تونس تفاوض للحصول على قرض من صندوق النقد لإنعاش الاقتصاد العليل

تونس – تسعى تونس إلى التفاوض على برنامج قرض بحوالي 4 مليارات دولار مع صندوق النقد الدولي على ثلاث سنوات، مقابل حزمة إصلاحات اقترحتها الحكومة لإنعاش الاقتصاد العليل.
ويبدأ مسؤولون تونسيون الأسبوع المقبل زيارة إلى واشنطن للنقاش مع الصندوق حول برنامج تمويلي.
وبلغ حجم المديونية العمومية للبلاد التونسية 90 في المئة من إجمالي الناتج المحلي، فيما ناهز عجز الميزانية العامة للدولة المتوقع خلال العام 2020، 11.5 في المئة من ذات الناتج.
وتعتبر وكالة "فيتش رايتينغ" الأميركية أن ضغوط القروض على تونس كبيرة وكبيرة جدا، وأن البلاد أصبحت مرتبطة بصفة خطيرة بالديون الخارجية.
والوصول إلى اتفاق جديد مع صندوق النقد أمر حيوي لتونس التي تعاني من أزمة اقتصادية غير مسبوقة مع عجز مالي بلغ 11.5 في المئة لأول مرة بنهاية 2020، بينما انكمش الاقتصاد بنسبة 8.8 في المئة بسبب تداعيات أزمة كورونا.
وقال رئيس الحكومة هشام المشيشي الجمعة "يجب توحيد كل الجهود في تونس لأننا نعتبر أننا وصلنا إلى الفرصة الأخيرة ويجب أن نستغلها لإنقاذ الاقتصاد والبلاد".
وأضاف "نحن جديون وواثقون من الوصول إلى ااتفاق مع الصندوق لأن هناك وعيا بضرورة شن إصلاحات عاجلة ولأن برنامج الإصلاحات اقترحناه نحن ويحتاجه اقتصادنا للخروج من أزمته في مرحلة أولى".
وتوقع المشيشي أن تستمر النقاشات شهرين مع صندوق النقد، وأن يتم التوصل إلى ااتفاق بين الجانبين في يونيو.
وتابع "يتعين على المريض أن يتناول (الدواء) حتى إن لم يعجبه مدام ذلك ضروريا..هذا ما سنفعله.. سنمضي قدما في الإصلاحات الاقتصادية".
وذكر المشيشي أن هناك توافقا حول المحاور الكبرى للإصلاحات مع الشركاء الاجتماعيين ومن بينهم الاتحاد العام التونسي للشغل ذو التأثير القوي واتحاد الصناعة والتجارة واتحاد الفلاحين، لكنه شدد على أن بعض التفاصيل سيستمر النقاش حولها مع شركاء الحكومة ومن بينها آليات تنفيذ هذه المقترحات.
وقال "هناك أيضا اتفاق على أن التأخير في الإصلاحات سيضر الاقتصاد أكثر"، مشيرا إلى أن الإصلاحات ستركز على ترشيد الدعم وإصلاح الشركات العامة والمزيد من العدالة في الضرائب.
وبخصوص مخصصات الأجور قال المشيشي إنها "عالية جدا" في تونس، لكن الرواتب لا تزال دون المستوى، قائلا "إن هناك الكثير الذي يتعين القيام به في مجال رفع الناتج المحلي الإجمالي مما سيمكن من خفض حجم الأجور قياسا إلى الناتج المحلي الإجمالي".
وقال إن زيادة النمو ستكون عبر إصلاحات في شركات عامة تقوم بدور هام مثل شركة الخطوط التونسية وغيرها من الشركات العامة وفي قطاعات حيوية.
وعبر رئيس الحكومة عن ثقته في قدرة بلاده على الوفاء بالتزاماتها وتسديد ديونها الخارجية رغم الصعوبات، مضيفا أن بلاده لديها نقاشات مع بلدان من بينها قطر لإبرام اتفاقيات مالية من شأنها تخفيف الأزمة الاقتصادية.
وتتوقع ميزانية تونس للعام 2021 اقتراض 7.2 مليار دولار، تشمل قروضا أجنبية بحوالي خمسة مليارات دولار. وتُقدر مدفوعات الديون المستحقة هذا العام بنحو 16 مليار دينار (5.75 مليار دولار)، ارتفاعا من 11 مليار دينار في 2020.
وتأتي تصريحات المشيشي بينما تواجه تونس أسوأ أزمة مالية مع تعطل الإنتاج في قطاعات حيوية أو تراجعه بسبب احتجاجات ومطالب اجتماعية، وبسبب جمود سياسي غير مسبوق في ظل معركة صلاحيات بين الرئيس التونسي قيس سعيد ورئيس الحكومة هشام المشيشي المدعوم من حركة النهضة.
وتواجه تونس أزمة صحية مع وضع وبائي تصفه وزارة الصحة بأنه "خطير للغاية"، بعد تسجيل قفزات قياسية في عدد الإصابات والوفيات بفايروس كورونا، وعجز المستشفيات وأقسام الإنعاش عن استيعاب العدد الهائل من المصابين.
وأشار المشيشي إلى أن الحكومة تأخذ في الاعتبار الوضع الاقتصادي الصعب للبلاد في قراراتها لإبطاء انتشار فايروس كورونا، لكنها لن تتردد في اتخاذ قرارات جذرية إذا أصبح ذلك ضروريا.
وهذه أول إشارة من المشيشي إلى أنه قد يفرض عزلا عاما إذا استمر الوضع الوبائي الحرج في البلاد، بعد أن كان يرفض الخوض في هذا الاحتمال لتأثيره الشديد على الاقتصاد المنهار.
وارتفع إجمالي الوفيات في تونس إلى أكثر من عشرة آلاف شخص، وسط تحذير مسؤولين من انهيار المنظومة الصحية في البلاد مع بلوغ أقسام الإنعاش طاقاتها القصوى في أغلب المستشفيات ونقص في الأكسجين في بعضها ومعاناة الطواقم الطبية من الإنهاك.
وقال المشيشي ردا على سؤال حول رفض حكومته فرض إغلاق عام للسيطرة على الجائحة رغم الانتقادات "نحن نحاول متابعة الوضع الوبائي ونأخد أيضا الجانب الاقتصادي وإذا استوجب الأمر اتخاذ إجراء راديكالي سنفعل".
وأغلقت الحكومة المدارس هذا الشهر وحظرت حركة السيارات من السابعة مساء، فيما أبقت على الحظر العام من العاشرة مساء.
والأربعاء قالت الحكومة إنها ستفرض حجرا صحيا إجباريا لمدة أسبوع على كل الوافدين اعتبارا من الثالث من مايو وستمدد تعليق الدراسة حتى 16 مايو.
وخلال تفشي الجائحة عالميا في العام الماضي فرضت الحكومة إغلاقا عاما لمدة شهرين مما أبطأ بلوغ كوفيد - 19 الذروة إلى الخريف، لكن ذلك كلف الفقراء والاقتصاد المثقل بالديون ثمنا باهظا.