تونس تتحرك لحل أزمة بطالة خريجي الجامعات

تونس تشهد مغادرة 30 ألفا من كوادرها سنويا بحثا عن فرص عمل خارج البلاد.
السبت 2025/03/01
ربع خريجي الجامعات في حالة بطالة

تونس - تكثف السلطات التونسية من جهودها الرامية إلى حلحلة ملف خرجي الجامعات المطالبين بالتوظيف خصوصا من طالت فترة بطالتهم، وهو ملف يعتبره المراقبون متوارثا منذ سنوات طويلة.

ولئن ثمنت أوساط سياسية في تونس المجهودات الحكومية، فإنها طرحت تساؤلات بشأن الصيغة المناسبة للتعامل مع هذا الملف الذي وصفته بالمزمن، وذلك لارتباطه الوثيق بمتطلبات سوق الشغل المرتكز أساسا على القطاع الخاص.

كما اعتبرت تلك الأوساط أن القرار إيجابي، شريطة إيجاد الصيغة المناسبة وتجنب تعبئة المؤسسات العمومية بالموظفين ما سيؤدي بالضرورة إلى تضخّم في كتلة الأجور.

 وأعلن مجلس البنك الدولي موافقته لتمويل برنامج بقيمة 100 مليون دولار من أجل تعزيز فرص خريجي الجامعات في سوق العمل.

وسيوجّه التمويل لإصلاح برامج الدراسة والتحول الرقمي وحوكمة المؤسسات الجامعية.

في ديسمبر من العام الماضي صوّت نواب في البرلمان التونسي على مقترح لمشروع قانون مالية ينص على إحداث منصة توظيف تمنح الأولية لمن هم في وضعية بطالة لمدة تتجاوز 10 سنوات

كما يتضمن تعزيز قابلية توظيف خريجي الجامعات عبر تحسين مهاراتهم ومعارفهم بما يحتاجه سوق الشغل، وتطوير الشراكات مع أرباب العمل.

ويمثل خريجي الجامعات حوالي ثلث العاطلين في تونس التي تخسر قرابة 30 ألفا من شبابها وكوادرها سنويا بسبب الهجرة إلى الخارج، وفق المرصد الوطني للهجرة.

وأفاد المحلل السياسي المنذر ثابت بأن “الملف مزمن باعتبار أنه تم طرحه منذ العهود السابقة وخصوصا منذ سبعينات القرن الماضي، حيث شرعنا في معاينة بطالة الكوادر وصنف من خرجي الجامعات.”

وقال في تصريح لـ”العرب”، “المشغل رقم واحد في تونس هو القطاع الخاص، وبالتالي هذه الخطوة تطرح تساؤلا حول إمكانية العودة إلى الدولة الراعية، فضلا عن الصيغة المعتمدة في ذلك، هل ستشجع الحكومة خرجي الجامعات على العمل للحساب الخاص، أم ستعود إلى تعبئة المؤسسات العمومية بما يفوق الطلب؟”

وأضاف ثابت “القرار إيجابي، لكن في صيغته يحتاج إلى الحكمة والدقّة، حتى لا نعود إلى تضخم في كتلة الأجور في المؤسسات العمومية.”

وفي وقت سابق، تجمّع المئات من العاطلين من خريجي الجامعات التونسيين، الذين تجاوزت بطالتهم عشر سنوات، أمام مقر الحكومة بساحة القصبة، مطالبين بإصدار مرسوم يضمن توظيفهم في القطاع العمومي.

وشهدت الوقفة الاحتجاجية مشاركة عاطلين من مختلف التخصصات، عانوا من تعثّر محاولاتهم في الحصول على فرص عمل رغم حصولهم على شهاداتهم الجامعية منذ أكثر من عقد.

وطالبت التنسيقية الممثلة للمحتجين بتوظيفهم المباشر في الوظيفة العمومية، وذلك عبر إصدار مرسوم رئاسي يأخذ بعين الاعتبار عام التخرج والسن كمعيارين أساسيين للتشغيل. ووفقا لتقديرات التنسيقية، يبلغ عدد هؤلاء العاطلين قرابة أربعة آلاف شخص ينتمون إلى اختصاصات مختلفة.

وتأتي هذه المطالب في وقت تفرض فيه الحكومة قيودا مشددة على التوظيف العمومي منذ عام 2017، نظرا للأزمة المالية التي تعيشها البلاد والصعوبات الاقتصادية التي تؤثر على سوق الشغل.

وفي ديسمبر من العام الماضي، صوّت نواب في البرلمان التونسي على مقترح فصل إضافي لمشروع قانون مالية 2025 ينص على إحداث منصة توظيف تمنح الأولية لمن هم في وضعية بطالة لمدة تتجاوز 10 سنوات.

المنذر ثابت: الخطوة تطرح تساؤلا حول إمكانية العودة إلى الدولة الراعية
المنذر ثابت: الخطوة تطرح تساؤلا حول إمكانية العودة إلى الدولة الراعية

وقالت وسائل إعلام محلية إن مقترح الفصل 24 المدرج في مشروع القانون المالي “يتعلق بإحداث منصة خاصة بجميع المناظرات للانتداب في مختلف الاختصاصات لدى حاملي الشهائد العليا ولا يؤخذ شرط السن للذين طالت بطالتهم أكثر من 10 سنوات، وتعطى لهم الأولوية في برامج الدولة للتشغيل”.

 ويرى مراقبون أن الحكومة التونسية وجدت نفسها أمام معضلة سدّ الفجوة بين الأعداد الكبيرة لخريجي الجامعات وتراجع الإقبال على التأهيل المهني من جهة، ومتطلبات سوق الشغل وما تحتاجه البلاد من جهة أخرى.

وبدا واضحا بعد 2011، وجود انخرام في المعادلة بين التأهيل التربوي وميولات المتعلمين واهتماماتهم المستقبلية وبين احتياجات السوق التي لم تخضع لدراسات منذ البداية تأخذ بعين الاعتبار كل تلك المعطيات لتفادي تنامي ظاهرة البطالة في البلاد.

وتبلغ نسبة البطالة في تونس 16 في المئة، بينما ترتفع هذه النسبة إلى 25 في المئة بين حاملي الشهادات الجامعية، في الربع الثالث من 2024، في حين يُقدّر عدد العاطلين الذين تجاوزت مدة بطالتهم 10 سنوات بحوالي 60 ألف شخص، وهو ما يمثل 11 في المئة من مجموع العاطلين في البلاد.

وكشف “المرصد الوطني للهجرة” أن تونس تشهد مغادرة نحو 30 ألفا من كوادرها سنويا بحثا عن فرص عمل أفضل في الخارج، مما يعكس حالة الإحباط التي تدفع الشباب التونسي إلى الهجرة.

4