تونس تسدد جزءا كبيرا من خدمة ديونها الخارجية

الحكومة التونسية تفتح باب الاقتراض أمام السوق المحلية لتمويل ميزانية الدولة.
الجمعة 2023/12/08
التوازنات تحت السيطرة

تونس - فندت تونس مرة أخرى توقعات المحللين بشأن التخلف عن سداد الديون هذا العام وأعلنت أنها سددت جزءا كبيرا من خدمة الدين الخارجي، في إشارة إلى قدرتها على الوفاء بالتزاماتها رغم الضغوط المالية ودون مساعدة من المانحين الدوليين.

وكشفت وزيرة المالية سهام البوغديري خلال جلسة أمام البرلمان الأربعاء الماضي لمناقشة ميزانية 2024 أن تونس تمكنت من سداد 93 في المئة من خدمة الديون الخارجية.

واتسعت علاوة المخاطرة على الدين التونسي، الذي يتم تداوله عند مستويات متعثرة منذ سبتمبر 2021 عند نحو 663 نقطة أساس منذ منتصف فبراير الماضي إلى 2834 نقطة أساس فوق سندات الخزانة، وفق مؤشر جي.بي مورغان.

سهام البوغديري: ما حققته تونس ليس سهلا رغم الوضع المالي الصعب
سهام البوغديري: ما حققته تونس ليس سهلا رغم الوضع المالي الصعب

وتواجه البلاد مفارقة في طريق تحقيق بعض التوزان المالي بعدما قضمت التكاليف الباهظة لخدمة الديون الخارجية مكاسب القطاع السياحي الذي حقق انتعاشا قويا بعد تعليق قيود الإغلاق الاقتصادي، وأيضا تحويلات المغتربين.

وقالت البوغديري إن “ما حققته تونس ليس سهلا رغم الوضع الصعب الذي تمر به المالية العامة وأيضا تأثيرات العوامل الخارجية”، في إشارة إلى تداعيات الحرب في أوكرانيا.

وأوضحت أن “الدولة لم تبق مكتوفة الأيدي وقامت بجهود كبيرة لتفادي أيّ مشكلة تجعلها تتخلف عن سداد ديونها”.

وأكدت أن تونس تمكنت من تحقيق نتائج جيدة من حيث “الإيفاء بتعهداتها المالية تجاه المقرضين والمانحين” الدوليين.

وتشهد تونس أزمة اقتصادية ناجمة عن ارتفاع كلفة استيراد الطاقة والمواد الأساسية، وأدت في فترة من الفترات إلى نقص في بعض المنتجات مثل السكر والحليب والأرز وغيرها.

وكانت الحكومة قد توقعت أن تصل حاجيات التمويل لسد عجز ميزانية 2023 نحو 23.5 مليار دينار (7.5 مليار دولار)، بينما وصف وزير الاقتصاد السابق سمير سعيّد العام الحالي بأنه “صعب للغاية”.

ولتحقيق التوازن المالي، يتعين على الدولة اللجوء إلى الاقتراض الخارجي للحصول على ديون بأكثر من 4 مليارات دولار وقروض محليّة بنحو ثلاثة مليارات دولار.

وكشف المدير العام للشركة التونسية للمقاصة ماهر الزواري الأربعاء أن السندات الحكومية التي تم طرحها للاكتتاب مؤخرا جمعت طلبات بقيمة 1.2 مليار دينار (380 مليون دولار).

وطرحت الحكومة أواخر الشهر الماضي اكتتابا هو الرابع خلال هذا العام لجمع نحو 700 مليون دينار (225.3 مليون دولار) لتمويل ميزانية العام الحالي، وسط صعوبات في تأمين قروض خارجية.

وجمعت الحكومة من خلال الاكتتابات الثلاثة السابقة في العام الجاري ما يزيد عن 800 مليون دولار.

وفتحت تونس باب الاقتراض من السوق المحلية قبل ثلاث سنوات في ظل الصعوبات، التي تواجهها في ما يخص الموارد الخارجية بعد خفض التصنيف الائتماني السيادي للدولة.

يأتي ذلك في وقت تتفاقم فيه الضغوط على الموازنة العامة، ومع تعثر المفاوضات مع صندوق النقد الدولي لتعبئة الموارد الخارجية بقصد الحصول على تمويلات تُمكّن من استيراد الموارد الأساسية، وعلى رأسها الطاقة.

الحكومة التونسية تطرح اكتتابا هو الرابع خلال هذا العام لجمع 225.3 مليون دولار

كما اتبعت الدولة نهجا جديدا، موازيا لسندات وأذون الخزانة، للاقتراض من السوق الداخلية بهدف تمويل الميزانية، وبما يسهّل على الأطراف التي لا تستطيع الوصول إلى سندات الخزانة فرصا للاكتتاب، ومن بينها الأفراد.

ومن المتوقع أن تونس ستسدد ديونا خارجية بقيمة 3.9 مليار دولار في العام المقبل، وذلك بزيادة 40 في المئة عن 2023 وسط ندرة التمويل الخارجي للدولة التي تجد صعوبة في إصلاح ماليتها العامة.

وسترفع الحكومة حاجتها إلى القروض الخارجية من 3.32 مليار دولار في العام الحالي إلى نحو 5.2 مليار دولار في العام المقبل.

وتشمل القروض الخارجية قرضا جزائريا بقيمة 300 مليون دولار، و500 مليون دولار من السعودية، و400 مليون دولار من بنك التصدير والاستيراد الأفريقي.

ولم تتضمن ميزانية العام المقبل أيّ إشارة إلى قرض صندوق النقد الدولي المتعلق ببرنامج تمويلي بنحو 1.9 مليار.

ومن المتوقع أن يصل تراكم الدين العام في عام 2024 إلى نحو 45 مليار دولار، أي نحو 79.8 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، ارتفاعا من 40.8 مليار دولار بنهاية هذا العام.

وما زالت تونس يحدوها الأمل في الحصول على دعم طال انتظاره من صندوق النقد رغم استمرار القلق حيال مدى التزامها ببرنامج الإصلاح الاقتصادي في ظل التحديات المالية والاقتصادية.

وانتقد الرئيس قيس سعيد الصندوق  مرارا قائلا إن “تونس لن تذعن لما وصفها بأنها إملاءات بشأن خفض دعم الغذاء والطاقة وفاتورة أجور القطاع العام”، محذرا من أن ذلك قد يؤدي إلى تجدد الاضطرابات الاجتماعية.

وتتوقع تونس أن ينمو اقتصادها بنسبة 2.1 في المئة العام المقبل ارتفاعا من 0.9 في المئة في عام 2023، وتخطط لتقديم نفس الدعم تقريبا للوقود والكهرباء والغذاء مع زيادة الضرائب على البنوك والفنادق وشركات المشروبات الكحولية.

10