توقيف المتهمين المعتدين على مطاعم ببغداد بعضهم من الأجهزة أمنية

بغداد - أعلنت السلطات العراقية الثلاثاء توقيف أشخاص "متهمين" في الضلوع في هجمات على علامات تجارية غربية في بغداد بينهم أشخاص "ينتمون إلى أحد الأجهزة الأمنية"، دون الكشف عن الجهات التي ينتمون لها، رغم علم الحكومة بأنها تسعى لإحراجها وبعثرة إنجازات رئيس الوزراء محمد شياع السوداني الذي بدأ ينافس زعامات الإطار التنسيقي الشيعي في الساحة الانتخابية المرتقبة.
وقالت وزارة الداخلية العراقية في بيان إن هجمات وقعت الأسبوع الماضي حدثت "بحجة الإضرار بالمصالح الأميركية"، وذلك مع تزايد الدعوات لمقاطعة شركات غربية على خلفية الحرب في قطاع غزة.
والأسبوع الماضي، تعرضت أربع علامات تجارية غربية على الأقلّ بينها فرعَان لسلسلة مطاعم "كي إف سي" KFC الأميركية في بغداد لهجمات لم تتسبب سوى بأضرار مادية.
ومساء الاثنين، هاجم نحو ثلاثين شخصًا مطعمَين في بغداد أحدهما فرع لـ"كي إف سي" وحطموا الزجاج والأثاث.
وكثفت قوات الأمن انتشارها في العاصمة خصوصًا في أحياء تضمّ علامات تجارية أميركية.
وأعلنت وزارة الداخلية الثلاثاء إلقاء القبض على عدد من المشتبه بهم "اعترفوا بأعمال التخريب" في هجمات الأسبوع الماضي.
وأضافت "تبيّن أن بعضهم للأسف ينتمي إلى أحد الأجهزة الأمنية وأن قيامهم بالأعمال آنفًا (جاء) بحجة الإضرار بالمصالح الأميركية"، دون الإشارة إلى هجمات الاثنين.
وأفاد مسؤول أمني، فضل عدم الكشف عن اسمه، وكالة الصحافة الفرنسية بتوقيف خمسة أشخاص الإثنين والإفراج عنهم لاحقًا، مرجحًا أن يكون "الهدف من هجمات الاثنين الضغط على القوات الأمنية من أجل الإفراج عن الموقوفين السابقين". إلا أن مصدرا أمنياً آخر تحدث عن توقيف 13 شخصاً، من دون إضافة أي تفاصيل.
ويعتقد مراقبون أن المتورطين في تلك الهجمات ينتمون إلى الفصائل المسلحة التي ما زالت تنشط خارج سلطة الدولة وتحميها الدولة العميقة المرتبطة بزعامات سياسية وحزبية، وهي جزء من العملية السياسية الحالية كما أنها موجودة في السلطتين التشريعية والتنفيذية.
وتمثل تلك الهجمات المتكررة التي تستهدف المطاعم في بغداد، وفق المراقبين، رسالة سياسية للحكومة العراقية والهدف منها إحراج رئيس الوزراء محمد شياع السوداني الذي تصاعدت شعبيته مؤخرا بعد تحقيقه بعض النجاحات على المستوى الخدمي والسياسي.
ويربط هؤلاء المراقبين الهجمات بالتنافس الانتخابي الذي بدأ مبكرا، حيث بدأت العديد من القوى السياسية الشيعية تشعر بخطر صعود شعبية السوداني، لذلك فهي تحاول إحراجه وحكومته التي تعمل على جذب الاستثمارات وتشجع الشركات الأجنبية على فتح متاجر في البلاد.
كما يشيرون إلى أن هذه الأحداث تمثل خرقا أمنيا واضحا يضع السوداني مجدّدا أمام حقيقة انفلات الميليشيات وعدم قدرة الأجهزة الأمنية الرسمية على لجمها وضبط سلاحها.
كما أن تلك الميليشيات تهدف من خلال الغزوات الاستعراضية التعويض عن الهجمات التي كانت تنفذها ضد القوات الاميركية المتواجدة على الأراضي العراقية
وتؤثر الهجمات سلبا على الاستثمار في العراق، سواء الأميركي أو غيره، على اعتبار أن المستثمرين الأجانب عندما يسمعون بحصول مثل هكذا هجمات سيفكرون كثيرا قبل العمل في العراق مستقبلا.
وافتتحت المطعم مجموعة أميركانا، صاحبة امتياز الشرق الأوسط وشمال أفريقيا لمطاعم الوجبات السريعة كنتاكي وبيتزا هت. والعلامة التجارية (كيه.أف.سي) مملوكة لشركة يوم براندز.
وأظهرت لقطات بثتها وسائل إعلامية محلية رجالًا يضعون كمامات وهم يحطّمون الأثاث والزجاج في فرع لمطعم "كي إف سي".
وقبيل هجمات الاثنين، دعت كتائب حزب الله إلى "مقاطعة وطرد توابع الاحتلال التجسسية المتغطية بعناوين (مدنية)، وأن لا تمنح الحرية لنشاطاتها في أرضنا العزيزة، على أن يكون ذلك بأدوات غير (السلاح)".
وتطالب الفصائل العراقية الموالية لإيران وعلى رأسها كتائب حزب الله التي تصنفها واشنطن "إرهابية"، بانسحاب القوات الأميركية من العراق.
وكتائب حزب الله جزء من تحالف المقاومة الإسلامية في العراق الذي أعلن مسؤوليته عن هجمات على القوات الأميركية في بداية حرب غزة قبل تعليقها في يناير.
وهي أيضًا جزء من الحشد الشعبي، وهو تحالف من القوات شبه العسكرية دُمجت مؤخرًا في قوات الأمن النظامية العراقية.
ودانت السفيرة الأميركية لدى العراق ألينا رومانوفسكي الخميس الهجمات، داعية "الحكومة العراقية إلى منع أي هجمات مستقبلية".
ومنذ بدء الحرب في غزة، استهدفت حركة مقاطعة عالمية يقودها ناشطون مؤيدون للفلسطينيين، علامات تجارية غربية كبيرة وخصوصًا أميركية على خلفية دعم واشنطن لإسرائيل.
والأسبوع الماضي، طالب زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر الذي يتمتع بقاعدة شعبية ضخمة، مجددًا بغلق السفارة الأميركية في بغداد "بالطرق الدبلوماسية المعمول بها بدون إراقة دم"، وذلك إثر قصف إسرائيلي أودى بعشرات الأشخاص في مخيم للنازحين في رفح في جنوب قطاع غزة.