تونس تسعى لتعزيز جذْب السياح العرب إلى سوقها

كثفت تونس جهودها من أجل تجسيد خططها المتعلقة بتحفيز سوقها السياحية وتنويعها على أرض الواقع لإعادة الزخم إلى قطاع عانى لسنوات من التذبذب وخاصة خلال جائحة كورونا، في تحرك يعكس حرص المسؤولين على منح هذه الصناعة تنافسية أكبر.
تونس - تسعى تونس جاهدة لإعطاء صناعة السياحة المزيد من الزخم خلال السنوات المقبلة بهدف زيادة العوائد من خلال التركيز أكثر على الأسواق العربية لجذب المزيد من الزوار من بلدان الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
وشكلت مسألة فتح آفاق جديدة للوجهة التونسية الواعدة وتطوير وتنويع المنتجات السياحية، محور لقاء جمع رئيسة ديوان وزير السياحة لمياء حجي كاهية ورئيس المنظمة العربية للسياحة بندر آل فهيد الذي زار البلاد في وقت سابق هذا الأسبوع.
وناقش الجانبان سبل تعزيز واستقطاب الاستثمارات العربية والخليجية إلى تونس وخاصة في المجال السياحي وإطلاق برامج مشتركة في مجال التدريب في النشاطات المتعلقة بالقطاع وتطوير المهارات لأصحاب الشهادات العليا وتيسير إدماجهم في سوق العمل.
وذكر بيان لوزارة السياحة التونسية نشرته على حسابها في فيسبوك أن الاجتماع ركز بشكل خاص على تعزيز مكانة تونس كوجهة سياحية ضمن الأسواق العربية في مجالات السياحة الترفيهية والطبية والعلاجية وسياحة المؤتمرات والأعمال.
وأكدت كاهية على ضرورة العمل المشترك مع المهنيين والمنظمة العربية للسياحة بما يمكن من المزيد الانفتاح على الأسواق العربية.
وقالت إن الضرورة تقتضي "إرساء شراكة فاعلة تهدف إلى الترويج للوجهة التونسية بالمنطقة العربية عبر الاستفادة من شبكة علاقات المنظمة ودورها الفاعل في تطوير السياحة العربية البينية".
وعلى الرغم من التراث التاريخي الكبير الذي ورثته تونس من الحضارات القديمة والقبائل البربرية والتاريخ الإسلامي، تركز السياحة في الغالب على المنتجعات الشاطئية والسفن السياحية المتجولة.
ويأمل العاملون بالقطاع أن تعود السياحة إلى سابق عهدها وأن تستعيد البلاد مكانتها مجددا كواحدة من الوجهات الأولى في المنطقة والعالم لما تتمتع به من خصائص فريدة.
وفي المقابل يطالبون أيضا بضرورة تقديم المزيد من الدعم لهذا القطاع الحيوي، الذي ينعكس تطوره وازدهاره على قطاعات أخرى.
وتتطلع تونس إلى أن يُسهم تنويع منتجاتها في استقطاب المزيد من السياح، بما يمكن القطاع من التعافي بعد الأزمات التي تعرض لها خلال السنوات التي أعقبت الإطاحة بنظام الرئيس الأسبق الراحل زين العابدين بن علي.
لكن ثمة تحديات كثيرة تعيق إعطاء هذا القطاع المهم دفعة قوية لاسيما من حيث الاستثمارات الأجنبية. وفي تقرير حديث أصدرته الهيئة التونسية للاستثمار لم يتم التطرق إلى حجم تدفق رؤوس الأموال الخارجية إلى السياحة في النصف الأول من هذا العام.
ومن بين أبرز الصعوبات التي من شأنها أن تعيق تطوير جذب السياح والاستثمارات العربية إلى تونس بعض المشاكل الإدارية وإطلاق خطوط طيران مباشرة بين البلدان العربية وتسهيل إجراءات السفر والحصول على التأشيرات السياحية.
