تونس تسدل الستار على أزمة الخبز

أخيرا أسدل الستار على أزمة الخبز في تونس، بعد أن تم خلالها تبادل الاتهامات بين الحكومة، التي أشارت إلى تلاعب أصحاب المخابز والتجار، وبين جهات رأت في الأزمة دليلا على فشل الحكومة في إدارة شؤون البلاد.
تونس - أزمة الخبز التي تصاعدت في الآونة الأخيرة أزمة اقتصادية بامتياز، زاد من عمقها محاولات البعض لدوافع الربح أو دوافع سياسية بهدف تسجيل النقط ضد الحكومة.
ومهما كانت الأسباب وراء الأزمة، فبالإعلان عن حلها تكون الحكومة التونسية قد كسبت ثقة التونسيين الذين اصطفوا على مدى أيام في طوابير للحصول ولو على رغيف، ما دفع منظمات نقابية للدعوة لتنظيم وقفات احتجاجية.
وفي الوقت الذي يقول فيه محمد بوعنان، رئيس الغرفة الوطنية لأصحاب المخابز التابعة للاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية، “إن الأزمة أصبحت من الماضي والخبز متوفر”، يعتزم نحو 1500 مخبز تابع للمجمع المهني للمخابز العصرية التابع لـ”كونفدرالية المؤسسات المواطنة” (منظمة نقابية) تنظيم وقفات احتجاجية، أمام وزارة التجارة للمطالبة بتسوية وضعية المخابز التابعة له من حيث التزود بمادة الدقيق التي قرّرت الدولة منعه عنها.
وقال محمد بوعنان “هذا الأسبوع عدنا للخبز العادي ولم يعمل الآخرون (المخابز العصرية) وبعملنا نحن انتهت ظاهرة الطوابير”.
وتابع “الدولة قالت لنا اعملوا وسنزودكم بأكثر فارينة (دقيق) مكانهم (مكان المخابز العصرية غير المصنفة)؛ فانتهى المشكل”.
ونفى بوعنان ما يتردد من احتكار مادتي السميد والدقيق بالقول “ليس هناك تلاعب؛ إذا أعطونا الفارينة والسميد نصنع خبزا”.
واعتبر أن “التلاعب هو عندما نصنع خبزا أكثر سعرا”، و”التلاعب من الآخرين الذين يأخذون دقيقا بأسعار معينة ويرفعون السعر”.
وحول المخابز التي تم إغلاقها، قال بوعنان “هذه المخابز المغلقة قد لا تكون لها رخص للعمل”، مشددا “أن المخابز غير المصنفة (تسمية الدولة للمخابز العصرية التابعة لكونفدرالية المؤسسات المواطنة) هي سبب المشكل ولم يعد لها الحق في إنتاج أيّ رغيف”.
وأوضح بوعنان أن “الدولة تريد أن يأخذ المواطنون خبزا مدعما”.
وفي صفاقس ثاني أكبر المدن التونسية لا وجود لمشكل الخبز. وهو ما أكده عبودة البرشاني، عضو الغرفة الوطنية لأصحاب المخابز، وصاحب مخبز، في مدينة صفاقس، حيث قال “في صفاقس ليست هناك طوابير والتزويد جيد من المطاحن وحتى المناطق السياحية بقرقنة والمحرس، الأوضاع جيدة والخبز متوفر إلى العاشرة ليلا”.
وأضاف البرشان “الدولة تعطينا نصيبنا من الدقيق ويحصل تأخير أحيانا في المخابز التي تتزود من المطاحن في سوسة أو قابس ولكن ليست هناك صفوف (طوابير) في صفاقس”.
من جانبه، قال عمار ضيّة، رئيس منظمة الدفاع المستهلك في تونس (مستقلة)، “إن موضوع ندرة الخبز مطروح منذ أكثر من سنة وقد تحدثنا حوله ونرغب في الوصول إلى حل جذري الآن”.
وأضاف “أولا الخبز مادة حساسة، ويهم كل العائلات التونسية وفي كل مرة هناك ضبابية حول أسباب النقص فيه والأسعار والمخابز المصنفة والأخرى غير المصنفة”.
وفيما يخص أزمة الطوابير، قال ضيّة “من قبل كان التجار الصغار يبيعون الخبز، أما اليوم لا يبيعون. لذلك يضطر الكثير من الناس إلى التجمع أمام المخابز”.
وأضاف أن “الأمر وصل حتى الأرياف من حيث وجود الطوابير أمام المخابز”.
ووفق ضيّة “المشهد يتضاعف في المناطق السياحية وأماكن الاصطياف”.
وحول علاقة الأزمة بالنقص الحاد في التزود بالحبوب من قبل الدولة، قال ضيّة “الجميع في العالم له مشكل تزود بالحبوب بفعل حرب أوكرانيا وروسيا”. وأكد أن “كثيرا من البلدان في أفريقيا ستجوع”.
مراد حفيظ يشتغل محاسبا في مخبز عصري بمنطقة برج الطويل شمال العاصمة وجد نفسه في حالة إحباط بعد قرار الدولة منع الدقيق عن هذا الصنف من المخابز، حيث قال “نحن 13 عاملا في هذ المخبز. سنصبح عاطلين عن العمل، نحن نعمل في مخبز غير مصنف ومنذ أيام لا نعلم ما هو مصيرنا”.
وأضاف حفيظ، وعلامات الحيرة بادية عليه، “1500 مخبز وآلاف العمال ماذا سيفعلون؟”.
وأوضح “أنا لست مع أصحاب المخابز العصرية ولا ضد المخابز المدعمة (المصنفة) ولكن ما هو مصيرنا نحن؟”.
والأربعاء، قرر المجمع المهني للمخابز العصرية التابع لـ”كونفدرالية المؤسسات المواطنة” في تونس تنظيم وقفات احتجاجية متتالية ولمدة 15 يوما أمام مقر وزارة التجارة وتنمية الصادرات.
وذكر المجمع المهني في بيان أن “قرار تنظيم تحركات احتجاجية جاء على خلفية تعليق وزارة التجارة وتنمية الصادرات في تونس، بيع الفارينة الرفيعة (الدقيق) والسميد لفائدة محلات صنع الخبز غير المصنفة والمعروفة بالمخابز العصرية”.
واعتبر أن قرار الوزارة له تداعيات على “المخابز العصرية” التي يتجاوز عددها 1500، وعلى العاملين فيها الذين يراوح عددهم بين 18 و20 ألف عامل.
وفي وقت سابق الأربعاء، قررت وزارة التجارة “تعليق بيع الفارينة الرفيعة والسميد لمحلات صنع الخبز المعروفة بالمخابز العصرية”.
والخميس قبل الماضي، طالب الرئيس التونسي قيس سعيد حكومة بلاده باتخاذ “إجراءات عاجلة” تتعلق بأزمة الخبر، محملا “لوبيات” لم يسمّها مسؤولية ذلك.
ومنذ 2021، تراجع إنتاج الحبوب في تونس لأسباب مناخية، وانتقلت تداعياته بعد شهور قليلة إلى السوق المحلية، من حيث عدم توفر كميات مطمئنة من القمح المستخدم في إنتاج الخبز.
ووجدت الحكومة الحل في اللجوء إلى الاستيراد، ولكن هذا الأمر اعترضته عراقيل أبرزها الأزمة الاقتصادية التي تمر بها البلاد.