تونس تحذر بروكسل من عواقب ضغوطها بشأن قرض النقد الدولي

تونس – حذّر وزير الخارجية التونسي، نبيل عمار من عواقب ضغوط مسلّطة على بلاده في علاقة بقرض صندوق النقد الدولي، مشيرا إلى أن هذه الضغوط قد تؤدي إلى نقطة اللاعودة، وذلك في رسالة واضحة للأوربيين مفادها أن ترددهم في دعم تونس ومساعدتها ماليا قد يجعلها عاجزة عن مواجهة قوافل المهاجرين ما يضع أوروبا في مواجهة مباشرة مع أزمة إنسانية كبيرة.
ويقوم الاتحاد الأوروبي بنوع من الابتزاز لمقايضة دعمه المالي لتونس عن طريقه أو عبر تحفيزه المانحين الدوليين كصندوق النقد والبنك الدولي بهدف كبح جماح الهجرة غير النظامية إلى سواحله.
ولم ينته اجتماع وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي، الذي عقد منذ أيام في بروكسل، إلى موقف واضح بشأن أشكال الدعم الذي سيقدم لتونس استجابة لدعوات إيطاليا بصفة خاصة، التي تحذر من أن ترك تونس وحدها في مواجهة أزمتها المالية الحادة سيجعلها عاجزة عن لعب دورها في التصدي للهجرة غير النظامية.
وتسجل تونس التي تبعد أجزاء من سواحلها أقل من 150 كيلومترًا عن جزيرة لامبيدوزا الإيطالية، بانتظام محاولات لمهاجرين، ومعظمهم من دول أفريقيا جنوب الصحراء للمغادرة بشكل غير قانوني في اتجاه السواحل الإيطالية.
وكان الحرس الوطني التونسي قد أعلن أنه أنقذ أو اعترض "14 ألفا و406 أشخاص بينهم 13 ألفا و138 يتحدرون من أفريقيا جنوب الصحراء، والباقون تونسيون”، وذلك خلال الأشهر الثلاثة الأولى من العام الجاري.
ويناهز هذا العدد خمسة أضعاف ما تم إحصاؤه خلال الفترة نفسها من العام 2022.
وقال عمار في تصريحات لوكالة تونس أفريقيا للأنباء مساء الاثنين إنَّ "الضغوط المسلّطة على تونس في علاقة بقرض صندوق النقد الدولي بدأت تعطي نتائج عكسية".
وعبر الوزير التونسي، عن تطلع بلاده أن يكون لشركائها ما يكفي من الوعي بهذا الخطر لأنهم ذهبوا بعيدا في ضغوطهم.
وسرد عمّار تفاصيل ما حصل مع شركاء تونس، قائلا "نحن فسرنا لشركائنا أنه يوجد خط أحمر لا يمكن أبدا تخطيه، ألا وهو استقرار البلاد والسلم الاجتماعية.. ورئيس الجمهورية (قيس سعيد)، كان واضحا في هذه النقطة، فالرئيس هو الضامن لاستقرار البلاد والتصريحات التي يدلي بها، يجب أخذها بعين الاعتبار، سواء في تونس أو في الخارج، وشركاؤنا لا يعرفون الوضع في تونس أكثر من كبار المسؤولين المشرفين على إدارة شؤون البلاد".
وضمن تقييمه لمسار المواقف الشريكة لتونس خلال السنوات العشر الماضية، قال وزير الخارجية "إنّه يجب على شركاء تونس الإصغاء جيدا لمعرفة حقيقة الوضع فيها". مضيفا أنّ "الوضع الحالي، ما هو إلا انعكاس مباشر وغير مباشر للحوكمة السيئة للبلاد، على امتداد عشر سنوات، من خلال دعمهم للحكومات المتعاقبة منذ 2011، وهم بالتالي يتحملون جانبا من المسؤولية، وإن لم يُقرّوا بذلك، وهو ما عمدت إلى تذكيرهم به مرارا، في كل مناسبة".
وأكد عمّار، أنّ شركاء تونس "تعهّدوا بدعم تونس، لكن على أرض الواقع، لا يوجد شيء ملموس، وهو ما يدل على وجود تناقض بين القول والفعل".
وقال الوزير التونسي إنّ "الرسائل السلبية تجاه تونس، لها انعكاسات مباشرة ووخيمة على المستوى الاقتصادي وتساهم في عزوف المستثمرين والسيّاح.. مضيفا "حين يتحدّث شركاؤنا عن دعمنا، ثم يبثون في الوقت ذاته رسائل مشككة، فهنا وبكل بساطة، لا يمكننا إلا الحديث عن عدم انسجام بين القول والفعل".
وشدّد على أنّ "شركاءنا الأجانب، هم أصدقاؤنا ولكن لا يمكنهم أن يكونوا طرفا في شؤوننا الداخلية"، قبل أن يضيف " يمكن للاقتصاد التونسي أن يزدهر عند تداول صورة إيجابية عن تونس ويجب على التونسيين أن يكونوا واعين جدا بهذه العلاقة ومن المهم لمواطنينا أن يقوموا بحل خلافاتهم بأنفسهم دون اللجوء لأي طرف أجنبي".
وأكد الوزير أن التطور الاقتصادي لتونس وازدهارها يصبان في مصلحة مختلف الأطراف، وأن مصلحة تونس تلتقي مع مصلحة كل شركائها.
وتعاني تونس من أزمة اقتصادية ومالية بسبب سياسات الحكومات السابقة، وقد تفاقمت هذه الأزمة خلال الأعوام الأخيرة بفعل جائحة كورونا والحرب الأوكرانية.
وتوصّلت تونس إلى اتفاق على مستوى الخبراء مع صندوق النقد بشأن حزمة إنقاذ بقيمة 1.9 مليار دولار مقابل إصلاحات اقتصادية لا تحظى بتوافق بما في ذلك خفض دعم المواد الغذائية والطاقة وإصلاح المؤسسات العمومية والتحكم في كتلة الرواتب.
ويطالب صندوق النقد بضمانات حقيقية لتطبيق حزمة إصلاحات قبل البدء بصرف الشريحة الأولى من القرض.
ويعارض الرئيس سعيد بشكل خاص النقطة المتعلقة بخفض الدعم وبدل ذلك يقترح توجيه الدعم إلى مستحقيه أو فرض أداءات على المصنعين المستهلكين للمواد المدعمة.
وينظر قيس سعيد إلى موضوع صندوق النقد من جوانبه المختلفة، فهو لا يعارض الإصلاحات التي تحسن وضع الاقتصاد، لكنه يرفض أن تكون تلك الإصلاحات على حساب الفئات الفقيرة والمتوسطة، حيث أن التخلي عن الدعم سيدفع إلى ارتفاع الأسعار بشكل لا يقدر فيه الناس على توفير حاجياتهم.
وخلال العشرية الأخيرة التهم بند الدعم نحو 1.24 مليار دولار في المتوسط منها 880 مليون دولار لدعم السلع الأساسية و220 مليون دولار لدعم النقل و150 مليون دولار لدعم الوقود من موازنة سنوية تتأرجح بين 12 و15 مليار دولار.