وفي حين أن بعض العراقيل تقع على عاتق الحكومة، والمتمثلة في البيروقراطية، أبدى آل فهيد استعداد المنظمة العربية للسياحة لدعم تونس من أجل المضي في الخطط والإستراتيجيات، التي بدأت في تفعيلها وتنفيذها ضمن برنامج متكامل بالشراكة مع المنظمة.
وأعلنت وزارة السياحة في وقت سابق هذا العام عن مخطط لاستعادة القطاع لنشاطه خلال العام الجاري، يستند بالأساس إلى تنويع المنتجات بما يتماشى مع الطلبات المتغيرة للزوار الأجانب.
وتشكل صناعة السياحة الحيوية في الظروف الطبيعية نحو سبعة في المئة من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد، لكن أعداد الزوار تراجعت بشدة خلال السنوات الماضية، باستثناء عام 2019، مما زاد الضغط على الاقتصاد الذي كان بالفعل يتخبط في أزمات.
وكان القطاع قبل العام 2011 يسهم بنحو 14 في المئة من إجمالي الناتج المحلي الإجمالي للبلاد، وفق البيانات الرسمية، كما أنه يعتبر مصدرا رئيسيا للنقد الأجنبي إلى جانب تحويلات المغتربين والاستثمارات الأجنبية المباشرة.
لكن السياحة عرفت بعد ذلك التاريخ أزمة توصف بأنها "الأكثر صعوبة"، حيث تضررت كثيرا جراء الأزمات السياسية والعمليات الإرهابية، وكذلك جائحة كورونا.
◙ 8.5 مليون سائح يتوقع أن تستقبلهم البلاد خلال 2023 صعودا من 6.4 مليون في العام الماضي
ويوفر القطاع نحو 600 ألف فرصة عمل بصفة مباشرة وغير مباشرة ويعيش منه ما يقارب 2.8 مليون شخص، وكان في السابق يعدّ ثاني مصدر للعملة الصعبة بعـد قطـاع النسيج.
واستعادت السوق المحلية وتيرة السياحة الأجنبية الوافدة تدريجيا منذ العام 2022، في وقت تؤشر فيه أرقام العام الجاري على أنها ستكون قريبة من مستويات سنة ما قبل الجائحة.
وبحسب بيانات نشرتها وزارة السياحة فقد ارتفعت إيرادات القطاع خلال الأشهر السبعة الأولى من هذا العام بواقع 55.1 في المئة على أساس سنوي لتتجاوز 1.7 مليار دولار.
وعند مقارنتها بالفترة ذاتها من 2019 التي تعتبرها الوزارة سنة مرجعية لقياس أداء القطاع نجد أن العوائد نمت بحوالي 25.1 في المئة.
وبلغ إجمالي عدد السياح في العشرين من يوليو الماضي نحو 4.6 مليون زائر، أي بارتفاع قدره 4.7 في المئة بمقارنة سنوية وارتفاع بنسبة 0.7 في المئة مقارنة مع العام 2019.
وتقول السلطات إن هذا الارتفاع في حجم العائدات وعدد السياح يعكس بداية تعافي القطاع، وهي تطمح إلى تحقيق 80 في المئة من الإيرادات التي تحققت في العام الذي سبق تفشي وباء كورونا.
وكان لطفي ماني المدير المركزي للترويج في الديوان الوطني التونسي للسياحة، قد توقع أن تستقبل بلاده 8.5 مليون سائح هذا العام، أي نحو 90 في المئة من 9.4 مليون سائح زاروا البلاد في 2019 وقفزة كبيرة من 6.4 مليون سائح في العام الماضي.
وقال في مقابلة مع وكالة رويترز خلال يونيو الماضي إن "المؤشرات تدل على موسم جيد مع زيادة في عدد الحجوزات".
وتملك البلاد بنية تحتية للسياحة مجهزة وقادرة على استيعاب الرحلات المتوقعة خلال فصل الصيف، الذي يشكل ذروة الطلب على المرافق السياحية في البلاد.
وينتشر في مختلف المدن والمناطق أكثر من 840 فندق و220 ألف سرير و1100 وكالة سفر، إلى جانب 357 مطعما مصنفا على أنه سياحي، بحسب التقديرات.