تونس تحل مكان ليبيا كنقطة عبور أولى للمهاجرين غير النظاميين

واشنطن - عزا معهد “كارنيغي للسلام” الأميركي، تحول تونس إلى نقطة عبور للمهاجرين غير النظاميين الأفارقة، إلى التضييق الليبي على قوافل اللاجئين بالتعاون مع الاتحاد الأوروبي، مؤكدا ظهور شبكات الاتجار بالمحركات المسروقة أو المهربة من ليبيا لصناعة القوارب التي تسهل عملية التهريب.
ولفت تقرير المعهد الأميركي إلى أن تونس تحولت إلى نقطة عبور رئيسية للمهاجرين وطالبي اللجوء من أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى بهدف الوصول إلى أوروبا بعد الأزمات الاقتصادية والمناخية والاجتماعية في منطقة الساحل الأفريقي.
وفي سنة 2015 ألغت تونس وعدد من بلدان جنوب الصحراء الكبرى برامج التأشيرات المتبادلة، ومع ذلك، أدت التحولات السياسية الأخيرة في منطقة الساحل وليبيا إلى زيادة كبيرة في عدد الوافدين.
واعتبر المعهد أن تزايد قوافل المهاجرين سببه سلسلة من الانقلابات في منطقة الساحل، فضلا عن أزمة المناخ وتدهور الظروف المعيشية، ما أجبر الآلاف من الأشخاص على مغادرة أوطانهم.
في حين خصصت اتفاقية الهجرة الموقعة العام 2017 بين الحكومة الإيطالية وليبيا، بدعم من الاتحاد الأوروبي، أموالا لإنشاء مراكز احتجاز وتحويل الجماعات المسلحة إلى خفر سواحل.
الانقلابات في منطقة الساحل وأزمة المناخ وتدهور الظروف المعيشية أدت إلى تزايد قوافل المهاجرين غير النظاميين
وأدى هذا الاتفاق، عن غير قصد، إلى توجيه المهاجرين من جنوب الصحراء الكبرى نحو تفضيل الدخول إلى تونس على حساب ليبيا.
وأفاد المعهد أنه في أعقاب سوء المعاملة على نطاق واسع من قبل الميليشيات وانزلاق ليبيا إلى الصراع في العام 2019، بدأ المهاجرون يدخلون تونس بأعداد أكبر وكان معظم هؤلاء المهاجرين يأملون في مغادرة تونس إلى أوروبا.
وفقد العديد من المهاجرين غير النظاميين من جنوب الصحراء الكبرى الموجودين بالفعل في تونس وظائفهم غير الرسمية بسبب جائحة كورونا وبدأوا في البحث عن فرص في أماكن أخرى.
وفي أوائل العام 2023، ألقى الرئيس التونسي قيس سعيد، خطابا ردّد فيه المشاعر التي يتبناها اليمين الأوروبي المتطرف. وأدى ذلك إلى زيادة في العنصرية العنيفة تجاه الأفارقة القادمين من جنوب الصحراء الكبرى الذين يعيشون في البلاد وزيادة مقابلة في عدد المهاجرين المقيمين في تونس الذين يبحثون عن اللجوء إلى أوروبا.
وساهم الفقر المستمر وانعدام الأمن في العديد من دول أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى في تزايد أعداد المهاجرين، فضلا عن اعتبار تونس بمثابة نقطة عبور أكثر أمانًا إلى أوروبا بالمقارنة مع دول الجوار مثل ليبيا أو الجزائر.
التوسع الديناميكي للنظام البيئي للهجرة أتاح فرصا لبعض الجهات الفاعلة ضمن شبكات التجارة غير الرسمية مع الجزائر وليبيا
وحسب الأرقام، وفي العام 2017، وقبل توقيع اتفاقية الهجرة التي تركز على الأمن بين ليبيا وإيطاليا، كانت ليبيا نقطة عبور 91 في المئة من الوافدين إلى الشواطئ الإيطالية. وهذا ما جعل ليبيا الوجهة الأساسية لمعظم المهاجرين الأفارقة، بعد ذلك، برزت تونس كنقطة خروج مفضلة للمهاجرين على طول الطريق المركزي للبحر المتوسط.
وبحلول العام 2019، غادر 36 في المئة من المهاجرين فقط من المعابر البحرية من ليبيا، في حين انطلق 32 في المئة منهم من تونس. وفي العام 2020، جاء 43 في المئة من الوافدين عبر البحر إلى إيطاليا من تونس، و38 في المئة من ليبيا.
واستمر هذا الاتجاه، ليصل إلى أعلى مستوياته في العام 2023، حيث جاء 61 في المئة من الوافدين إلى إيطاليا من تونس و33 في المئة من ليبيا.
وبين معهد كارنيغي أنه طوال العام 2022، ومع تزايد الطلب على المغادرة، بدأت ورش العمل السرية لصناعة القوارب المعدنية في الظهور في المناطق النائية بمدينة صفاقس (شرق تونس).
وتكثف هذا النشاط في العام 2023، حيث انخرط العديد من المهاجرين المعوزين في صناعة هذه القوارب المعدنية مقابل المأوى.
ومع ارتفاع الطلب وقمع سلطات إنفاذ القانون لحالات المغادرة المتزايدة، ظهرت شبكات الاتجار بالمحركات المسروقة أو المهربة من ليبيا. كما أتاح التوسع الديناميكي للنظام البيئي للهجرة فرصا لبعض الجهات الفاعلة ضمن شبكات التجارة غير الرسمية مع الجزائر وليبيا.
وكان الانخفاض في أنشطة التهريب التي يقوم بها التونسيون مع ليبيا والجزائر مدفوعا بالتحديات الاقتصادية والأمنية في ليبيا واللوائح الأكثر صرامة التي فرضتها السلطات في الجزائر. واستغل بعض الأفراد الفرصة للمشاركة في نقل المهاجرين من الحدود الجزائرية والليبية إلى صفاقس.