تونس تحدد موعد الدور الثاني للانتخابات وسط آمال بتجاوز العزوف

الهيئة العليا المستقلة للانتخابات تعلن يوم التاسع والعشرين من الشهر الجاري جولة الإعادة للاستحقاق التشريعي، على أن يتم إرساء البرلمان الجديد في بداية شهر مارس المقبل.
الأحد 2023/01/15
هل يقبل التونسيون على الدور الثاني من الاستحقاق الانتخابي

تونس - أعلنت الهيئة العليا المستقلة للانتخابات في تونس الأحد عن موعد الدور الثاني للانتخابات البرلمانية والمقرر يوم التاسع والعشرين من الشهر الجاري، فيما يأمل الرئيس التونسي قيس سعيّد أن تشهد مشاركة لافتة بعد النسبة المحدودة المسجلة في الدور الأول.

وقال نائب رئيس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات في تونس ماهر الجديدي إن "موعد الدور الثاني حسب الرزنامة الأولية لهيئة الانتخابات سيكون يوم التاسع والعشرين من يناير الجاري، وإن هيئة الانتخابات أتمت كل الاستعدادات البشرية واللوجستية والمادية لتنظيمها".

وأضاف في تصريحات إعلامية أن الحملة الانتخابية للدور الثاني ستنطلق يوم السادس عشر من يناير لتتواصل إلى غاية يوم السابع والعشرين من يناير الجاري، فيما سيكون يوم الثامن والعشرين من يناير يوم الصمت الانتخابي.

ولفت المسؤول التونسي إلى أن الدور الثاني من هذه الانتخابات سيقتصر على 131 دائرة من مجموع 161، وأن التنافس سيقتصر على مرشحين اثنين بكل دائرة.

وتوقع المسؤول ذاته أن يتم الإعلان عن النتائج النهائية للدور الثاني من هذه الانتخابات في نهاية شهر فبراير القادم، على أن يتم إرساء البرلمان الجديد في بداية شهر مارس المقبل.

وكان الدور الأول من هذا الاستحقاق الانتخابي الذي جرى في السابع عشر من ديسمبر الماضي، قد شهد نسبة مشاركة متدنية بلغت 11.22 في المئة، وفق ما أعلنه  فاروق بوعسكر رئيس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات في تونس بعد يومين على غلق صناديق الاقتراع.

ورغم أن الرئيس التونسي قد قلّل من أهمية المقاطعة الكبيرة للانتخابات التشريعية التي شهدتها البلاد مؤخرا، قائلا إن "مشاركة بـ9 أو 12 في المئة أفضل من الـ99 في المئة التي كانوا يشاركون فيها، وكانت تتهاطل برقيات التهاني من الخارج وتعلم تلك العواصم أن تلك الانتخابات مزورة".

لكن رغم ذلك يعول كثيرا على إقبال التونسيين على المشاركة بشكل مكثف لإسكات أصوات قوى المعارضة التي حاولت استثمار نسبة الإقبال المحدودة للنيل من شرعية المسار الحالي، لكنها فشلت في ظل عدم تجاوب في الداخل والخارج أيضا.

ومثلت نسبة المشاركة الضعيفة مادة جاهزة للمعارضة، وفي مقدمتها حركة النهضة الإسلامية عبر واجهتها جبهة الخلاص، لمهاجمة الرئيس سعيّد ومشروعه السياسي، والتشكيك في شرعيته، ومطالبته بالتنحي عن منصبه.

ونظمت حركة النهضة وبعض القوى السياسية المناهضة لمسار الخامس والعشرين من يوليو 2021 تظاهرات في شارع الحبيب بورقيبة في الذكرى الثانية عشرة للثورة التونسية السبت، أطلقت خلالها بعض الشعارات المألوفة التي سبق أن رفعها التونسيون في احتجاجات 2011 مثل "ارحل ارحل" و"الشعب يريد إسقاط الانقلاب".

ولم يتجاوز عدد المتظاهرين، وفق وزارة الداخلية التونسية، 1500 شخص، لتفند بذلك بعض الأبواق الإعلامية المحسوبة على تنظيم الإخوان المسلمين، على غرار قناة "الجزيرة" القطرية التي تحدثت عن الآلاف.

ورغم فشل القوى المعارضة في التحشيد لمظاهرة السبت، إلا أن تحذيرات الرئيس التونسي التي أطلقها منذ نحو أسبوعين من "تآمر" داخل البلاد لتعطيل مسار تنظيم الدور الثاني للانتخابات التشريعية، تجعل منها المتهم الأول، حيث سبق أن حذر في أكثر من مناسبة من تحركات معارضيه، وفي مقدمتهم حركة النهضة الإسلامية، لضرب السلم الأهلي بالبلاد، محمّلا إياها المسؤولية الكاملة عن تلك الأفعال.

وقال الرئيس سعيّد "هناك من يقومون بتوزيع أموال طائلة على المواطنين بهدف تعطيل السير العادي للدور الثاني لانتخاب أعضاء مجلس نواب الشعب أو تعطيل السير العادي لبعض المرافق العمومية، فضلا عن تلقيهم مبالغ ضخمة من الخارج بهدف المزيد من تأجيج الأوضاع وضرب استقرار الدولة التونسية".

ويستبعد مراقبون أن يشهد الدور الثاني من الانتخابات التشريعية نسبة أفضل من تلك المسجلة في الجولة الأولى، نظرا لعدم معرفة أغلب التونسيين بالمرشحين، فضلا عن معرفتهم المسبقة بالصلاحيات المحدودة للمجلس التشريعي المقبل، إلى جانب انشغالهم بوضعهم المعيشي وغلاء الأسعار، واعتقادهم أن الانتخابات لن تغير ما بحالهم وقد جربوها طيلة العشر سنوات الماضية، التي يصفها خبراء ومحللون بـ"العشرية السوداء".

والانتخابات التشريعية الأخيرة في تونس تعتبر أحدث حلقة في سلسلة إجراءات استثنائية بدأ الرئيس قيس سعيّد تنفيذها في الخامس والعشرين من يوليو 2021، سبقها حل مجلسي القضاء والبرلمان، وإصدار تشريعات بمراسيم رئاسية، وإقرار دستور جديد عبر استفتاء الخامس والعشرين من يوليو 2022.