداخلية أو السلطة المحلية أي بيان رسمي حول الحادثة.
ويقدر عدد اليهود في تونس بما بين ألف و500 شخص وهم من أقدم الجاليات اليهودية في العالم اذ يعود تواجدهم هناك إلى نحو 2600 عام وأكثرهم يتمركزون في جزيرة جربة وبعضهم في العاصمة وقلة متفرقة تقيم في مدن أخرى مثل حلق الواد.
وتمكن اليهود من الاندماج في المجتمع التونسي مع الحفاظ على هويتهم الدينية والثقافية ويتحدثون العربية واللهجة التونسية بطلاقة ويشاركون في الحياة الاقتصادية والاجتماعية.
وتاريخيا تمتع اليهود في تونس بحرية نسبية في ممارسة شعائرهم الدينية وكانت معابدهم تحظى بالاحترام، بينما يعتبر معبد الغريبة في جربة أقدم كنيس يهودي في أفريقيا ويستقطب الزوار من جميع أنحاء العالم.
وتعتبر جزيرة جربة نموذجا للتعايش الديني، حيث يعيش المسلمون واليهود جنبا إلى جنب في وئام ويتبادلون الزيارات في المناسبات الاجتماعية والدينية. وتوجد في حومة السوق بجربة كنائس يهودية ومساجد متجاورة.
ولعب اليهود دورا هاما في التجارة والحرف في تونس وكانوا يتمتعون بمهارات عالية في بعض الصناعات مثل صناعة الذهب والمجوهرات في جربة وكان هناك تأثير ثقافي متبادل بين المسلمين واليهود في مجالات مثل اللغة والعادات والتقاليد.
وانخفض عدد اليهود في تونس بشكل كبير من حوالي 100 ألف في خمسينات القرن الماضي إلى حوالي 1500-2000 حاليا، مع هجرة كثيرين إلى إسرائيل وأوروبا.
ويؤثر الصراع الفلسطيني الإسرائيلي أحيانا على العلاقات بين المسلمين واليهود في تونس، كما حدث في قرار الاقتصار على الطقوس الدينية في معبد الغريبة عام 2024 تضامنا مع الفلسطينيين وهو القرار الذي اتخذته السلطات التونسية هذا العام أيضا.