تونس تحتفي بأغاني نسائها في مهرجان جديد

مهرجان "هنّ للغناء النسوي بتونس" يستقطب 12 فرقة ويناقش واقع الموسيقيات.
الخميس 2023/01/19
الموسيقى النسائية فن تونسي متوارث

ساهمت المرأة التونسية جنيا إلى جنب مع الرجل في نهضة الكثير من المجالات، ومنها الفنون من موسيقى ومسرح وسينما وفن تشكيلي وغيرها، ونذكر بشكل خاص الموسيقى التي قدمت وجوها أخرى للمرأة التونسية، معبرة عنها بشكل جلي، مانحة النساء أصواتهن التي بقيت في الخفاء.

المنستير (تونس) - في إطار تنويع التظاهرات الثقافية والفنية والعمل على إطلاق مهرجانات ذات خصوصية تعمل على إبراز إبداعات المرأة التونسية في مجالات مختلفة أعلنت إدارة المركب الثقافي بمحافظة المنستير (وسط شرق تونس) إطلاقها مهرجانا جديدا يُلقي الأضواء على المجموعات الموسيقية النسائية وإنتاجاتها يحمل عنوان “هنّ للغناء النسوي بتونس” في دورة أولى تأسيسية.

ويأتي هذا المهرجان تثمينا لمسار طويل خطته المرأة التونسية في عالم الموسيقى وقدمت خلاله الكثير لهذا الفن، ما جعلها في صدارته، ولا أدل على ذلك من المغنيات التونسيات اللواتي نلن شهرة كبيرة منذ خمسينات القرن الماضي.

الفرق المشاركة

التظاهرة في دورتها الأولى تلقي الأضواء على المجموعات الموسيقية النسائية وإنتاجاتها بعنوان {هنّ للغناء النسوي بتونس}
التظاهرة في دورتها الأولى تلقي الأضواء على المجموعات الموسيقية النسائية وإنتاجاتها بعنوان "هنّ للغناء النسوي بتونس"

أعلنت لجنة تقييم الأعمال المشاركة في المهرجان في دورته الأولى والتي ستنتظم أيام 2 و3 و4 فبراير 2023 بالمركب الثقافي بالمنستير عن قائمة الفرق والمجموعات التي ستشارك في المسابقة النهائية.

واستقبلت اللجنة 27 ملفا في الآجال القانونية وتم اختيار 12 مجموعة لتشارك في المسابقة الرسمية للمهرجان وتمثل تسع محافظات تونسية وهي تونس والمهدية والمنستير وسوسة ونابل وقفصة والكاف  وقابس وصفاقس.

أمّا المجموعات التي ستتنافس في المسابقة النهائية فهي “مجموعة أصوات الواحة” من قابس و”نادي عليسة للغناء” و”كورال ترانيم” من نابل و”نادي فتحية خيري للمالوف” بتونس و”نادي زرياب للغناء العربي” و”مجموعة عقد الريحان” من المنستير ونادي “البيّة” للغناء و”كورال نادي تفنّن للمالوف” من سوسة و”مجموعة غنّيلي شويّ” من قفصة و”مجموعة حراير تونس” من صفاقس إضافة إلى “مجموعة حواء الكاف” من الكاف و”مجموعة حلمة” من المهدية.

وفي تقديمه للورقة العلمية للمهرجان، بين الأكاديمي توفيق بوقرة أنه في تونس رافقت المرأة الرجل في كل أعمال وأنشطة الحياة سواء الفلاحية أو الاقتصادية أو التبادلات التجارية وغيرها، إضافة إلى تحمّلها أعباء المنزل، ولكن بقيت بعض الأنشطة الحياتية ممنوعة من الخوض فيها أو مجرد الاقتراب منها باعتبار أن هذه الأنشطة الموازية تخرج بالمرأة عن إطارها الطبيعي وتجعلها تتمرد على القيم الاجتماعية والأخلاق المتوارثة. ومن ذلك المسرح والسينما والموسيقى.

