تونس أول دولة تبادر إلى تحمّل مسؤوليتها عن وفيات الحجاج

تونس - أعلنت تونس الجمعة عن إنهاء مهام وزير الأوقاف إبراهيم الشايبي مباشرة بعد عودة بعثة الحج الرسمية إلى البلاد، في خطوة تظهر حزما تونسيا في التعامل مع الانتقادات الواسعة التي وجهت إلى البعثة التي ترأسها الوزير بنفسه.
وفيما كانت العائلات تنشر بيانات على مواقع التواصل الاجتماعي عن وفيات ومفقودين في الحج، كانت البعثة، التي تضم 520 مرافقا ويرأسها الوزير، تهون من الأمر وتتهم المنتقدين بالمبالغة.
وقبل إقالته بوقت قصير قال الشايبي في تصريحات لوسائل إعلام محلية إن “التقصير قد يكون موجودا وإنه لا يبرّئ أحدا”، وإن “الوزارة ستقوم بالتّقييم ومن قصّر سينال جزاءه”. وعزا الشايبي ارتفاع عدد الوفيات إلى أنّ الحجاج التونسيين في الغالب متقدّمون في السّن ومنهم من يعاني من أمراض مزمنة.
ويرى مراقبون أن إقالة الوزير كانت أمرا متوقعا، وأن الرئيس التونسي قيس سعيد لم يكن ليتغاضى عن التقصير الذي رافق رحلة الحج، وأن الدولة تحملت مسؤولية حالات الوفاة ولم تلق المسؤولية على عاتق شركات السياحة أو ارتفاع درجات الحرارة، وإن كان الأمر يجمع بين التقصير الحكومي والحرارة المرتفعة وسوء التنظيم من جانب الشركات السياحية، فضلا عن عدد الحجاج الذي فاق ما ضبطته السعودية.
وأكد كريم شنيبة، كاتب عام الفرع الجامعي للشؤون الدينية في ولاية (محافظة) تونس، أن “إقالة الوزير متأخرة وكان يجب أن تتم منذ موسم الحج في السنة الماضية، بعد جملة من الإخلالات تم التغاضي عنها من قبل الوزارة”.
وقال في تصريح لـ”العرب” إن “هناك فشلا على جميع المستويات وخصوصا في التسيير الإداري والتعيينات العشوائية والتنكيل بإطارات المساجد”، وإن “مناسبة الحج كشفت المستور وأظهرت عدة أخطاء مع إهمال كبير”. ودافع مسؤول سعودي كبير عن إدارة بلاده لمناسك الحج الجمعة بعد إعلان دول مختلفة وفاة أكثر من 1100 شخص هذا العام، خلال أداء الفريضة.
وقال المسؤول في أول تعليق رسمي على وفيات الحجاج “الدولة لم تقصر، ولكن هناك سوء تقدير من الناس الذين لم يقدروا المخاطر التي سوف تحدث لهم”، مشيرا إلى أن هذا حدث “في ظروف جوية صعبة ودرجة حرارة قاسية للغاية”.
وكل عام يؤدي عشرات الآلاف من الحجاج الفريضة دون تصاريح بسبب احتمال عدم قبولهم لوجود حصة محددة لكل دولة وارتفاع تكاليف الحجوزات. ويحرمهم ذلك من الوصول إلى الأماكن المكيّفة التي وفّرتها السلطات السعودية لـ1.8 مليون حاج يحملون تصاريح.
ومن شأن مبادرة الدول إلى التحقيق الموضوعي في ما جرى خلال الحج، مع إشراك المعطيات الحقيقية التي توفرها السعودية، أن توفر فرصة لتلافي الأخطاء مستقبلا؛ لأن الناس لن يتراجعوا عن أداء هذه الشعيرة المقدسة، وتنظيم الأعداد ومنع تسلل أعداد إضافية يندرجان في إطار المسؤولية الجماعية التي عبرت عنها الحاجة إلى وضع سقف أعلى لعدد الحجاج من كل دولة.
وتُصدر السعودية كل عام تصاريح رسمية من خلال نظام الحصص المخصصة لمختلف البلدان والتي يتم توزيعها على الأفراد عن طريق القرعة. ولكن تكاليف رحلة الحج الرسمية الباهظة تغري حتى من يستطيعون الحصول على التصريح الرسمي باللجوء إلى الطريق غير الرسمي من أجل توفير بضعة آلاف من الدولارات.
وصار هذا الأمر متاحًا بشكل خاص منذ عام 2019 عندما بدأت السعودية تصْدر تأشيرات سياحية عامة، وهو ما سهل السفر إلى البقاع المقدسة. ونتيجةً للحملة التي قادتها السلطات الأمنية على من لا يمتلكون تراخيص رسمية من الحجاج، سرعان ما اكتشفوا التعقيدات الناجمة عن عدم التسجيل بمجرد وصولهم إلى البلاد.
وقبل مدة طويلة من بدء مناسك الحج الرسمية قبل أسبوع رفضت بعض المتاجر والمطاعم تقديم الخدمة إلى الزوار الذين لم يتمكنوا من إظهار تصاريحهم على تطبيق الحج الرسمي، المعروف باسم “نُسُك”.
وبمجرد أن بدأت المناسك وأيام الطواف والصلاة الطويلة تحت أشعة الشمس الحارقة لم يتمكن هؤلاء من استخدام حافلات الحج الرسمية، وهي وسيلة النقل الوحيدة حول الأماكن المقدسة، من دون دفع رسوم باهظة.