تونس تتجه نحو تطبيق نظام تدريس جديد بالجامعات

تيقنت وزارة التعليم العالي في تونس أن النظام الأساسي الخاص بأساتذة التعليم العالي يعاني من العديد من النقائص التي انعكست سلبا على مردود الأساتذة وجودة التعليم. وتوصلت إلى ضرورة إصلاحه تماشيا مع أنظمة التعليم المتطورة بالدول المتقدمة من خلال شروط جديدة لانتداب الأستاذة، أهمها حصولهم على الدكتوراه، وفتح آفاق التدرج في مسارهم المهني.
تونس- تتجه وزارة التعليم العالي في تونس إلى مراجعة طرق التدريس في الجامعات حيث تناقش مشروعا جديدا يهدف إلى تغيير النظام الأساسي المعتمد حاليا لأساتذة التعليم العالي.
وقال وزير التعليم العالي والبحث العلمي سليم خلبوس إن الوزارة تتحرك بنسق حثيث مع كل النقابات والهياكل المنتخبة في الجامعات التونسية لمناقشة المقترحات المتعلقة بتغيير النظام الأساسي لأساتذة التعليم العالي، وبين خلبوس أن تغيير طرق التدريس والتقييم وتوفير تكوين إضافي في التنمية البشرية وفي المهارات اللينة سيمكن من توفير فرص عمل أفضل لخريجي المؤسسات الجامعية.
ويأتي مشروع النظام الأساسي الجديد ضمن خطة إصلاح تنتهجها وزارة التربية للنهوض بواقع التعليم في تونس والذي تأثر بفترة الانتقال الديمقراطي التي تمر بها تونس منذ يناير 2011. وأكد خلبوس في تصريح لوكالة الأنباء التونسية الرسمية، أهمية تغيير النظام الأساسي للأساتذة الجامعيين لتحسين موقعهم وإصلاح منظومة التعليم العالي ككل، لافتا إلى أن “النظام الأساسي لم يتغير في تونس منذ عام 1993”.
ويناقش مجلس الجامعات حاليا هذا المشروع ومن المتوقع أن يتخذ قرارا نهائيا حوله وتكون فرص تطبيقه من عدمه بداية عام 2019، وعلى إثر نتائج الجلسات ستحدد معالم مشروع النظام الأساسي الجديد لفائدة الأستاذ الجامعي.
ويقول خبراء في التربية إن مراجعة الأنظمة الأساسية للمدرسين الجامعيين تهدف إلى مواكبة أنظمة التعليم المتطورة ومن شأن هذا التغيير أن يدعم جودة التعليم العالي والبحث العلمي في إطار نظام أساسي متجانس يشجع على تطوير البحث والتميز ويسمح للأستاذ بالتدرج في مساره المهني.
وتعتمد هذه المراجعة على تجاوز نقائص النظام الحالي الذي يشوبه التعدد. وترى وزارة التعليم العالي أنه بات من الضروري التفكير في آليات جديدة لتحفيز بعض أسلاك مدرسي التعليم العالي للحصول على شهادة الدكتوراه، والتفكير في فتح آفاق التدرج في المسار المهني لمدرسي وزارة التعليم العالي والبحث العلمي. حيث يلغي مشروع النظام الجديد التصنيف الإداري للمدرسين الباحثين (صنفي “أ” و”ب”). وسيقع الانتداب للتدريس بالمؤسسات الجامعية على أساس شهادة الدكتوراه بالنسبة لسلك الأساتذة الباحثين وشهادة التبريز بالنسبة للمبرزين والتكنولوجيين.
وستقع مراجعة نظام التأهيل الجامعي باعتباره رتبة وذلك لتمكين الأساتذة المؤهلين من تأطير رسائل الدكتوراه وذلك بإعادة صياغة الأمر المتعلق بالتأهيل الجامعي ومراجعة تركيبة لجان التأهيل الجامعي ويشترط نشر التقارير وتكون قابلة للاطلاع عليها.
