تونس تدعو باريس إلى تذليل عقبات الحصول على التأشيرات

وزير الخارجية التونسي يؤكد أن الرسائل والمواقف السلبية من شأنها أن تزيد تعقيد الظروف الاجتماعية والاقتصادية.
الأربعاء 2023/05/31
دعم فرنسي لتونس لدى المؤسسات المالية الدولية

تونس - أثار وزير الخارجية التونسية نبيل عمار، الذي يؤدي زيارة عمل إلى فرنسا، الأزمة المرتبطة بالتأشيرات خلال محادثاته مع وزيرة الخارجية الفرنسية كاثرين كولونا.

وذكرت وزارة الخارجية التونسية أن الوزيرين تطرقا إلى "الاشكاليات المتعلقة بمنح التأشيرة للتونسيين وضرورة تذليل العقبات بهذا الخصوص".

وانتقدت وسائل إعلام تونسية على مدار الأشهر الأخيرة ما اعتبرته "قيودا ممنهجة" على منح التأشيرات للتونسيين بسبب ندرة الحصول على مواعيد لتقديم الطلبات لدى الشركة الوسيط والمكلفة بمعالجة الوثائق المطلوبة.

ونفى دبلوماسيون فرنسيون في تونس وجود قيود لكنهم أشاروا إلى مشاكل لوجيستية.

وكان القنصل الفرنسي في تونس، دومينيك ماس، قد أكد في الثالث عشر من الشهر الحالي أنه يعمل في القنصلية على الحد من "سماسرة" احتكار المواعيد لطالبي الحصول على التأشيرات عبر منصتها بحيل رقمية، مقابل مبالغ مالية، ومنعهم من القيام بذلك.

وأعلن القنصل الفرنسي في تصريحات لوكالة الأنباء الرسمية أن السفارة الفرنسية في تونس تعتزم توفير نحو 10 آلاف موعد شهريا للحصول على التأشيرة، بداية من موسم الصيف المقبل.

كما تعهد بوضع أكثر من ألف موعد إضافي خلال شهر مايو الجاري، للحصول على التأشيرة، وألف موعد آخر إضافي لشهر يونيو المقبل.

وفي سبتمبر 2022، أعلنت باريس وتونس عودة إصدار التأشيرات الفرنسية للتونسيين إلى المستوى الطبيعي، في قرار يأتي بعد نحو عام من تقليص فرنسا بقوة أعداد التأشيرات التي تمنحها للتونسيين.

وكانت باريس قرّرت، الخريف الماضي، تقليص عدد تأشيرات الدخول التي تمنحها لرعايا ثلاث من دول المغرب العربي، هي تونس والجزائر والمغرب، في إجراء هدفت من ورائه إلى الضغط على حكومات هذه الدول للتعاون معها في مكافحة الهجرة غير النظامية، وتسهيل استعادة مواطنيها الذين يُطردون من فرنسا.

ودعت الخارجية التونسية، اليوم الأربعاء، إلى "الحاجة إلى اعتماد مقاربة شاملة في التعامل مع القضايا المتعلقة بالهجرة والتنقل البشري والتنمية المستدامة".

وقابلت فرنسا الإجراءات، التي اتخذها الرئيس سعيد منذ اعلانه التدابير الاستثنائية في 2021 وتعزيز سلطته في الحكم، بتحفظ وهو الموقف الذي يتردد داخل دول الاتحاد الأوروبي، في وقت تعاني فيه الشريك الوثيق تونس من أزمة اقتصادية ومالية خانقة.

ونقلت الخارجية التونسية في بيان عن عمّار قوله "يظلّ التحدّي الرئيسي الذي تواجهه تونس هو النهوض بالاقتصاد"، و"من شأن الرسائل والمواقف السلبية زيادة تعقيد الظروف الاجتماعية والاقتصادية في البلاد". وذلك في إشارة إلى تصريحات نائب رئيسة المفوضيّة الأوروبيّة، جوزيب بوريل الذي قال في مارس الماضي إن "الوضع في تونس يسير نحو انهيار وشيك، وإن الانهيار يهدد بتدفق المهاجرين للاتحاد الأوروبي، مؤكدا أن الاتحاد لا يمكنه غض الطرف عما يحصل بتونس، مستبعدا في الوقت ذاته مساعدة تونس إذا لم توقع اتفاقا مع صندوق النقد".

لكن تونس رفضت تصريحات بوريل، مبينة أنها "غير متناسبة سواء بالنظر إلى القدرات الراسخة والمشهود بها عبر التاريخ للشعب التونسي على الصمود، وكذلك في ما يتعلق بالتهديد الذي تمثله الهجرة من دول الجنوب إلى أوروبا".

وأضاف بيان الخارجية اليوم الأربعاء أن الوزيرة كولونا، أكدت تفهم بلادها للسياق السياسي والاقتصادي الذي تمر به تونس، مجددة دعم فرنسا لتونس لمواجهة التحديات الاجتماعية والاقتصادية، ومساندتها لها لدى المؤسسات الأوروبية والدولية.

وتوصلت تونس المثقلة بالديون، الى اتفاق مبدئي مع صندوق النقد الدولي منتصف أكتوبر الفائت للحصول على قرض يقارب ملياري دولار لمساعدتها على تجاوز أزمة مالية خطيرة ونقص في السيولة.

لكن المحادثات وصلت إلى طريق مسدود، بسبب عدم وجود التزام واضح من تونس بإعادة هيكلة عشرات الشركات العامة المثقلة بالديون ورفع الدعم عن بعض المنتجات الأساسية.

وتعبّر أوروبا عن قلقها إزاء عدم إحراز تقدّم وانهيار محتمل للاقتصاد التونسي يمكن أن يزيد من تدفق المهاجرين نحو الشواطئ الأوروبية.

وتسجّل تونس التي تبعد بعض أجزاء من سواحلها أقل من 150 كيلومترًا عن جزيرة لامبيدوزا الإيطالية، بانتظام محاولات المهاجرين، وغالبيتهم من دول إفريقيا جنوب الصحراء، للوصول إلى السواحل الإيطالية.

وذكر وزير الخارجية التونسي نظيرته الفرنسية بمبادرة الرئيس قيس سعيد، لتنظيم قمة تجمع دول ضفتي المتوسط ودول أفريقيا جنوب الصحراء من أجل اعتماد منهجية متعددة الأبعاد لمعالجة الأسباب العميقة لظاهرة الهجرة ومختلف تداعياتها.

ورحب الوزيران بمستوى التبادل الاقتصادي بين البلدين، ودعيا إلى تعزيز الاستثمارات الفرنسية في القطاعات التنافسية والابتكارية وذات القيمة المضافة العالية، والاستفادة من عملية إعادة هيكلة سلاسل القيمة على المستوى العالمي.

وتعدّ فرنسا أبرز الشركاء الاقتصاديين لتونس، حتّى أنها كانت في 2019 الشريك الاقتصادي الأوّل لتونس، حيث كانت الوجهة التجارية لما يقارب 29.1 بالمئة من الصادرات التونسيّة ومصدر 14.3 بالمئة من الواردات التونسية.