تونس تسعى لمضاعفة إنتاج الفوسفات بحلول 2025

تونس - أعلنت تونس الثلاثاء أنها تتطلع إلى مضاعفة إنتاج الفوسفات خلال السنوات الثلاث المقبلة بعدما شهد القطاع تعافيا ملحوظا في العام الماضي بفضل عودة النشاط على الرغم من التحديات التي لا تزال تعترضه.
وقالت وزيرة الطاقة نائلة نويرة خلال مؤتمر صحافي لعرض المخطط التنموي للفترة بين 2023 و2025 إن بلادها "تسعى لزيادة إنتاج الفوسفات من 3.7 مليون طن في العام الماضي إلى 12 مليونا في 2025".
وتأمل تونس أن تستعيد مكانتها كأبرز المصدرين مستفيدة من ارتفاع كبير في أسعار الأسمدة بسبب الحرب في أوكرانيا خاصة في ظل المنافسة القوية مع المغرب.
وتأتي الخطوة بعد تعثر دام لأكثر من عشر سنوات تسبب في خسارة البلاد لمليارات من الدولارات نتيجة توقف الإنتاج وما رافقه من احتجاجات وسوء إدارة الحكومات المتعاقبة لهذا القطاع.

ويفترض أن تعزز زيادة الإنتاج من إيرادات البلاد التي تمر بأسوأ أزمة مالية على الإطلاق، بينما تترقب موافقة نهائية من صندوق النقد الدولي لنيل قرض بقيمة 1.9 مليار دولار لتنفيذ الإصلاحات المطلوبة.
وتعليقا على الخطة، قال عماد الدرويش الخبير في الطاقة لـ"العرب" إنه "لا بد من الاستثمار في نقل الفوسفات من قبل الشركة التونسية لسكك الحديد وذلك يتطلب إمكانات كبيرة، في وقت تعاني فيه شركات النقل من الإفلاس".
وأضاف "ثمة حل وذلك عبر النقل بالأنابيب من مناجم الفوسفات نحو مدن قابس والصخيرة (جنوب البلاد) مثلما يفعل المغرب"، لافتا إلى أنه "لا توجد استمرارية في المنصب الوزاري ما يحول دون وضع برامج وإستراتيجيات لذلك".
ولفت الدرويش إلى أن المشكلة تتعلق أساسا باللوجستيات أكثر من الإنتاج، إذ يمكن أن يوفر الفوسفات عائدات تتراوح بين 1.5 وملياري دولار سنويا، وهي نفس قيمة القرض الذي تنوي تونس الحصول عليه من صندوق النقد.
واستطرد "يجب أن تكون هناك رؤية اقتصادية شاملة وجديدة، مع حلول اجتماعية فعالة، ومن غير المعقول اليوم أن يأخذ 12 ألف عامل منحة البيئة دون مجهود يذكر".
وتشير الأرقام إلى أن إنتاج الفوسفات التجاري سجل أعلى حصيلة له في العام 2021 منذ تفجر الأزمة قبل أكثر من عقد من الزمن محققا 3.8 مليون طن، حيث ناهز المعدل السنوي للإنتاج في 2010 قرابة ضعف إنتاج 2021.
ويتطلب بلوغ الإنتاج مستواه الطبيعي، وفق شركة فسفاط قفصة، عودة العمل في جميع أماكن الإنتاج بمنطقة الحوض المنجمي، وعدم عودة الاحتجاجات التي أدت إلى توقف نشاط بعض الأماكن خلال السنوات الماضية.
وتهاوى الإنتاج من 8.2 مليون طن سنويا إلى أقل من النصف خلال العشرية الماضية بسبب الإضرابات العمّالية والمطالب المرتبطة بتوفير فرص عمل والتنمية وارتباك تسع حكومات متعاقبة في معالجة أزمة أهم قطاع إستراتيجي.
وقال حسن بن جنانة الأستاذ الجامعي في المالية بكليات الشرق العربي إنه "في 2010 كان الانتاج بين 9 و10 ملايين طن، ولكن هناك ممارسات فساد ومافيا تتحكم في هذا القطاع".
وأكّد في تصريح لـ"العرب" على ضرورة محاسبة من يتحكمون في القطاع، وأن على الدولة أن تتغلب على تلك المافيا، فضلا عن إعادة كامل خطوط الإنتاج.
◙ بلوغ الإنتاج مستواه الطبيعي يتطلب عودة العمل في جميع أماكن الإنتاج بمنطقة الحوض المنجمي وعدم عودة الاحتجاجات التي أدت إلى توقف النشاط
وأوضح أنه "حتى ننتقل إلى إنتاج 10 ملايين طن، يجب توفير ألفي شاحنة نقل يوميا أو 3 قطارات في الحوض المنجمي باتجاه مدينة قابس وهذا يتطلب كلفة عالية".
وأشار بن جنانة إلى "ضرورة مراجعة الأمور المالية في ما يتعلق بالعمال ومردودية العمل".
وبالنظر إلى غياب أرقام رسمية من وزارة الطاقة، فقد قدّر البنك المركزي خسائر النقص في الإنتاج بنحو 40 مليون طن منذ 2011، بينما تجاوزت الخسائر المالية 7 مليارات دولار، لكن المحللين يرون أن الأرقام قد تتجاوز ما يتم الإعلان عنه رسميا.
وكانت تونس أحد أكبر المنتجين في العالم لمعادن الفوسفات، التي تستخدم لتصنيع المخصبات الزراعية (الأسمدة)، وتصدر لقرابة عشرين سوقا، ما جعلها تحتل في بعض الفترات المركز الثاني عالميا، لكن حصتها في السوق هبطت بعد 2011.
لكن الاضطرابات التي خلفها تغيير نظام الرئيس الراحل زين العابدين بن علي وعدم تحمل القطاع لأكثر من 30 ألف شخص يعملون بشكل مباشر وغير مباشر دفعت البلاد إلى التقهقر في الترتيب.