تونس تحيي الذكرى العاشرة للثورة وسط إغلاق تام مع انتشار الوباء

العديد من التونسيين يشعرون بالإحباط بسبب تدهور القطاع الصحي حيث فاقمت تداعيات الوباء الوضع الاقتصادي الصعب.
الخميس 2021/01/14
أجواء مشحونة بعد عشر سنوات على الثورة

تونس - تمرّ الذكرى العاشرة لسقوط نظام الرئيس التونسي الراحل زين العابدين بن علي وسط إغلاق تام في البلاد بسبب تفشي وباء كوفيد - 19، ما حال دون نزول الآلاف من المتظاهرين إلى الشوارع لإحياء ذكرى ثورة 14 يناير كما جرت العادة في السنوات الأخيرة.

ويقول رئيس المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية علاء الطالبي "كان من المفروض النزول للاحتجاج في شارع الحبيب بورقيبة وسط العاصمة التونسية للمطالبة بالمزيد من العدالة الاجتماعية، لأن الحكومات التي تعاقبت منذ العام 2011 لم تهتم بهذا المطلب".

ويستدرك "لكن يوم 14 يناير سأبقى في البيت للمرة الأولى منذ عشر سنوات، لأن الأزمة الصحية شديدة ويجب اتخاذ إجراءات قوية".

ودعا الاتحاد العام التونسي للشغل منذ أسابيع إلى التظاهر والمطالبة بالتشغيل والتنمية في ولايات كبرى في البلاد على غرار صفاقس (وسط) وقفصة (غرب)، إلا أن المشاركة كانت ضعيفة وتم تأجيل بعضها.

ويشعر العديد من التونسيين بالإحباط الذي تغذيه نسبة البطالة المرتفعة والتضخم وتدهور القطاع الصحي، وفاقمت تداعيات الوباء الوضع الاقتصادي الصعب، وخسرت البلاد عددا كبيرا من الوظائف.

ويسود جو من اليأس في تونس خصوصا في ما يتعلق بالمطالب الاجتماعية التي لم تجد لها الحكومات المتعاقبة حلولا منذ عشر سنوات على وفاة محمد البوعزيزي، بائع الخضار المتجول الذي أضرم النار في جسده احتجاجا على الوضع المعيشي ومضايقات الشرطة في مدينة سيدي بوزيد المهمشة في 17 ديسمبر 2010.

وتسجل البلاد منذ أسابيع أكثر من خمسين وفاة يوميا، وسط تحذيرات العديد من المسؤولين في القطاع الصحي من مشاكل في توفير أسرة الأكسيجين والإنعاش في عدد من المستشفيات في الولايات.

وتمكنت تونس، وحدها ضمن ما صار يعرف بدول "الربيع العربي"، من مواصلة مسار الانتقال الديمقراطي، إلا أن التجاذبات السياسية العميقة ألقت بظلال قاتمة على المشهد التونسي في ظل تفاقم الأزمات المالية والاقتصادية والاجتماعية.

ddd

ويقول الطالبي "يمكن أن نكون محبطين، ولكن هذا لا يعني أن هناك إحساسا بالندم. عشر سنوات، هذا قليل لتغيير نظام جاثم منذ عقود. يمكن أن نفتخر بالتقدم الذي حصل".

ويعلل كلامه قائلا "أرسينا نظاما سياسيا جديدا وتوافقنا على دستور بالرغم من أنه لم يُفعّل كليّا واحترمنا آجال الانتخابات".

ويتابع "اليوم يجب أن يكون هناك انتقال اقتصادي".

واستنفدت تونس التي يعتمد اقتصادها على المانحين الدوليين إلى حد بعيد، في الربيع الفائت برنامجا للدعم منحه صندوق النقد الدولي، من دون أن تتمكن من النهوض باقتصادها وإصلاح القطاعات الحيوية فيه.

وأثّر الوباء بصفة مباشرة على قطاع السياحة الذي يعتبر ركيزة للاقتصاد ومصدرا للعملة الصعبة، وأصبح هذا القطاع يعاني من أزمات متواصلة منذ العام 2011 إلى اليوم، وخسر الكثير من العاملين في المنشآت السياحية وظائفهم التي كانت تعيل العشرات من العائلات.

وتعطلت أنشطة استخراج الفوسفات والنفط في ولايات مثل قفصة وتطاوين (جنوب)، بسبب الاحتجاجات والتظاهرات المطالبة بالتشغيل وتحسين البنية التحتية داخل هذه الولايات المهمشة.

وتعيش الطبقة السياسية تناحرا وصراعات متواصلة على السلطة، ويتهمها بعض التونسيين بخدمة مصالح فئات معينة من المجتمع على حساب البعض الآخر.

وإزاء انسداد الآفاق وتفاقم البطالة، ارتفعت أعداد المهاجرين غير القانونيين من تونس في اتجاه السواحل الإيطالية، وسجلت أرقاما قياسية منذ العام 2011.

 ويشكل المهاجرون التونسيون أكبر عدد ضمن جنسيات المهاجرين الذين وصلوا إلى إيطاليا العام الماضي (حوالي 38 في المئة).

وتفيد أرقام وزارة الداخلية الإيطالية بأن 12883 تونسيا وصلوا إلى إيطاليا في العام 2020، أي قرابة خمسة أضعاف مقارنة بعددهم في العام 2019.

ويعتبر مركز دراسات "ترانسناشونال" في أمستردام أن الحكومات التسع المتعاقبة "وجدت صعوبة في إحداث توازن بين مصالح النخبة التقليدية وباقي المواطنين المهمشين".

ويغذي الإحساس بالإحباط والخذلان بعض الحنين إلى النظام القديم، ويعمل بعض السياسيين على دعم هذا التوجه.

ويدعو "الحزب الدستوري الحرّ" الذي تترأسه المحامية عبير موسي إلى إقصاء الإسلاميين وعلى رأسهم حزب النهضة الذي يتواجد في السلطة منذ ثورة 2011، والعودة إلى نظام رئاسي قوي، بينما يعتبر الطالبي أن "الشباب الذين ترعرعوا في الحرية لا يزالون يؤمنون بالثورة".