تونس تتراجع في مؤشر الفجوة العالمية بين الجنسين

كشف مؤشر “الفجوة العالمية بين الجنسين” لسنة 2023، الذي أصدره المنتدى الاقتصادي العالمي، تراجع تونس على مستوى وصول النساء والرجال إلى التعليم والمشاركة الضئيلة للنساء في سوق الشغل واتساع الفجوة بين الرجال والنساء على مستوى صنع القرار السياسي، من خلال نسبة المشاركة في المناصب الوزارية والبرلمانية. وأشار التقرير إلى أن سد الفجوة بين الجنسين في العالم، سيستغرق حوالي 162 عاما للتمكين السياسي.
تونس ـ تراجع تصنيف تونس عالميا وفق المؤشر الفرعي “المستوى التعليمي” في “مؤشر الفجوة العالمية بين الجنسين” لسنة 2023، الذي أصدره المنتدى الاقتصادي العالمي، لتحتل المرتبة 117 سنة 2023 مقابل المرتبة 115 سنة 2022. كما حلت تونس في المرتبة 121 من حيث معدل الأمية رغم سعيها لتحقيق المساواة بين الجنسين في المرحلة الثانوية والتعليم العالي.
ويعكس هذا المؤشر الفرعي الفجوة بين وصول النساء والرجال إلى التعليم حاليا، في البلدان المعنية باستطلاع الرأي، من خلال معدلات تسجيل النساء والرجال في التعليم الابتدائي والثانوي والعالي. ويحدّد قدرة البلاد على تعليم النساء والرجال بنفس العدد والعلاقة بين معدل الأمية عند الجنسين.
كما أن تحسّن مشاركة المرأة التونسية في سوق الشغل سنة 2023 وفق المؤشر الفرعي “المشاركة والفرص” لا يعكس مشاركة متطورة لها في ميدان العمل.
وقد أشار التقرير إلى تطور تصنيف تونس عالميا في المؤشر الفرعي “المشاركة والفرص الاقتصادية” ليصل إلى المرتبة 138 سنة 2023 (45.1 في المئة) مقابل المرتبة 140 (44.5 في المئة) سنة 2020. ويعكس المؤشر الفرعي لفجوة المشاركة الفرق بين نسب مشاركة النساء والرجال في القوى العاملة والفرق في الأجور والفجوة في النوع الاجتماعي على مستوى المشرعين والإطارات العليا والتقنيين والمهنيين.
تونس حلت في المرتبة 121 من حيث معدل الأمية رغم سعيها لتحقيق المساواة بين الجنسين في التعليم الثانوي والعالي
ورغم هذا التطور لا تتجاوز مشاركة النساء في سوق الشغل نسبة 26 في المئة، مقابل 68.27 في المئة للرجال. وبالتالي، فإن 39.86 في المئة من المهنيين والتقنيين هم نساء، في حين يستأثر الرجال بنسبة 60.14 في المئة.
ولا تزال النساء في تونس يقضّين ما بين 8 و12 ساعة يوميا في أعمال الرعاية غير مدفوعة الأجر، رغم التقدم المهم الذي حققته البلاد خلال 6 عقود في مضمار المساواة بين الجنسين، ما يؤثر سلبا بمساراتهن المهنية وقدراتهن على النفاذ إلى الوظائف العليا.
ويعدّ عبء أعمال الرعاية غير مدفوعة الأجر للنساء من أبرز العراقيل التي تحدّ من قدرة النساء على الظفر بفرص اقتصادية تحدّ من تأنيث الفقر.
وقالت الخبيرة المتخصصة في شأن الجندر أحلام بوسروال إن “الوقت الذي تقضيه النساء في أعمال الرعاية غير مدفوعة الأجر يحول دون حصولهن على فرص عمل أو تدريبات تزيد من قدراتهن المهنية”، مؤكدة أن لأعمال الرعاية غير مدفوعة الأجر تأثيرات جسيمة في صحّة النساء ورفاهيتهنّ.
وتؤكد بوسروال أن تكليف النساء بمهمات كبيرة في البيت يحدّ من تطوير فرع اقتصادي مهم، وهو اقتصاد الرعاية الذي يوفر العديد من الوظائف مدفوعة الأجر في الدول المتقدمة، بينما تجبر النساء عليه في العالم العربي دون أي مقابل مادي.
وتقول بوسروال إن أعمال الرعاية التي تقوم بها النساء في تونس تساعد على خلق الثروة التي لا تحصل منها المرأة على نصيب كاف.
