تونس ترفع أسعار المحروقات لكبح عجز الموازنة

الحكومة تلجأ إلى الزيادة بنحو خمسة في المئة في أسعار الوقود للمرة الثالثة هذا العام لمواكبة الارتفاعات في الأسواق العالمية وتقلص الإمدادات جراء الأزمة في أوكرانيا.
الخميس 2022/04/14
اضطرابات أسواق النفط تربك الموازنة

تونس - بدأ في تونس الخميس تطبيق تعريفة جديدة لوقود السيارات بعد قرار الدولة الزيادة في أسعارها بنحو خمسة في المئة للمرة الثالثة هذا العام، ضمن إجراءات تستهدف كبح عجز الموازنة العامة، وذلك لمواكبة الارتفاعات في الأسواق العالمية، بعد أن تخطى البرميل حاجز المئة دولار بسبب الأزمة في أوكرانيا.

وهذه الزيادة هي السادسة منذ العام الماضي، ولا تعد تغييرا في السياسة التي كانت متبعة في السابق، مع أن بعض الخبراء يرون أنها خطوة يرغب فيها المقرضون الدوليون لدعم الدولة بقرض.

وقالت وزارة الطاقة والصناعة والمناجم، في بيان مساء الأربعاء، إن قرار الزيادة هذا في سعر الوقود جاء بسبب تواصل الأزمة العالمية الحالية وما تشهده أسواق الطاقة من اضطرابات ومخاطر، تتعلق بتقلص الإمدادات وارتفاع أسعار المواد البترولية.

وأضافت أن كل زيادة قدرها دولار واحد في سعر برميل النفط تترتب عليها احتياجات تمويل إضافية سنوية لمنظومة المحروقات والكهرباء والغاز، تبلغ حوالي 140 مليون دينار.

وبمقتضى ذلك، يرتفع سعر لتر البنزين الخالي من الرصاص، وهو الأكثر استعمالا في تونس، إلى 2.330 دينار (0.78 دولار) من 2.220 دينار، والغازوال من دون كبريت إلى 2010 مليمات للتر، أما الغازوال العادي فأصبح ثمنه 1790 مليما اللتر.

وترى أوساط اقتصادية أن الزيادة ستؤثر على شريحة واسعة من الناس، وخاصة الفقراء، وستمتد إلى قطاعات إنتاجية، خاصة المتعلقة بالتجارة والزراعة والمصانع وربما أسعار النقل، التي ستنعكس أيضا على الأسر ضعيفة الدخل.

وثمة خشية على نطاق واسع بين الأوساط الشعبية من أن تفجر أي ضربة كبيرة لمستوى معيشة التونسيين أزمة اجتماعية حادة.

وكانت الحكومة التونسية قد لجأت في مارس الماضي إلى زيادة أسعار المحروقات للمرة الثانية في غضون شهر، بسبب الأزمة المالية الخانقة لتخفيف أعباء الدعم في الموازنة الحالية.

وفي الثامن عشر من فبراير الماضي، قالت وزيرة الصناعة والطاقة نائلة نويرة إن "الزيادات في أسعار الطاقة التي أقرتها الحكومة خطوة من بين حزمة إصلاحات اقتصادية غير شعبية، يطالب بها المقرضون الدوليون مقابل برنامج إنقاذ مالي".

وتسعى تونس التي تعاني أسوأ أزمة مالية للوصول إلى اتفاق مع صندوق النقد الدولي مقابل إصلاحات يصفها خبراء اقتصاد بـ"المؤلمة"، لضبط الاختلالات المالية المزمنة، رغم أن ثمة من يعارض السير في هذا الاتجاه.

وتشمل الإصلاحات المقترحة على صندوق النقد الدولي زيادة أسعار الوقود والكهرباء وتجميد رواتب القطاع العام، وهي خطوات رفضها بشدة الاتحاد العام التونسي للشغل والذي هدد بالإضراب العام.

واعتمدت موازنة الدولة لسنة 2022 فرضية سعر 75 دولارا للبرميل الواحد، غير أن أسعار النفط ارتفعت بشكل كبير ليصل سعر البرميل الواحد إلى أكثر من 100 دولار، وهو ما سيؤدي إلى زيادة الضغط على الموازنة العامة للبلاد، التي تستورد أكثر من 50 في المئة من حاجياتها النفطية، وتدعم أسعار المحروقات في السوق المحلي.

وتواجه تونس أزمة اقتصادية حادة وارتفاعا في نسبة التضخم، حيث بلغ العجز التجاري للبلاد 4.3 مليار دينار (1.44 مليار دولار) في الربع الأول من 2022، مقابل 3 مليارات في نفس الفترة من 2021.

وأظهرت أرقام البنك المركزي التونسي هبوط الدينار الجمعة الماضي، إلى أدنى مستوى له مقابل الدولار الأميركي في 3 سنوات، متجاوزا 3 دنانير للدولار الواحد.

ويهدد تراجع الدينار التونسي بتآكل احتياطات البلاد من النقد الأجنبي خلال أزمة مالية حادة تواجهها البلاد.

ومن المقرر أن يتوجه وفد تونسي إلى واشنطن هذا الشهر لإجراء محادثات مع صندوق النقد الدولي، حيث تأمل تونس في التوصل إلى اتفاق مع صندوق النقد مقابل تنفيذ إصلاحات لا تحظى بشعبية لتجنب انهيار ماليتها العامة.