تونس تستعد لعرض خطة معدلة على صندوق النقد الدولي

تونس – كشف مسؤول حكومي كبير عن أن تونس تعدّ اقتراحا بديلا لن يتضمن رفع الدعم لطرحه على صندوق النقد الدولي بعد أن رفض الرئيس قيس سعيد "إملاءات" الصندوق بشأن قرض قيمته 1.9 مليار دولار تم التفاوض حوله العام الماضي.
وتعثرت المحادثات بشأن خطة الإنقاذ المالي منذ أكتوبر عندما توصلت تونس وصندوق النقد الدولي إلى اتفاق خبراء، حيث أعرب سعيد لاحقا عن رفضه القاطع لفكرة خفض الدعم قائلا إن ذلك قد يسبب توترات اجتماعية كبرى ويمس بالسلم الأهلي في البلد.
واعتبر سعيد، خلال مكالمة هاتفية جمعته مؤخرا بنظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون، أن شروط صندوق النقد الدولي لتقديم تمويل لتونس بمثابة "عود ثقاب" يشتعل إلى جانب مواد شديدة الانفجار.
وذكّر "بالأحداث الدامية التي سقط خلالها مئات الشهداء في 3 يناير 1984 حين تم رفع الدعم عن الحبوب ومشتقاتها، فالسلم الأهلية لا ثمن لها".
وقال سعيّد، بشكل واضح، إنه يعارض أيضا بيع الشركات المملوكة للدولة.
وقال المسؤول الحكومي إن الرئيس سعيد يعتقد أن خفض دعم السلع الغذائية والمحروقات سيضر بالفئات المهمشة والفقيرة ويزيد معاناتها. وأضاف أن الاقتراح الجديد لن يتضمن إجراءات مماثلة.
ولم يذكر المصدر أي جدول زمني لتقديم الاقتراح أو للمفاوضات المحتملة التي سيشملها مع صندوق النقد الدولي. واستغرق الاتفاق الذي تم التوصل له في أكتوبر شهورا من المفاوضات الفنية التفصيلية.
وليس من الواضح إلى أي مدى يمكن لتونس تجنب الانهيار المالي والقدرة على الالتزام بسداد ديون خارجية.
وتعهد المانحون، الذين يساورهم قلق متزايد بشأن استقرار تونس والهجرة غير النظامية إلى السواحل الأوروبية، بضخ مبالغ إضافية كبيرة إذا تمكنت الحكومة من التوصل إلى اتفاق مع صندوق النقد الدولي.
وأعلن الاتحاد الأوروبي الأحد أنه سيقدم 900 مليون يورو (980 مليون دولار) كقروض مشروطة، إلى جانب مساعدة إضافية تبلغ 150 مليون يورو (165مليون دولار) كخطوة فورية لدعم موازنة تونس، ومن المتوقع كذلك أن تقدم دول الخليج دعما ماليا إذا تم التوصل لاتفاق مع صندوق النقد الدولي.
وأفادت وكالة "أكي" الإيطالية نقلا عن مصادر دبلوماسية بأن "مكالمة هاتفية مطوّلة" جرت بين نائب رئيس الوزراء وزير الخارجية أنطونيو تاياني ومديرة صندوق النقد الدولي كريستالينا جورجيفا.
ووصفت المصادر الاتصال الهاتفي الذي تمحور حول الوضع الاقتصادي في تونس بـ"الإيجابي للغاية"، وجددت المصادر التأكيد على أن إيطاليا ستواصل إيلاء اهتمام وثيق للملف بهدف تحقيق الاستقرار في البلاد.
وقال تاياني خلال مؤتمر صحافي مشترك بواشنطن مع وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن في واشنطن الاثنين "نريد حلولا جيدة لتونس، نريد اتفاقا، لكن علينا أن نكون براغماتيين".
وبدوره، حثّ بلينكن تونس على تقديم خطة معدلة لصندوق النقد، وقال إنّه "من الواضح أنّ تونس بحاجة إلى مزيد من المساعدة إذا أرادت تجنّب الانزلاق إلى هاوية اقتصادية".
وأوضح أنّ الولايات المتّحدة سيكون "موقفها مُرحِّباً إذا قدّمت الحكومة التونسية إلى صندوق النقد الدولي خطّة إصلاح معدّلة، يمكن للصندوق أن يعمل عليها"، إلا أنه أردف "لكن هذه قرارات سيادية لتونس وليست قرارنا أو قرار أي شخص آخر".
ويشمل اتفاق الخبراء بين تونس وصندوق النقد أيضا إعادة هيكلة الشركات المملوكة للدولة، التي قال الصندوق إن إجمالي ديونها عام 2021 كان يمثل 40 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي.
وليس معروفا حتى الآن ما إذا كانت تونس تريد تعديل ذلك الجزء أيضا المتعلق بالشركات العامة من اقتراحها.
وقال الرئيس سعيد إن هناك أفكارا أخرى يمكن دراستها من بينها فرض ضرائب على الأثرياء لتمويل صندوق الدعم فيما يمكن أن يكون خطوة تعوض رفع الدعم على السلع الغذائية والوقود. لكن لم يتضح ما إذا كان ذلك سيوفر أموالا كافية لسد فجوة التمويل بشكل كبير.
وتشكل تونس بوابة للمهاجرين التونسيين والأفارقة وطالبي اللجوء الذين يحاولون القيام برحلات خطيرة للوصول إلى أوروبا.
وقال قيس سعيد السبت إن بلاده "لن تكون حارسا لدول"، وإن حل مشكلة الهجرة غير النظامية "لن يكون على حساب تونس". وأردف "لا يمكن أن نقوم بالدور الذي يفصح عنه البعض ويخفيه البعض الآخر (لم يسمهم) بأن نكون حراسا لدولهم".
وأكد الرئيس التونسي أن "الحل لا يمكن أن يكون إلا إنسانيا وجماعيا، بناء على مقاييس إنسانية ولكن في ظل قانون الدولة".