تونس تسعى إلى تحفيز قطاع الصناعة رغم الصعوبات

تطلعات لجذب استثمارات خارجية جديدة في قطاعات على رأسها السيارات والطائرات.
الاثنين 2023/10/16
جاهزون للتحدي

حاولت تونس الاستفادة من مشاركتها في اجتماعات الخريف السنوية في المغرب لإقناع رجال الأعمال والشركات الأجنبية بالاستثمار في قطاع الصناعة، والذي أصبح مجالا مهما بفضل أدائه في سياق خطط لدفع عجلة الاقتصاد المتعثر رغم المنافسة في المنطقة.

مراكش (المغرب) - تتزايد رهانات تونس على تنمية قطاع الصناعة خلال المرحلة المقبلة بما يمكنها من جعله أحد المجالات المهمة إلى جانب السياحة، رغم الصعوبات والمنافسة من دول إقليمية على جذب المستثمرين وفي مقدمتها المغرب.

وأفصح صناع القرار المالي في تونس خلال اجتماعات الخريف السنوية لصندوق النقد والبنك الدوليين التي اختتمت الأحد في مراكش بالمغرب عن تطلعاتهم لجذب استثمارات خارجية في قطاعات عديدة، من بينها صناعة أجزاء السيارات والطائرات.

يأتي ذلك فيما يُعول البلد على موسم سياحي “ممتاز” إلى جانب ارتفاع تحويلات المغتربين، يمكنهما أن يشكلا رافدين آخرين للاقتصاد المتعطش إلى النمو ومصدرا للعملة الصعبة، ما يتيح للبلد الذي يمر بأزمة مالية سداد ديونه.

سمير سعيد: تونس تعد وجهة معروفة في مجالات ذات قيمة مضافة
سمير سعيد: تونس تعد وجهة معروفة في مجالات ذات قيمة مضافة

وقال وزير الاقتصاد والتخطيط التونسي سمير سعيد في مقابلة مع بلومبرغ الشرق إن بلاده “وضعت مستهدفا للنمو عند 2.1 في المئة للعام المقبل، ارتفاعا من نسبة تتراوح بين 0.9 وواحد في المئة خلال هذه السنة”.

وأكد أنه لتحقيق هذه النسبة الكبيرة في عام، سيكون الرهان على القطاع الخاص والاستثمارات الخارجية، خاصة أن الاستثمارات العامة ستكون “محدودة بسبب الوضعية المالية التي نعيشها”.

وتضرر الاقتصاد التونسي بشدة من جائحة كورونا وتداعيات الحرب في أوكرانيا، الأمر الذي أدى إلى صعود صاروخي في التضخم واختفاء العديد من السلع الضرورية من الأسواق.

وكانت تونس قد توصلت في أكتوبر الماضي إلى اتفاق مبدئي مع صندوق النقد الدولي قيمته 1.9 مليار دولار، لكن الحكومة لم تنته بعد من الإصلاحات واسعة النطاق اللازمة للتوقيع، ومنها التخفيضات المؤلمة المحتملة في الإنفاق.

ويرى البعض أن الإخفاق في الحصول على مساعدة من الصندوق قد يؤدي إلى التخلف عن السداد، ما سيدفع اقتصاد البلاد إلى حالة من الفوضى.

لكن الرئيس قيس سعيد يريد إثبات صواب توجهه بأن اللجوء إلى المؤسسة الدولية المانحة بشروط مجحفة يسبب ضررا للاقتصاد أكثر مما هو عليه الوضع حاليا، ويبدو أن حكومته نجحت في ذلك عبر تقليص العجز التجاري والعجز في ميزانية 2023.

واضطرت الحكومة إلى جمع تمويلات من السوق الداخلية ولم تلجأ إلى الأسواق الدولية هذا العام. ورغم التحديات يتضح من الحالة العامة أن الدولة بإمكانها تخطي أزماتها إذ استمرت في التقشف.

ويقول صندوق النقد إن الاقتصاد التونسي استفاد هذا العام أولا من الحركة السياحية وزادت العملات الأجنبية وتحسن قطاع التصدير خصوصا الزراعي، بالتزامن مع الجفاف الذي سجل في إسبانيا وأضرّ بالمحاصيل لاسيما الزيتون.

وحاول وزير الاقتصاد التونسي استغلال هذه المناسبة الدولية للترويج لمناخ الأعمال في بلاده قائلا إن "تونس لديها اقتصاد متنوع، وتحتاج إلى القطاع الخاص والاستثمار الأجنبي".

