توقيف صحافي أميركي في روسيا..جاسوس أم رهينة؟

موسكو - أعرب وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن الخميس عن “قلقه البالغ” لتوقيف صحافي أميركي في روسيا، منددا بما تقوم به موسكو لـ“معاقبة” الصحافة.
وقال بلينكن في بيان “نبدي قلقنا البالغ لتوقيف صحافي أميركي”، في إشارة الى مراسل صحيفة وول ستريت جورنال إيفان غيرشكوفيتش”. وندد الوزير بالإجراءات الروسية ضد وسائل الإعلام.
وأعلنت روسيا الخميس توقيف مراسل الصحيفة الأميركية بشبهة “التجسس”، في حادثة غير مسبوقة في تاريخ البلاد الحديث.
وقال الكرملين إن الصحافي ضبط “بالجرم المشهود” وحذر واشنطن من أي شكل من أشكال الأعمال الانتقامية ضد وسائل الإعلام الروسية العاملة في الولايات المتحدة.
وقال جهاز الأمن الفيدرالي في بيان نقلته الوكالات الروسية إنه “أحبط النشاط غير القانوني للمراسل المعتمد (…) في مكتب موسكو لصحيفة وول ستريت جورنال الأميركية المواطن الأميركي إيفان غيرشكوفيتش”.
وأوضح جهاز الأمن أنه يشتبه في “تجسس” الصحافي لحساب واشنطن وجمْع معلومات عن “شركة تابعة للمجمع العسكري الصناعي” الروسي. وهذه الجريمة عقوبتها السجن بين عشر سنوات وعشرين سنة حسب المادة 276 من قانون العقوبات الروسي.
وقبل بدء عمله في الصحيفة الأميركية اليومية في السنة الماضية، كان غيرشكوفيتش مراسلاً لوكالة فرانس برس في موسكو، وقبل ذلك كان صحافيا في صحيفة موسكو تايمز الصادرة باللغة الإنجليزية. والصحافي روسي الأصل ويتقن اللغة الروسية، ويبلغ من العمر 31 عاما ووالداه مقيمان في الولايات المتحدة.
وعبرت صحيفة وول ستريت جورنال عن قلقها على سلامة الصحافي. وقالت إنها “قلقة جدا على سلامة إيفان غيرشكوفيتش”.
كذلك نفت الصحيفة “بشدة” الاتهامات الروسية. وكتبت في بيان أنها “تنفي بشدة الاتهامات الموجهة من جهاز الأمن الفيدرالي الروسي وتطلب الافراج الفوري عنه”، مؤكدة “تضامنها معه ومع عائلته”.
وقالت منظمة “مراسلون بلا حدود” إنها “تشعر بالقلق” بسبب “ما يبدو أنه إجراء انتقامي”. وأضافت “يجب عدم استهداف الصحافيين”.
من جهتها كتبت الناطقة باسم وزارة الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا على تلغرام أن “ما كان يقوم به المتعاون مع صحيفة وول ستريت جورنال الأميركية في إيكاترينبرغ ليس له أي علاقة بالصحافة”. وأضافت أن المراسل “ليس أول غربي معروف يضبط بالجرم المشهود”.
وبُعيد الإعلان عن توقيف الصحافي حذّر الكرملين واشنطن من أي رد انتقامي يستهدف وسائل إعلام روسية عاملة في الولايات المتحدة. وقال الناطق باسم الكرملين دميتري بيسكوف للصحافيين، ردا على سؤال في هذا الشأن، “نأمل ألا يحدث ذلك ويجب ألا يحصل”.
وأشارت المحللة الروسية المستقلة تاتيانا ستانوفايا، التي ترأس مركز “آر. بوليتيك” للتحليل، إلى أن روسيا شددت مؤخرا قوانينها ضد التجسس منذ هجومها على أوكرانيا في فبراير من العام الماضي.
وكتبت ستانوفايا على فيسبوك “المشكلة هي أن التشريع الروسي الجديد (…) يسمح بسجن أي شخص مهتم بالشؤون العسكرية أو العمليات العسكرية الخاصة (في أوكرانيا)، أو المجموعات العسكرية الخاصة (مثل فاغنر) ووضع الجيش، لمدة عشرين عاما”.
لكنها رأت أيضا أن جهاز الأمن الفيدرالي قد يكون أوقف الصحافي ليكون “رهينة” بهدف تبادل محتمل للسجناء.
وفي هذا الإطار أكّد نائب وزير الخارجية الروسي سيرجي ريابكوف أنه من السابق لأوانه في هذه المرحلة التحدث عن عملية تبادل أسرى. وقال “لن أثير هذه المسألة الآن، لأنه كما تعلمون حصلت عمليات تبادل في الماضي لأشخاص كانوا يمضون أصلا عقوبات، بمن فيهم مواطنون أميركيون، بتهم خطيرة جدا”.
وجرت عدة عمليات تبادل روسية – أميركية في السنوات الأخيرة. ومازال عدد من الأميركيين محتجزين في روسيا.
ومنذ بدء الهجوم الروسي على أوكرانيا سارعت السلطات إلى قمع المعارضة ووسائل الإعلام المستقلة باستخدام أحكام القانون الجنائي التي تعاقب على فعل “تشويه سمعة الجيش”.
وفي الوقت نفسه تم تشديد شروط إصدار الاعتمادات التي تستند إليها التأشيرات بالنسبة إلى الصحافيين الأجانب.
كما تتم في بعض الأحيان مراقبة المراسلين الأجانب من قبل الأجهزة الأمنية أثناء تغطيتهم الصحفية، وخصوصا خارج موسكو. وفي هذا الإطار قلصت نسبة هامة من وسائل الإعلام الغربية وجودها في روسيا منذ دخول القوات الروسية إلى أوكرانيا.