تونس تفتح الباب لإعادة العلاقات الكاملة مع سوريا

قيس سعيد يدعو إلى تبادل تعيين السفراء بين تونس ودمشق، مشددا على رفض بلاده تقسيم سوريا إلى دويلات.
السبت 2023/03/11
قيس سعيد يؤكد أن النظام السوري مسألة تعني الشعب السوري وحده

تونس – أكد الرئيس التونسي قيس سعيد الجمعة، أنه لا مبرر لعدم تبادل تعيين السفراء بين تونس وسوريا، في أحدث مؤشر على أن العودة الكاملة للعلاقات الدبلوماسية مع نظام الرئيس بشار الأسد قد تكون وشيكة، وذلك في إطار جهود السلطات التونسية للكشف عن ملابسات تسفير الجهاديين خلال السنوات التي تولت فيها حركة النهضة الإسلامية إدارة الدولة.

وقال سعيد لوزير خارجيته نبيل عمار خلال اجتماع إنه يتعين اتخاذ قرار بهذا الشأن، وذلك وفقا لمقطع مصور نشره مكتب الرئيس على فيسبوك.

وانقطعت العلاقات الدبلوماسية بين تونس وسوريا منذ الرابع من فبراير 2012 بقرار من الرئيس الأسبق محمد المنصف المرزوقي، على خلفية الحرب في سوريا واستضافة الدولة التونسية مؤتمر "أصدقاء سوريا"، لكن في يوليو 2014، افتتحت تونس مكتبا للخدمات الإدارية والقنصلية لفائدة الجالية التونسية في سوريا في عهد الرئيس السابق الباجي قائد السبسي.

ومنذ 2015 عينت وزارة الخارجية التونسية قنصلا عاما (دون رتبة السفير) في دمشق، لكن تونس أرسلت إشارات لإعادة العلاقات مع سوريا بشكل كامل منذ اتخاذ الرئيس سعيّد للإجراءات الاستثنائية في الخامس والعشرين من يوليو 2021، غير أنه لم يتم تفعيلها وسط مخاوف من أن يثير أي قرار بإعادة العلاقات الدبلوماسية غضب الغرب، وخاصة الولايات المتحدة التي تنظر بالكثير من القلق إلى التطورات السياسية الحاصلة في تونس، وفي خضم أزمة اقتصادية تمر بها البلاد والبحث عن تمويلات خارجية.

ويرى مراقبون أن الرئيس التونسي يبحث من وراء جهود إعادة العلاقات الكشف عن ملابسات قضية تسفير الجهاديين إلى بؤر التوتر، وهي قضية شغلت الرأي العام التونسي كثيرا ووجهت فيها اتهامات لقيادات في حركة النهضة، على غرار وزير الداخلية الأسبق علي العريض، بالتورط فيها.

وضغطت بعض الأحزاب والقوى السياسية المؤيدة للرئيس، على غرار حركة الشعب القومية الناصرية، من أجل إعادة العلاقات الدبلوماسية مع دمشق. وعززت تونس الشهر الماضي بعثتها الدبلوماسية في دمشق بدبلوماسي من بيروت، لكن مع إعلان الرئيس أنه يجب اتخاذ قرار، فمن المتوقع على نطاق واسع أن تعين وزارة الخارجية قريبا سفيرا لها في دمشق.

وقال الرئيس سعيد إن مسألة النظام السوري مسألة تعني الشعب السوري وحده.

وأضاف لا نقبل أن تقسم سوريا إلى أشلاء، وهو مخطط موجود منذ أكثر من قرن كان يهدف إلى تقسيم سوريا إلى دويلات.

وجدد سعيد التأكيد على أنه لا يقبل بالتدخل في شؤون بلاده "إطلاقا"، مضيفا أن "سيادتنا الوطنية فوق كل اعتبار ولا نتدخل في شؤون أحد".

وخلال عقد من حكم هيمن عليه الإسلاميون بقيادة حركة النهضة، التحق بالتنظيمات المتطرفة آلاف الجهاديين التونسيين منهم من قتل ومنهم من اعتقلته قوات النظام السوري وبعضهم عاد إلى البلاد.

ويأتي قرار الرئيس التونسي بينما ينظر القضاء في واحدة من القضايا الإرهابية المعقدة تتعلق بتسفير الجهاديين التونسيين إلى بؤر التوتر والذين قدرت الأمم المتحدة عددهم في السنوات التي أعقبت اندلاع النزاع السوري بما بين 5 إلى 6 آلاف جهادي.

ويحقق القطب القضائي لمكافحة الإرهاب مع قيادات في حركة النهضة بشبهة التورط في ملف التسفير ومن بينهم نائب رئيس الحركة رئيس الحكومة الأسبق علي العريض.

وإعادة العلاقات الدبلوماسية مع دمشق قد تفيد كثيرا التحقيقات المتعلقة بتسفير الجهاديين التونسيين إلى سوريا وقد تفتح الكثير من الملفات مع وجود معتقلين تونسيين من تنظيم الدولة الإسلامية في سجون النظام السوري.

ويرجح كذلك أن النظام السوري يمتلك الكثير من الملفات التي قد تفيد تونس في مكافحة الإرهاب، بعد أن بثت وسائل إعلام سورية رسمية خلال السنوات الماضية شهادات لجهاديين تونسيين كشفوا فيها رحلة السفر إلى سوريا من بداية التجنيد والاستقطاب إلى مراكز التجميع في ليبيا وصولا إلى نقلهم في رحلات جوية على متن طائرات تابعة لشركة أحدثها أحد أمراء الحرب وقائد سابق في الجماعة الليبية المقاتلة، إلى مرحلة دخول الأراضي السورية عبر الحدود من تركيا دون عراقيل.

وقال المعتقلون التونسيون في تلك الشهادات أنه جرى تسهيل سفرهم إلى ليبيا ومنها إلى اسطنبول حتى دخول الأراضي السورية، دون عراقيل.

وسبق لقيادات سياسية من المعارضة أن اتهمت حركة النهضة بالتورط في تسفير جهاديين، وهي ما نفته مرارا، بينما أعيد مؤخرا فتح الملف الذي ظل حبيس الرفوف حين كان القيادي في حركة النهضة نورالدين البحيري وزيرا للعدل.

واعتقل البحيري وخضع للتحقيق قبل أن يمنح سراحا شرطيا مع المنع من السفر وذلك على ذمة التحقيقات ومنها ما يتعلق ببيع الجنسية التونسية وجوازات سفر لأجانب.

وأرسلت تونس طائرات إغاثة إلى سوريا تتضمن فرق إنقاذ وحماية مدنية والتي وصلت إلى مطار حلب الخاضع لسيطرة حكومة السورية وذلك في خضم جهود عربية لدعم الشعب السوري.