وقد أظهرت دراسة عرضها المعهد العربي لرؤساء المؤسسات في تونس أنّ المرأة التونسيّة تتقاضى لذات العمل، وفي بعض المهن، أجرا يقلّ عن أجر الرجل بمعدل 14.6 في المئة، ما يعني أنها مطالبة بالعمل 37 يوما إضافيا في العام، لتحصل على أجر سنوي مساو لأجر الرجل، وبينت ذات الدراسة أن المرأة ليست ممثلة بالقدر الكافي في دوائر القرار، وتتقاضى أجورا أدنى من تلك التي يتقاضاها الرجل.
واحتلت تونس المرتبة 128 عالميا، من بين 146 دولة، في “مؤشر الفجوة العالمية بين الجنسين” لسنة 2023، مسجلة بذلك تراجعا بنحو 8 مراكز مقارنة بسنة 2022.
وخسرت تونس، أيضا، مركزين مقارنة بسنة 2022، لتبلغ المرتبة 6 في “مؤشر الفجوة العالمية بين الجنسين” على مستوى منطقة شمال أفريقيا والشرق الأوسط لسنة 2023، برصيد ناهز 64.2 في المئة.
ويهدف تقرير “مؤشر الفجوة العالمية بين الجنسين” لسنة 2023، الذي أصدره المنتدى الاقتصادي العالمي، في نسخته الثامنة عشرة، إلى تقديم توضيحات حول تطور التفاوت بين الجنسين بناء على استطلاع يشمل العديد من الدول (146 دولة) وكيفية توزيع مواردها وفرصها بين الرجال والنساء. ويقيّم، أيضا، البلدان استنادا إلى 4 مؤشرات فرعية تتمثل في المشاركة والفرص الاقتصادية والمستوى التعليمي للصحة والبقاء على قيد الحياة ثم التمكين السياسي.
وأشار التقرير إلى أن سد الفجوة بين الجنسين في العالم، استنادا إلى تطور معدل النتائج العالمية لكل مؤشر فرعي وبوتيرة التقدم الحالية، سيستغرق حوالي 162 عاما للتمكين السياسي و169 عاما بالنسبة للمشاركة والفرص الاقتصادية و16 عاما لسد الفجوة بين الجنسين على مستوى التعليم.
33.33
في المئة نسبة تمثيل النساء في تونس على المستوى الوزاري مقابل 67.66 في المئة للرجال
وقد أحرزت تونس تقدما في المؤشر الفرعي “الصحة والبقاء على قيد الحياة” لتبلغ المرتبة 81 عالميا سنة 2023، مقابل المرتبة 85 في 2022. وحلت في المرتبة 92 بالنسبة لأمل الحياة بصحة جيدة عند الولادة.
ويقدم هذا المحور الفرعي نظرة عامة حول الفجوات المسجلة على مستوى الصحة بين النساء والرجال، اعتمادا على نسبة الذكور عند الولادة وأمل الحياة بصحة جيدة عند الولادة للجنسين. ويقدّر، أيضا، عدد السنوات المتوقع أن يعيشها الرجال والنساء بصحة جيدة، مع الأخذ بعين الاعتبار السنوات الضائعة بسبب العنف والمرض، وسوء التغذية وغيرها.
وتراجعت مكانة تونس في المؤشر الفرعي “التمكين السياسي” بين الجنسين لتحتل المرتبة 77 عالميا سنة 2023.
ويمكن هذا المحور الفرعي من تحديد الفجوة بين الرجال والنساء على مستوى صنع القرار السياسي، من خلال نسبة المشاركة في المناصب الوزارية والبرلمانية.
ويبلغ تمثيل النساء في تونس على المستوى الوزاري نحو 33.33 في المئة، مقابل 67.66 في المئة للرجال. ولا يتجاوز معدل السنوات التي تقضيها المرأة على رأس الدولة الـ1.39 في المئة، مقارنة بالرجل (61.48 في المئة).
وبالرغم من أن النساء التونسيات لطالما تم اعتبارهن من بين أولئك اللاتي يتمتعن بحقوق فردية واسعة مقارنة مع المرأة العربية بشكل عام، غير أن الواقع أبرز ضعفا على مستوى فاعلية مشاركتهن السياسية، حيث لم يتحسّن وضع المرأة في إطار الانتقال الديمقراطي بعد ثورة 2011، مقارنة بالفترة التي سبقتها والتي تم فيها إجراء إصلاحات فوقية.