الورقة العلمية

فن ينبع من وحي التراث
فن ينبع من وحي التراث 

أضاف “إلا أنه وفي العقود الأخيرة وحتى منذ سنوات النضال ضد المستعمر مطلع القرن الماضي ومنتصفه شهدت المرأة تطورا كبيرا في مجتمعها المحلي، حيث بدأت تقترب أكثر من كينونتها متخذة من الفنون وسائل للتعبير عن ذاتها في هذا المجال. حيث ظهرت المرأة المغنية والمرأة الممثلة والمرأة السينمائية. وهو ما عمّق إيمانها بأن دورها في الحياة لا يقتصر على المنزل ولا على مجال دون آخر. إذ هناك في مكان من هذه الحياة متنفس تلجأ إليه لتلبية رغبة ذوقية فنية تجد فيها السكينة والراحة المنشودة”.

ولفت إلى أنه في إطار هذه الجدليات يبدو طرح مسألة الموسيقى النسوية في تونس أمرا ملحا في ظل ما يشهده المجتمع التونسي من تحولات اجتماعية واقتصادية وثقافية عميقة تعددت على إثرها التعابير النسائية واختلفت أطرها في المجال الموسيقي وهو ما جعلنا نطرح قضية “المرأة، الفن والمجتمع” لتكون محل نقاش بين الباحثين في المجال الموسيقي.

وتابع “يتيح لنا هذا المحور فرصة مناقشة مثل هذا المسائل المسكوت عنها لفترات طويلة من الزمن. وذلك في إطار ندوة علمية على هامش المهرجان الوطني الغنائي النسوي بتونس وذلك يوم الرابع من فبراير 2023 بمدينة المنستير”.

مهرجان "هنّ للغناء النسوي بتونس" يعلن عن المجموعات المشاركة في الدورة الأولى وعن ورقته العلمية وأسئلتها الهامة

وقد حددت أسئلة الورقة العلمية للمهرجان بداية من: ما علاقة المرأة بالفن؟ هل هو انتقال المرأة من المتقبل إلى الباث؟ فيم تتمثل نظرة المجتمع إلى المرأة الممارسة للموسيقى؟ هل ينفي المجتمع حق المرأة في المشاركة الحرَّة في الحياة الثقافية، وفي الاستمتاع بالفنون؟

كما تجيب ندوة المهرجان عن أسئلة حول التحولات التي شهدتها المرأة في مجال الغناء والموسيقى، وعن الفضاءات الجديدة التي أسستها المرأة لممارسة هواياتها، مناقشة علاقة كل ذلك بالثقافة وبالسوق الثقافية.

وبيّن الباحث التونسي وليد نعمان أن “المدوّنة الغنائية النسائية ممتدّة في التاريخ والجغرافيا، ونجدها في البيئة البدويّة متّصلةً بمقاماتٍ ثلاثة: أغاني الملالية، وأغاني المحفل، وأغاني الأطراق. أمّا في المدن والبيئة الحضريّة – منذ بدايات القرن العشرين – فقد اقترضت الأغاني كثيرا من أغاني الأطراق البدوية خاصة، وذلك لقوّة الاختلاط وتأثير الأغلبية، وهو اللون الذي سُمّي بالعروبي، كما اقترضت من الموشّحات الأندلسيّة والأزجال وغيرها”.

وتطور الغناء النسائي في تونس بشكل لافت في العقود الأخيرة مفصحا عن صوت المرأة المكبوت والمخفي منذ قرون، ومبينا الكثير من مشاعرها وآرائها وتصوراتها الجمالية، علاوة على تأثير النساء الكبير في تاريخ الموسيقى التونسية، التي قدمت أصواتا نسائية عديدة أغنت هذه المدونة وطورت الموسيقى التونسية بشكل كبير.

وبات في السنوات الأخيرة مشاعا وجود فرق موسيقية كلها من النساء، تقدم سواء أغاني التراث وحفلات الأفراح، أو تستعيد موروثا هاما من المالوف الأندلسي والأغاني التونسية العريقة.

يُذكر أن مهرجان “هنّ للغناء النسوي بتونس” ينظمه المركب الثقافي بالمنستير بالاشتراك مع جمعية مهرجان المنستير الدولي بدعم من المندوبية الجهوية للشؤون الثقافية بالمنستير.

Thumbnail
13