◙ المهارات موجودة. أين التمويلات؟
◙ المهارات موجودة. أين التمويلات؟

وتشهد البلاد منافسة مع العديد من الوجهات، في المنطقة وخارجها، على جذب الاستثمارات الصناعية، وفقا للوزير الذي نبه إلى أن هذه المنافسة باتت أيضاً دولية.

وقال “حتى البلدان المصنعة تريد أن تعيد التصنيع إلى بلادها”، في إشارة إلى التصنيع خارج الحدود.

ورغم هذه المنافسة أبدى الوزير التونسي تفاؤلاً بشأن مستقبل بلاده الاقتصادي، معتبرا أن لديها الكثير من الميزات والفرص، وهو ما يجعلها قادرة على جذب الاستثمار الخارجي.

ولدى تونس الكثير من القطاعات التنافسية التي ذكر سعيد منها الأنشطة الصيدلية وصناعة مكونات السيارات والطائرات، وغيرها من الأنشطة الأخرى.

وأكد أن "تونس أصبحت وجهة معروفة في هذا المجال، وهناك توسع لشركات تقوم بالبيع لشركتي أيرباص وبوينغ، وهي موجودة في تونس، ولديها برامج للتوسع"، كما أن هناك قطاع الصناعات الغذائية.

وأشار إلى وجود رغبة في إعطاء الأولوية للاستثمارات ذات التأثير، والتي لديها 3 أبعاد، وهي الربحية المالية والمحافظة على البيئة والبعد الاجتماعي.

وشخصت وزارة الاقتصاد 20 قطاعا للاستثمار، تتوفر فيها العناصر الثلاثة، منها معالجة النفايات وتحلية مياه البحر ومعالجة مياه الصرف الصحي وإعادة استعمالها، بالإضافة إلى المشاريع المائية المرتبطة بالقطاع الزراعي لأن البلاد تعاني شحا مائيا.

ويعتمد الاقتصاد التونسي كثيرا على الصناعة كأحد القطاعات الإستراتيجية إلى جانب كل من السياحة والخدمات، والتي توفر العملة الصعبة للبلد المرهق ماليا.

كما أن القطاع الصناعي يساعد على امتصاص البطالة التي لا تزال تحوم عند أكثر بقليل من 16 في المئة، وهي نسبة تبدو معقولة قياسا بحوالي 18 في المئة خلال بعض الفترات، لاسيما أثناء الأزمة الصحية.

وتشير التقديرات الحكومية إلى أن الصناعة تساهم سنويا بنحو 28.6 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي لتونس، وهي توفر قرابة 34 في المئة من فرص العمل للقوة العاملة النشطة في البلاد.

◙ 28.6 في المئة مساهمة الصناعة في الناتج الإجمالي، وتستوعب 34 في المئة من القوة العاملة

وتلقى مناخ الأعمال التونسي المحاصر بالمشاكل دفعة جديدة مع تسجيل قفزة في تدفق الاستثمارات الأجنبية المباشرة هذا العام، في ظل جهود حكومية للحد من العقبات أمام المستثمرين، من بينها تقليص التراخيص والحد من الإجراءات البيروقراطية.

وتخطت الاستثمارات في السوق التونسية محنة الركود الذي شابها العام الماضي بسبب التقلبات العالمية عقب الأزمة الصحية، لتبدأ في تسجيل تحسن ملحوظ في النصف الأول من 2023 بقيادة الصناعة، بينما تبدو البلاد متعطشة إلى تنمية الأعمال وتوفير الوظائف.

وتعكس الدلائل حول نمو الاستثمارات الجديدة في الفترة بين يناير ويونيو الماضيين أن ثمة ما يغري أصحاب رؤوس الأموال بالمضي في توسيع محافظ أعمالهم رغم التقييمات السلبية الدولية التي تعطي نظرة غير مطمئنة للمستثمرين وخاصة منهم الدوليين.

وأظهرت بيانات الهيئة التونسية للاستثمار أن الاستثمارات الخارجية نمت خلال ستة أشهر بواقع 21 في المئة على أساس سنوي ليبلغ حجمها نحو 815 مليون دينار (265 مليون دولار).

وتوفر الاستثمارات الجديدة المصرح بها لدى هيئة الاستثمار حوالي 4354 فرصة عمل لشباب تونس.

11