تونس تسعى إلى القطع مع خططها القديمة في مجال الإسكان

الحكومة التونسية تعيد النظر في برامجها المتعلقة بالسكن الاجتماعي.
السبت 2022/03/19
البناء الفوضوي يعمق أزمة السكن

تونس - شرعت تونس في مراجعة خطط الإسكان وخاصة الموجهة للطبقتين الفقيرة والمتوسطة، والتي لا تزال تديرها بشكل قديم، إذ لم تسهم تحركات كل الحكومات المتعاقبة منذ 2011 في الخروج من هذه المعضلة المزمنة جراء بطء الإصلاحات والخلافات السياسية المستمرة.

وأعلنت الحكومة هذا الأسبوع أنها قامت بتجديد أعضاء لجنة قيادة برنامج السكن الاجتماعي التي يترأسها وزير الإسكان بهدف إعطاء نفس جديد لنشاطها والوقوف على العراقيل لإزالتها سريعا، بعدما فشلت على ما يبدو في تنفيذ الخطط المنوطة بعهدتها منذ تأسيسها قبل عشر سنوات.

وتضم اللجنة الوطنية للبرنامج ممثلين عن رئاسة الحكومة ووزارات بالإسكان والداخلية والمالية والشؤون الاجتماعي وأملاك الدولة والشؤون العقارية والاقتصاد والمرأة والبنك المركزي والمؤسسة البنكية المكلفة بالتصرف في الموارد المخصصة لبرنامج السكن.

750

ألف أسرة لا تملك مساكن من بين 3 ملايين عائلة في بلد يبلغ تعداد سكانه 12 مليون نسمة

وبحسب وكالة الأنباء التونسية الرسمية يشمل البرنامج وفق قرار إنشائه في شهر أغسطس 2012 على عنصرين أساسيين؛ وهما إزالة المساكن البدائية والعشوائية وتعويضها بمساكن جديدة أو ترميمها أو توسعتها، وأيضا إنجاز وتوفير مساكن اجتماعية أو تهيئة وتوفير مقاسم اجتماعية.

وتشير الإحصائيات الرسمية إلى أن ربع الأسر التونسية من بين نحو 3 ملايين عائلة لا تملك مساكن، في بلد يبلغ تعداد سكانه نحو 12 مليون نسمة، ما دفع البعض إلى القول إن هذا الأمر يتطلب من السلطات وقفة جدية وإطلاق رؤية استشرافية لتنشيط قطاع العقارات والبناء والقيام بإصلاحات فورية وشاملة.

ويتم بناء المساكن الاجتماعية فقط على الأراضي التي هي على ملك الدولة أو على ملك مجلس المحافظة أو المجلس البلدي أو إحدى المؤسسات العقارية المكلفة أصلا ببناء هذا النوع من المساكن.

وفشلت الحكومات المتعاقبة في حل أزمة السكن على اعتبار أن سوق العقارات ظل رهنا للمضاربات وارتفاع نسب الفوائض التي تفرضها البنوك على الراغبين في شراء أو بناء مساكن، وهو ما يفسر ارتفاع أرباح البنوك رغم الأزمة الاقتصادية في البلاد.

وكانت رئاسة الجمهورية قد أصدرت مرسوما منتصف مارس الجاري يتضمن آليات جديدة لعمل البرنامج الذي يهدف إلى إنجاز مشاريع سكنية ومقاسم اجتماعية لذوي الدخل المحدود وأيضا للذين لا تشملهم أي منظومة تمويل كونهم لا يتمتعون بوظائف مستقرة.

ونص المرسوم على تكوين فريق عمل منبثق عن اللجنة الجهوية لمتابعة برنامج للقيام بالمعاينات الفنية للعقارات ميدانيا وتنفيذ الأبحاث الاجتماعية للعائلات والتثبت من الوضعيات العقارية واقتراح إمكانيات التدخل المتاحة والكلفة التقديرية للأشغال.

وتتشكل اللجنة الجهوية للسكن الاجتماعي من ممثلين عن مصالح وزارات الإسكان والشؤون الاجتماعية وأملاك الدولة والاقتصاد والتخطيط والمرأة في كل ولاية (محافظة) وعن فرع المؤسسة البنكية المكلفة بالتصرف في الموارد المخصصة للبرنامج.

الحكومات المتعاقبة فشلت في حل أزمة السكن بسبب ارتفاع نسب الفوائض التي تفرضها البنوك على الراغبين في شراء أو بناء مساكن

ويفترض أن تتولى كل لجنة جهوية في المحافظات الأربع والعشرين على ضوء الاعتراضات المسجلة في أجل أقصاه أسبوع دراسة الاعتراضات والقيام بعمليات التثبت اللازمة يتم على إثرها تعديل قائمات المرشحين للانتفاع بالبرنامج.

ومن المتوقع أن يتم عرض القائمات الأولية للمرشحين بعد ذلك مرفقة بمؤيداتها على أنظار اللجنة الجهوية للتداول في شأنها ولضبط قائمات المرشحين ومن ثم تتولى إحالتها بمؤيدات بعد المصادقة عليها إلى لجنة قيادة برنامج السكن الاجتماعي.

وتفاقمت معاناة التونسيين خلال السنوات الأخيرة الذين وجدوا أنفسهم أمام صعوبات لامتلاك مساكن بعدما دخل السوق في حالة من الركود الحاد جراء الارتفاع الجامح في أسعار العقارات والأراضي ومواد البناء وفوائض القروض الخاصة بالسكن، رغم محاولات الحكومات المتعاقبة منذ 2011 إيجاد حلول لتخفيف أزمة القطاع.

ويقدر خبراء ينشطون في السوق التونسي حجم الارتفاع في أسعار العقارات خلال السنوات العشر الماضية بأكثر من 30 في المئة، لكن آخرين يرون أنه أكثر من ذلك.

ولطالما اعتبرت الغرفة النقابية للمطورين العقارين أن الدولة تفتقد لرؤية استراتيجية واضحة للسكن الذي يعد أحد أبرز القطاعات التي تسهم في إنعاش قطاع التطوير العقاري، وبالتالي إنعاش اقتصاد البلاد بشكل عام.

11