ويوحد النظام الأساسي الجديد مختلف المدرسين الجامعيين والباحثين مع تخصيص فصول ترتيبية تراعي خصوصية كل الأسلاك. وسيخضع تعديل سلم آفاق التدرج المهني والعلمي والانعكاسات المالية للرتب الجديدة للمدرسين الجامعيين والباحثين. وسيتم إحداث إطار قانوني يسمح بالتعاقد لحاملي شهادة الدكتوراه بالمخابر البحثية ومدارس الدكتوراه لمدة سنة قابلة للتجديد لمواصلة البحث.
وأشار عبدالمجيد بن عمارة مدير عام البحث العلمي بوزارة التعليم العالي التونسية لـ”العرب” إلى أن “مشروع النظام الأساسي للتعليم العالي الجديد يقطع أولا مع التصنيف الإداري الحالي للأساتذة ويحاول أن يضع نظاما جديدا يواكب أنظمة التعليم بالدول المتقدمة مثل فرنسا والولايات المتحدة”. وأضاف أن “الوزارة تريد تغييره لأن النظام الفرنسي المعتمد حاليا بالجامعات قديم، كما وقع تغييره في العديد من الدول التي تعتمده منها فرنسا، إذ لم يعد النظام الحالي متماشيا مع حاجيات الجامعة”.
وشرح معالم المشروع الجديد بقوله “يعتمد على صنفين، رتبة أستاذ محاضر ورتبة أستاذ تعليم عال، وكلاهما يخضع لتصنيفات ودرجات، كما سيتم اعتماد تصنيفات جديدة كالمحاضرين التكنولوجيين”. وتابع بقوله “الرتب الجديدة تخضع بدورها لشهادة التأهيل الجامعي وحافظنا على ذلك، غير أن منح صفة الأساتذة الجامعيين باتت تشترط الحصول على الدكتوراه”.
وبين عمارة أن “الاستراتيجة الجديدة التي تنتهجها وزارة التعليم العالي تهدف إلى تحسين جودة التعليم وفي نفس الوقت تحسين رواتب الأساتذة”. وأوضح أن “وزارة التعليم العالي تناقش مع النقابات والجامعات هذا المشروع ونتوقع أن تكون معالمه واضحة بداية 2019″.
ويهدف المشروع الجديد إلى تفعيل مبدأ التمييز الإيجابي لصالح الأستاذة الجامعيين بالجامعات الداخلية باعتماد آليات جديدة في ميدان التدريس والبحث، حيث سيسير شروط إحداث وتجديد هياكل البحث بالجامعات الداخلية، وستخصص لهم منحة للتشجيع على الإنتاج العلمي لصالح الجامعيين العاملين بالمحافظات.
وتعاني المؤسسات الجامعية في المناطق الداخلية (10 معاهد عليا و2 كليات بكل من ولايات القيروان وسيدي بوزيد والقصرين) منذ سنوات نقصا فادحا ومتصاعدا في عدد الأساتذة الجامعيين وخصوصا أساتذة البحث ومرحلة الماجستير، مما أثر على جودة البحوث من جهة، وحذف مرحلة الماجستير في عدة اختصاصات من جهة ثانية.
ويطالب الطرف الإداري والنقابي وزارة التعليم العالي بفتح مناظرات لانتداب أساتذة لتغطية النقص في هذه المناطق الداخلية. ويشير خبراء إلى أن نقص الأساتذة الجامعيين في الجامعات يعمق من تهميش قطاع التعليم العالي رغم ما تسجله العديد من المؤسسات الجامعية من نتائج متميزة. وتم تسجل نقص بعشرات الأساتذة نتيجة تقاعد بعضهم وانتقال آخرين إلى التدريس بجامعات أخرى. وتضم المنظومة الجامعية التونسية نحو 203 مؤسسات جامعية و25 معهدا للدراسات التكنولوجية و68 مؤسسة خاصة، بإشراف أكثر من 22 ألف مدرس ومؤطر في هذه الجامعات.