تونس تحافظ على اعتمادات الدعم وتزيد الضرائب على البنوك والفنادق

خبراء يحذرون من أن الاقتراض الداخلي المكثف يهدد بالتسبب في شح كبير في السيولة وإغراق القطاع المصرفي في أزمة خانقة.
الأربعاء 2023/10/18
تونس لا تنوي التفاعل مع صندوق النقد

تونس – أبقت تونس، في مشروع موازنة 2024، على نفس نفقات دعم الوقود والكهرباء والغذاء، بينما رفعت الضرائب على الفنادق والبنوك وشركات المشروبات الكحولية، في خطوة تظهر أن حكومة أحمد الحشاني لا تعتزم الاقتراب من موضوع الدعم بسبب تداعياته الاجتماعية والسياسية.

ويرى مراقبون أن الاحتفاظ باعتمادات الدعم في نفس مستوى الموازنة الماضية يؤكد أن تونس لا تنوي التفاعل مع صندوق النقد الدولي الذي يشترط أن تقوم تونس بإلغاء الدعم مقابل إعادة دراسة ملفها، مثلما جاء على لسان جهاد أزعور، مدير إدارة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى بصندوق النقد الدولي، خلال مشاركته في اجتماعات مراكش الأخيرة.

وكان الرئيس التونسي قيس سعيد قد رفض في العام الجاري ما سمّاه “إملاءات” صندوق النقد قائلا إنها قد تؤدي إلى احتجاجات وتهدد السلم الاجتماعي، مما يلقي بظلال من الشك على خطة إنقاذ بقيمة 1.9 مليار دولار.

الحكومة تعتزم خفض فاتورة رواتب القطاع العام مع ترشيد الزيادات في الأجور وحصر التشغيل في القطاعات ذات الأولوية

وتوصلت تونس خلال العام الماضي إلى اتفاق على مستوى الخبراء مع الصندوق بشأن القرض، لكنها تخلفت بالفعل عن التزامات رئيسية.

ويمكن أن تفتح زيارة لوفد الصندوق مقررة في ديسمبر الباب لحلحلة مواضيع الخلاف، وخاصة شرط إلغاء الدعم.

واعتبر محافظ البنك المركزي التونسي مروان العباسي أن زيارة وفد الصندوق إلى تونس تعد إشارة “إيجابية” تقيم الدليل “على إعادة التواصل بين الطرفين”.

ووصف الخبير المالي والمصرفي التونسي محمّد صالح الجنادي في تصريح سابق لـ”العرب” شرط إلغاء الدعم الذي يطالب به صندوق النقد بأنه “شرط تعجيزي من الصندوق ومن غير الممكن تنفيذه في تونس”.

وأشارت وثيقة الموازنة إلى أن الحكومة تعتزم خفض فاتورة رواتب القطاع العام من 14.4 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي في 2023 إلى 13.5 في المئة العام المقبل مع ترشيد الزيادات في الأجور وحصر باب التشغيل في القطاعات ذات الأولوية.

pp

وخلال الفترة الممتدة بين 2011 و2021 التهم بند الدعم نحو 1.24 مليار دولار، منها 880 مليون دولار لدعم السلع الأساسية و220 مليون دولار لدعم النقل و150 مليون دولار لدعم الوقود، من موازنة سنوية تتأرجح بين 12 و15 مليار دولار.

ورغم أن هذه المخصصات تبدو ضئيلة لأنها لا تشكل إلا قرابة 12 في المئة تقريبا من حجم الموازنة، قياسا ببنود أخرى، إلا أنها باتت تثقل كاهل الدولة التي لم تعد لديها مصادر دخل مستقرة.

وتؤكد تقارير محلية، استنادا إلى بيانات المعهد الوطني للاستهلاك، أن 80 في المئة من مخصصات الدعم لا تذهب إلى مستحقيها، وهذه النسبة المرتفعة تجعل فاعلية هذه المنظومة محدودة وتزيد التشكيك فيها.

وتسعى تونس، التي تكافح من أجل إصلاح ماليتها العامة المتعثرة، لخفض العجز المالي إلى 6.6 في المئة عام 2024 من 7.7 في المئة هذا العام، مع فرض ضرائب إضافية على البنوك والفنادق والمطاعم والمقاهي السياحية وشركات المشروبات الكحولية.

80

في المئة من مخصصات الدعم لا تذهب إلى مستحقيها، وهذه النسبة المرتفعة تجعل فاعلية هذه المنظومة محدودة وتزيد التشكيك فيها

وسيتم فرض ضريبة مؤقتة بنسبة أربعة في المئة على أرباح البنوك وشركات التأمين في عامي 2024 و2025.

وتؤدي الضرائب الجديدة إلى رفع معدلات الضرائب التي تدفعها البنوك إلى ما يقارب 40 في المئة.

ولطالما انتقد الرئيس سعيد البنوك الخاصة، قائلا إنها تحقق أرباحا ضخمة، مضيفا أنها يجب أن تساعد الاقتصاد في هذه اللحظة الدقيقة من تاريخ البلاد.

وتعد البنوك الخاصة الآن المقرض الرئيسي للحكومة وسط عدم قدرتها على تأمين ما تحتاجه من قروض خارجية.

وحذر خبراء محليون من أن الاقتراض الداخلي المكثف يهدد بالتسبب في شح كبير في السيولة وإغراق القطاع المصرفي في أزمة خانقة.

وسترفع الحكومة حاجتها إلى القروض الخارجية من 10.5 مليار دينار (3.32 مليار دولار) في 2023 إلى 16.4 مليار دينار (5.19 مليار دولار) في 2024.

وتشمل القروض الخارجية قرضا جزائريا بقيمة 300 مليون دولار، و500 مليون دولار من السعودية، و400 مليون دولار من بنك التصدير والاستيراد الأفريقي.

وقالت الحكومة إنها تسعى للحصول على قروض بقيمة 3.2 مليار دولار، دون أن تذكر مصدرها (الدولار = 3.1668 دينار تونسي).

1