تونس تشرع في إصلاح منظومة الأدوية وتطوير إطارها التشريعي

تونس - أعلن البرلمان التونسي عن المصادقة على إحداث الوكالة الوطنية للدواء ومواد الصحة، في خطوة اعتبرها خبراء ومراقبون مكسبا كبيرا لقطاع الصحة في البلاد، وأولوية من الأولويات الإستراتيجية الوطنية للأدوية.
وستمكن الوكالة الوطنية للأدوية من توحيد عمل كل المتدخلين في قطاع الدواء، وتسهيل عمل المستثمرين في المجال خاصة من خلال التقليص في الآجال الإدارية، فضلا عن تطوير التعاون الدولي في قطاع الدواء وتعزيز تصنيف تونس مع الهيئات الدولية المتخصصة.
وأشار مجلس نواب الشعب التونسي إلى أن لجنة الصحة وشؤون المرأة والأسرة والشؤون الاجتماعية وذوي الإعاقة صادقت بالإجماع على مشروع القانون المتعلق بتأسيس الوكالة الوطنية للدواء ومواد الصحة.
وأوضح المجلس في بلاغ نشره بصفحته الرسمية على فيسبوك مساء الخميس، أنه تمت المصادقة على مشروع القانون برمّته بعد المصادقة على تعديل الفصل 15 الذي ينص على الإلغاء التدريجي لجميع الأحكام السابقة المخالفة لهذا القانون وذلك بتغيير عبارة "في أجل أقصاه خمس سنوات" بعبارة "في أجل أقصاه ثلاث سنوات" وذلك بهدف التسريع في إحداث الوكالة. ويندرج مشروع القانون المعروض في إطار إصلاح المنظومة الدوائية عامة وتطوير الإطار التشريعي المتعلق بحماية صحة المستهلك وسلامة المنتجات المروّجة.
وأوضح خبراء الصحة أن الغاية من إحداث الوكالة هو تركيز هياكل موحدة توكل إليها مهمة تنظيم القطاع في كافة مراحله وضمان شفافية التصرف في الدواء ومواد الصحة والعمل على حل مختلف الإشكاليات والصعوبات التي يواجهها قطاع الصناعات الصيدلية وشبه الصيدلية وخاصة التسريع في معالجة الملفات المتعلقة بمنح رخص الترويج والعرض للاستهلاك، إلى جانب تطبيق أنظمة رقابية مبنية على أسس علمية تستجيب إلى المعايير العالمية بهدف ضمان سلامة وفاعلية المواد الصحية.
وأكد رئيس الغرفة النقابية الوطنية لصناعة الأدوية التابعة لمنظمة الأعراف طارق الحمامي أن "إحداث الوكالة الوطنية للدواء ومواد الصحة من شأنه التسريع في القيام بإصلاحات كبرى تهم القطاع وإضفاء المزيد من الفاعلية على إدارته".
وبين الحمامي في تصريح لوسائل إعلام محلية أن "هذه الوكالة ستوحد مجهودات وخدمات أربع إدارات بوزارة الصحة تهتم بقطاع صناعة الأدوية تتمثل في إدارة الصيدلة والدواء والمخبر الوطني لمراقبة الأدوية وإدارة التفقد الصيدلي وإدارة اليقظة الدوائية، حيث ستنصهر هذه الإدارات في الوكالة مما يضفي مزيدا من التنسيق والفاعلية على أدائها".
وقال الحمامي إن "هذه الوكالة ستعمل على التسريع في نسق وضع إصلاحات تشريعية في قطاع الأدوية والعمل على تفعيلها في أقرب الآجال، فضلا عن إحداث جملة من الآليات التي من شأنها أن تضفي مزيدا من الفاعلية على قطاع الأدوية ولعل من أبرزها إحداث اللجنة الموحدة للأسعار"، معتبرا أن "هذه المؤسسة من شأنها التقليص في آجال تسجيل الأدوية خاصة وأن وزارة الصحة بدأت في اعتماد الرقمنة الأمر الذي سيسرع عملية الحصول على رخص الترويج في السوق المحلية".
وتشير التقديرات إلى أن ثمة 74 شركة تعمل في السوق المحلية، من بينها 36 شركة مختصة في صناعة الأدوية، فيما تركز البقية على صناعة المستلزمات الطبية، برقم معاملات يبلغ سنويا 250 مليون دولار.
ولفت الحمامي إلى أن "الشركات المصنعة للأدوية التي تباشر العمل تضم 6 شركات أجنبية مستقرة في تونس، تعمل جميعها على توفير 75 في المئة من حاجيات السوق المحلية الاستهلاكية فيما تقوم الصيدلية المركزية باستيراد بقية الحاجيات من الأدوية"، موضحا أن 20 في المئة من إنتاج الأدوية المصنعة محليا يتم تصديرها إلى أفريقيا والبلدان العربية وأوروبا.
ويشغّل قطاع الأدوية بين 9 و10 آلاف شخص، 50 في المئة منهم خرّيجو التعليم العالي. ويجمع خبراء على أن قطاع الرعاية الصحية من أكثر القطاعات فسادا، وأنه ينافس فساد القطاعات الأخرى وأصبح بيئة مثالية لاستيلاء بعض اللوبيات على أموال الشعب بالتحايل عبر صفقات مشبوهة.
وأفاد رئيس النقابة التونسية لأصحاب الصيدليات الخاصة نوفل عميرة بأنّ هذا "الموضوع في الأصل يهم ملف تسجيل الأدوية والمراقبة وتقديم آجال رخص الأدوية، وهذا ما من شأنه أن يتحسّن بالأساس، من خلال هذا المشروع المطروح على أعضاء البرلمان". وأضاف في تصريح لصحيفة محلية “هذا المشروع يهم أيضا موضوع تسريع الإجراءات الإدارية الخاصة بترويج الأدوية في الجمهورية التونسية، والوكالة الوطنية للدواء ومواد الصّحة ستتمتع أيضا باستقلالية مالية ومعنوية تساهم في تسهيل اقتناء المعدات".
وتتواصل مشكلة تهريب الأدوية برّا، حيث تم في وقت سابق إيقاف شاحنات كانت بصدد نقل بضائع منها أدوية خاصة بمرضى الأعصاب. وترتبط الأزمة التي يمر بها قطاع الأدوية بالأزمة المالية لتونس التي تسعى لإبرام اتفاق مع صندوق النقد الدولي يقضي بالحصول على قرض بقيمة 1.9 مليار دولار.