توقيف حاكم مصرف لبنان السابق بشبهة اختلاس ملايين الدولارات

رياض سلامة يشكّل منذ ثلاثة أعوام محور تحقيقات محلية وأوروبية تشتبه بأنه راكم أصولا عقارية ومصرفية بشكل غير قانوني، وأساء استخدام أموال عامة.
الأربعاء 2024/09/04
مهندس السياسات المالية

بيروت- أوقف القضاء اللبناني الثلاثاء الحاكم السابق للمصرف المركزي رياض سلامة، المستهدف بتحقيقات عدة في لبنان والخارج، بعد استجوابه بشأن قضية اختلاس أموال.

وقال مصدر قضائي، من دون الكشف عن هويته، “أمر النائب العام التمييزي القاضي جمال الحجار بتوقيف سلامة، بعد استجوابه على مدى ثلاث ساعات حول شبهات اختلاس من مصرف لبنان تفوق أربعين مليون دولار (…) جرى تحويلها إلى الخارج”.

ووفق المصدر جرى نقل سلامة فورا إلى سجن المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي في الأشرفية.

وهذه أول مرة يمثل فيها سلامة أمام القضاء، منذ انتهاء ولايته في 31 يوليو 2023، من دون تعيين بديل عنه.

◄ القاضي جمال الحجار أمر بتوقيف سلامة بعد استجوابه على مدى ثلاث ساعات حول شبهات اختلاس من مصرف لبنان تفوق أربعين مليون دولار جرى تحويلها إلى الخارج
القاضي جمال الحجار أمر بتوقيف سلامة بعد استجوابه على مدى ثلاث ساعات حول شبهات اختلاس من مصرف لبنان تفوق أربعين مليون دولار جرى تحويلها إلى الخارج

وبحسب المصدر القضائي حضر سلامة إلى مكتب الحجار من دون محام لاستجوابه في “قضيّة منفصلة تماما عن الملفات” الأخرى قيد التحقيق. وقال إن سلامة “لم يقدم رواية مقنعة تدحض الشبهات التي تحوم حوله ما استدعى توقيفه”.

ويمكن للحجار، وفق المصدر، أن يبقي سلامة موقوفا على ذمة التحقيق لمدة أربعة أيام، أو أن يحيله خلال الساعات المقبلة على النيابة العامة الاستئنافية في بيروت، ويطلب الادعاء عليه بجرائم “اختلاس الأموال العامة والتزوير وصرف النفوذ وتبييض الأموال”، وإيداع الملف مع الموقوف لدى قاضي التحقيق الأول في بيروت لاستجوابه وإصدار مذكرة توقيف وجاهية بحقه.

ويشكّل سلامة منذ ثلاثة أعوام محور تحقيقات محلية وأوروبية تشتبه بأنه راكم أصولا عقارية ومصرفية بشكل غير قانوني، وأساء استخدام أموال عامة على نطاق واسع خلال توليه منصب حاكم مصرف لبنان، فضلا عن تحويله الأموال إلى حسابات في الخارج و”الإثراء غير المشروع”.

ورغم الانتقادات التي طالت أداءه وشبهات الاختلاس وغسل الأموال والإثراء غير المشروع التي تلاحقه في لبنان والخارج، بقي سلامة في منصبه حتى العام 2023، مستفيداً من حماية سياسية توفّرها له قوى رئيسية في البلاد.

ويشتبه محقّقون أوروبيون بأنه راكم أصولاً عقارية ومصرفية بشكل غير قانوني، وبأنه أساء استخدام أموال عامة على نطاق واسع خلال توليه منصب حاكم مصرف لبنان.

وبناء على التحقيقات أصدرت قاضية فرنسية في باريس والمدعية العامة في ميونخ العام الماضي مذكرتي توقيف بحقه جرى تعميمهما عبر الإنتربول. وقرّر القضاء اللبناني بناء عليهما منعه من السفر وصادر جوازي سفره اللبناني والفرنسي.

إلا أن النيابة العامة في ميونخ ألغت في يونيو مذكّرة التوقيف بحق سلامة، لأنه “لم يعد يشغل منصب حاكم مصرف لبنان المركزي وبالتالي لم يعد هناك أي خطر (…) بإتلاف أدلة”. لكن القرار لا يعني أن التحقيق انتهى.

ورغم أن مذكرة التوقيف الصادرة من فرنسا التي يحمل سلامة جنسيتها لا تزال سارية، فقد ظلت دون فاعلية إذ لا يسلّم لبنان مواطنيه لمحاكمتهم في دولة أجنبية.

◄ هذه أول مرة يمثل فيها حاكم مصرف لبنان رياض سلامة أمام القضاء، منذ انتهاء ولايته في الحادي والثلاثين من يوليو 2023

وفرضت الولايات المتحدة، إلى جانب كندا والمملكة المتحدة، عقوبات اقتصادية على سلامة وعلى أفراد عائلته لشبهات فساد، بما في ذلك تجميد أصولهم في البلدان الثلاثة.

ولطالما نفى سلامة التهم الموجهة إليه، متحدثا عن “بيانات مزورة” وخلفيات “سياسية”. وحتى آخر يوم من ولايته، واصل سلامة الدفاع عن السياسة النقدية التي اعتمدها، معتبراً أنه حاول “التخفيف من وطأة الأزمة” الاقتصادية التي هزت لبنان منذ 2019.

ويُعد عهد سلامة (74 عاما) الذي شغل منصب حاكم مصرف لبنان منذ 1993 حتى 2023 من الأطول في العالم لحكام المصارف المركزية.

وكان سلامة مهندس السياسات المالية في مرحلة تعافي الاقتصاد بعد الحرب الأهلية (1975 – 1990). لكن على وقع الانهيار الاقتصادي غير المسبوق الذي يشهده لبنان منذ 2019، بات يُحمّل مع أركان الطبقة الحاكمة مسؤولية الفشل في إدارة أزمات البلاد المتلاحقة.

وتحمّل جهات سياسية ومحللون ومواطنون في لبنان سلامة مسؤولية انهيار العملة الوطنية، وينتقدون بشكل حاد السياسات النقدية التي اعتمدها، باعتبار أنها راكمت الديون وسرّعت الأزمة، إلا أنه دافع مراراً عن نفسه بتأكيده أن المصرف المركزي “موّل الدولة ولكنه لم يصرف الأموال”.

2