تونسيون يبحثون عن عشبة مضادة لكورونا

المدينة العتيقة في تونس تتحول ملاذا للتونسيين للبحث عن كل شيء تقليدي وطبيعي لمقاومة فايروس كورونا حيث يثقون بوصفات الأجداد لتجنب العدوى.
الاثنين 2020/03/16
الشفاء في خبرة الأجداد

دفع ذعر كورونا التونسيين إلى البحث عن حلول بعد الأخبار التي تقول إن الأدوية الموجودة في الصيدليات لا تنفع لمقاومة الفايروس المستجد، ففي العاصمة توجّه السكان إلى سوق بيع الأعشاب الطبية لاقتناء عشبة أو خلطة طبيعية تساعدهم في مقاومة خطر الفايروس الذي استقبلوه بالسخرية قبل وصوله إلى بلادهم.

تونس- تتنوع النباتات الطبية والبرية في أكشاك سوق الأعشاب بالمدينة العتيقة في تونس، حيث تسعى بيّة إلى التزود ببعضها والاستفسار عن الخلطات التقليدية لدى أحد الباعة المتخصصين لغاية الوقاية من فايروس كورونا المستجد الذي لا يزال علاجه غير متوفر.

وتقول المرأة الأربعينية، “أخشى على والدي المسن والمريض، لذلك جئت إلى هنا للبحث عن نباتات تعزز مناعته”.

وبينما لم تعلن تونس حتى الأحد إلا عن 18 إصابة بالفايروس، وسط إقرار السلطات تدابير صارمة، تبدو الأزقة المرصوفة في المدينة العتيقة أقل ازدحاما مقارنة بالأيام السابقة.

برغم ذلك، لا يزال التونسيون يأتون إلى سوق الأعشاب في وسط العاصمة، المعروف بسوق البلاط والذي يمكن الاستدلال إليه من خلال الروائح العطرية المنبعثة منه وأكشاكه المميزة حيث تصطف قوارير وحزم من النباتات المختلفة.

يقول البائع توفيق بن يعقوب، “تسمية سوق البلاط كانت نسبة لمكان يقع خلفها، كان معروفا بصنع الرخام وتبليطه”، ويتابع “سوق البلاط تاريخيا يعود إلى عهد الحفصيين (1228-1573م) قدم إليه الحكماء بكتبهم ومراجعهم واقتنوا منه الأعشاب والأدوية”.

وعادة ما يتم وصف الأدوية العشبية المحلية والمستوردة للوقاية من الإنفلونزا العادية التي تتشابه أعراضها مع أعراض فايروس كورونا المستجد الذي أودى بحياة أكثر من ستة آلاف شخص في أنحاء العالم حتى ظهر الأحد.

وبالإضافة إلى اندفاع المستهلكين نحو شراء الثوم الذي وصل سعر الكيلوغرام الواحد منه إلى 25 دينارا (نحو 8 يوروهات)، فإن معظم الزبائن يبحثون عن خلطات ونباتات فعالة، ولكن أيضا “رخيصة الثمن”.

يقول الهادي الوسلاتي المدير العام للصحة في تونس، “أستطيع أن أفهم أن السكان يعودون إلى التقاليد”. ويضيف، “في الواقع ليس هناك أدوية ولا أعشاب سحرية يمكنها القضاء على فايروس كورونا”. وتابع، “ليس هناك أي ضرر في تناول وصفات من الجدّة، لكن عليك أن تكون حذرا وألا تغرق في الشعوذة”.

ويحذّر من أن الناس يستغلون القلق العام “لبيع خلطات لا نعرف حتى مكوّناتها”. تسأل حنين الوسلاتي، وهي واحدة من الزبائن ولا تقرب إلى الهادي الوسلاتي، أحد التجار “ما الذي يجب أن آخذه من أجل الوقاية من هذا الفايروس؟”.

وأمام كشك لبيع إكليل الجبل والأوريغانو الطازج، تقول هذه المرأة البالغة من العمر 38 عاما، “أريد نباتات لتعقيم المنزل وأخرى يمكن تناولها كمشروب”. وتؤكد أن “الهدف حماية أنفسنا لا أكثر ولا أقل خصوصا أنه ليس هناك أدوية لمكافحة هذا الفايروس”.

ويعتبر خبير الأعشاب فتحي بن موسى، 61 عاما، أن “التونسيين يحبون كل شيء تقليدي وطبيعي: إنهم يثقون، خصوصا في أوقات مماثلة، بوصفات أجدادنا”.

لا يزال التونسيون يأتون إلى سوق الأعشاب في وسط العاصمة، المعروف بسوق البلاط والذي يمكن الاستدلال إليه من خلال الروائح العطرية المنبعثة منه وأكشاكه المميزة حيث تصطف قوارير وحزم من النباتات المختلفة

ويقول الخبير بن موسى “يطلب الناس أعشابا لتحضير خلطات طبيعية في المنزل مثل الزعتر والزنجبيل والمورينغا وكلها تعتبر جيدة جدا لتقوية الجهاز المناعي ومكافحة الفايروسات”.

وينصح هذا الرجل زبائنه بتعطير منازلهم بالحرمل، وهو نبات متواجد بكثرة، ويُزعم أنه يطهر حتى ضد فايروس كورونا المستجد رغم أن ليس ثمة إثبات على ذلك.

وفي متجره المظلم حيث تتراكم النباتات الغريبة، يقدم الحاج محمد خلطة “فعّالة 100 في المئة ضد الفايروسات” مكوّنة من الزنجبيل والعسل والكركم.

ويشير الطبيب شكري حمودة، مدير عام الرعاية الصحية في تونس، إلى أنّ “كل ما هو طبيعي ليس تافهاً”، ولكنه ينبّه من أنّ “ثمة مشكلة لناحية عدم احترام قواعد النظافة
في الأسواق التقليدية خصوصا وفي البلد عموما”.

ويقول فتحي بن موسى “نحن لا ندّعي أنه يمكننا استبدال الأدوية ومعالجة الناس، لكننا خبراء في أسرار النباتات. نحن نساعد الزبائن على تعلم الاستخدام السليم لعجائب الطبيعة”.

وعلى الرغم من انتشار التداوي بالأعشاب ومستخلصاتها في تونس بأساليب وطرق تقليدية وبدائية، إذ يتوجه التونسيون في غالب الأحيان إلى الأسواق والدكاكين حيث تباع العقاقير والنباتات الطبيعية، إلاّ أن الطب البديل كتخصص علمي، لا يزال في بداياته في تونس، ولم يلق إلى اليوم حظه على غرار الطب التقليدي.

24