تونس ترفض تصريحات أردوغان بشأن البرلمان وتستدعي السفير التركي

تونس - أعربت السلطات التونسية عن رفضها واستغرابها إزاء تصريحات الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بشأن حل البرلمان المجمد، واعتبرت الموقف التركي "تدّخلا غير مقبول في الشأن الداخلي" للبلاد و"تشكيكا في مسارها الديمقراطي"، واستدعت السفير التركي لإبلاغه احتجاجها بشكل رسمي.
وكان الرئيس التركي قد انتقد الاثنين قرار الرئيس التونسي قيس سعيّد حل البرلمان المجمد منذ ثمانية أشهر، ووصفه بأنه "تشويه للديمقراطية" و"مثير للقلق بشأن مستقبل تونس وضربة لإرادة الشعب التونسي".
ورد الرئيس سعيّد على تصريحات أردوغان سريعا بتأكيده "التمسّك برفض التدخل في الشؤون الداخلية لبلادنا بأي شكل من الأشكال"، وذلك بعد لقائه وزير الخارجية عثمان الجرندي.
وقبل أن يتصل وزير الخارجية التونسي بنظيره التركي مولود جاويش أوغلو، أصدرت الوزارة بيانا نشرته عبر صفحتها على فيسبوك مساء الثلاثاء أعربت فيه عن "بالغ استغرابها" من تصريحات أردوغان، مؤكدة أنها ترفض التدخل في الشأن الداخلي للبلاد.
وأكدت أن هذا "التصريح يتعارض تماما مع مبدأ الاحترام المتبادل في العلاقات بين الدول"، كما شددت على أن تونس "تتمسك باستقلال قرارها الوطني، وترفض بشدّة كل محاولة للتدخل في سيادتها وخيارات شعبها أو التشكيك في مسارها الديمقراطي الذي لا رجعة فيه".
وأضافت أن "تونس بقدر التزامها بثوابت سياستها الخارجية وحرصها على بناء علاقة وثيقة مع الدول الشقيقة والصديقة، قوامها التعاون والتضامن والتشاور والثقة المتبادلة، فإنها أيضا تتمسك باستقلال قرارها الوطني وترفض بشدة كل محاولة للتدخل في سيادتها وخيارات شعبها أو التشكيك في مسارها الديمقراطي الذي لا رجعة فيه".
وشددت الوزارة على "أن تونس دولة حرة مستقلة، والشعب فيها هو صاحب السيادة، وهو المخوّل الوحيد لاختيار مسار تحقيق الحرية الحقيقية التي تحفظ أمنه وتصون كرامته وتدعم حقوقه وتعزز كل مكاسبه، وتقطع مع رواسب الماضي ومع مسار الديمقراطية الشكلية التي لا علاقة لها بإرادة التونسيين والتونسيات".
وقال الجرندي على تويتر الأربعاء إنه تحدث أيضا إلى جاويش أوغلو عبر الهاتف واستدعى سفير أنقرة لدى تونس للتعبير عن رفض بلاده لتعليقات أردوغان.
وأضاف "أجريت اتصالا مع وزير خارجية تركيا، كما تم استدعاء السفير. أبلغتهما رفض تونس تصريح الرئيس أردوغان واعتباره تدخلا في الشأن التونسي، وأن علاقات البلدين يجب أن تقوم على احترام استقلالية القرار الوطني واختيارات الشعب التونسي دون سواه، وأن بلادنا لا تسمح بالتشكيك في مسارها الديمقراطي".
وتشكل تلك التطورات منعطفا جديدا في العلاقات بين البلدين، التي تطورت خلال العشرية الماضية، حيث استفادت أنقرة من وجود حركة النهضة الإسلامية في الحكم لتقوية نفوذها في تونس.
وتلقت تركيا بقلق شديد ما جرى في تونس منذ الصيف الماضي، وعبّرت عن رفضها للإجراءات الاستثنائية التي أقرّها الرئيس قيس سعيّد وآخرها حل البرلمان، والتي حجّمت حليفتها حركة النهضة، في المشهد السياسي.
وكان الرئيس التونسي أعلن الأربعاء الماضي حل مجلس النواب بعد أشهر من تجميد عمله.
وعقب القرار، أوضح في كلمة توجه بها إلى التونسيين أن قراره هذا اتخذ لحماية الدولة ومؤسساتها والوطن والشعب، بناء على أحكام الدستور والفصل 72 منه، الذي ينص على أن "رئيس الجمهورية هو رئيس الدولة، ورمز وحدتها، يضمن استقلالها واستمراريتها، ويسهر على احترام الدستور".
كما اعتبر حينها أن اجتماع نواب البرلمان المجمد يشكل تآمرا مفضوحا على أمن الدولة، مشيرا إلى أن كل ما يفعلونه الآن وكل ما يمكن أن يفعلوه في المستقبل، "لا قيمة قانونية له ولا قيمة قانونية لأي قرار مزعوم، ولأي قرار يتوهمون أنه قرار".
وجاء القرار الرئاسي ردا على جلسة عامة عقدها البرلمان المجمّد عن بعد، وحضرها أكثر من 100 نائب، وصادقوا خلالها على مشروع قانون يلغي الإجراءات الاستثنائية التي أعلنها سعيّد صيف العام الماضي.