تونس بيئة طاردة للاستثمارات الأجنبية

تونس - تنذر بيانات رسمية في ما يتعلق بالوضع الاقتصادي بأن تونس أصبحت بيئة طاردة للاستثمارات الأجنبية، ما سيعمق من حدة الأزمة الاقتصادية في البلد.
وكشفت بيانات الوكالة التونسية للنهوض بالاستثمار الخارجي عن تراجع الاستثمارات الخارجية المتدفقة إلى البلاد بشكل حاد في الثلاثة أشهر الأولى من العام.
وتراجعت الاستثمارات بنسبة 31.6 في المئة خلال الربع الأول من العام الجاري لتسجل 344.6 مليار دينار (126 مليون دولار)، انخفاضا من 503.6 مليار دينار قبل عام.
وانخفضت تدفقات الاستثمارات الأجنبية بنسبة 43.3 في المئة مقارنة بعام 2019، وبنسبة 38.3 في المئة مقارنة بعام 2018.
وكشفت البيانات عن بلوغ الاستثمارات في سوق المال ما قيمته 2.7 مليار دينار خلال الفترة المشار إليها، فيما سجلت الاستثمارات الدولية المباشرة 341.9 مليار دينار.
وتشهد تونس أزمة اقتصادية حادة، دفعت الناتج المحلي الإجمالي للبلاد إلى الانكماش بنسبة 8.8 في المئة خلال العام الماضي، تزامنا مع ضغوط جائحة كورونا.
وكشفت وثيقة حكومية الثلاثاء عن رغبة تونس في خفض كتلة الرواتب إلى 15 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي بحلول عام 2022 مقابل 17.4 في المئة في 2020.
وأظهرت الوثيقة التي نشرتها وكالة "رويترز" مقترحات إصلاح ستعرض على صندوق النقد الدولي بهدف الحصول على قرض، وتقضي بخفض تدريجي للدعم في الفترة المقبلة، وصولا إلى إلغائه نهائيا في عام 2024، على أن تعوضه بمدفوعات نقدية للمحتاجين.
ومنذ بداية أزمة وباء كورونا، تعالت الأصوات المحذّرة من تضرر اقتصاد البلاد وتراجع قدرة تونس على سداد ديونها وفوائدها المرتفعة.
ووفق إحصاءات رسمية، بلغ حجم المديونية العمومية للبلاد التونسية 90 في المئة من إجمالي الناتج المحلي.
وتعتبر وكالة "فيتش رايتينغ" الأميركية أن ضغوط القروض على تونس كبيرة وكبيرة جدا، وأن البلاد أصبحت مرتبطة بصفة خطيرة بالديون الخارجية.
ومن شأن هذه الأرقام أن ترفع من معدل خطر مغادرة الشركات الكبرى للسوق التونسية، تجنبا للمخاطر المحدقة باقتصاد البلاد في حال ظل مرتبطا بالقروض.
وأكدت شركة "رويال داتش شال" العالمية الثلاثاء مغادرتها تونس نهائيا بحلول شهر يونيو 2022، وهو تاريخ انتهاء رخصة استغلال حقل ميسكار( في ولاية قابس).
وبرّرت الشركة قرارها بكونها تعتزم الخروج من نشاط الاستكشاف وإنتاج المحروقات في النفط والغاز، وأنّها يمكن أن تعود إلى تونس للاستثمار في الطاقات البديلة.
وتلتحق شال بشركة "إيني" الإيطالية وهي آخر الشركات البترولية العمالية التي غادرت البلاد .
وقالت الشركة إن قرار المغادرة رسمي ونهائي، مما يعني فشل المشاورات التي دارت بين الحكومة التونسية وإدارة الشركة العالمية لثنيها عن اتخاذ قراراها، الذي ستكون له تداعيات سيئة على الاقتصاد التونسي وصورة تونس خارجيا.
ويأتي هذا القرار بعد شهر على نفي مدير عام المحروقات بوزارة الصناعة والمناجم رشيد بن دالي اعتزام الشركة مغادرة تونس أو طرح هذه الفرضية بشكل رسمي مع الوزارة.
ونهاية شهر مارس المنقضي كشفت وكالة "رويترز" أن شركة شال عينت بنك الاستثمار "روتشيلد أند كو" لبيع أصولها التونسية، التي تشمل حقلين بحريين للغاز ومنشأة إنتاج برية اشترتها الشركة الإنجليزية الهولندية في إطار استحواذها على مجموعة "بي.جي" بقيمة 53 مليار دولار (147 مليار دينار في 2016).
وسعت "شال" لبيع أصولها التونسية في 2017، لكنها تخلت عن العملية بسبب نزاعات قانونية مع الحكومة التونسية.