توقيف آمر سابق لمطار قرطاج في قضية تسفير الشباب إلى سوريا

القضاء التونسي يقرر تمديد الاحتفاظ بالكادرين الأمنيين فتحي البلدي وعبدالكريم العبيدي المتهمين في ملف الجهاز السري لحركة النهضة، على ذمة التحقيق.
الاثنين 2022/09/12
من هنا بدأت قصة تسفير الشباب إلى بؤر الصراع

تونس – أعاد القضاء التونسي ملف شبكات التسفير التي طالت الشباب التونسي خلال السنوات الماضية، إلى واجهة اهتمام المواطنين بعد أن أمرت سلطات التحقيق بحبس مسؤول أمني سابق وقياديين إخوانيين في قضية تتعلق بالإرهاب.

وأذنت النيابة العامة بالقطب القضائي لمكافحة الإرهاب في تونس لأعوان الوحدة المركزية لمكافحة الإرهاب ببوشوشة بالاحتفاظ بآمر سابق لمحافظة مطار تونس قرطاج الدولي لمدة 5 أيام قابلة للتمديد، وذلك على ذمة الأبحاث المتعلقة بشبهات التورط في شبكات تسفير تونسيين الى بؤر التوتر والإرهاب خارج البلاد التونسية.

كما أذنت النيابة العامة بقطب مكافحة الإرهاب بالتمديد في الاحتفاظ بالكادرين الأمنيين فتحي البلدي وعبدالكريم العبيدي المتهمين في ملف الجهاز السري لحركة النهضة، على ذمة التحقيق.

والأربعاء الماضي، أصدر القضاء العسكري التونسي أمرا بإيقاف محمد العفاس القيادي في حزب "ائتلاف الكرامة"، ورضا الجوادي النائب السابق في البرلمان المنحل، علاوة على إبقاء فتحي البلدي وعبدالكريم العبيدي قيد التوقيف، بتهم تسفير الشباب إلى بؤر الصراع بعد أن تحولت تونس إلى إحدى الدول الأكثر "تصديرا للعناصر الإرهابية"، إلى سوريا وليبيا والعراق واليمن ومالي.

وكانت التحريات القانونية التي تبعها توقيف شخصيات سياسية، انطلقت إثر شكوى تقدمت بها فاطمة المسدي النائبة السابقة في البرلمان التونسي، وعضو لجنة التحقيق البرلمانية في شبكات التسفير التي تشكلت سنة 2017.

وأكدت المسدي استماع اللجنة إلى عدد من الشخصيات السياسية والأمنية، غير أنها اتهمت قيادات من حركة النهضة بزعامة راشد الغنوشي، بتعطيل أعمال اللجنة، واستقالت منها.

وعادت المسدي بعد استبعاد النهضة من السلطة في الخامس والعشرين من يوليو 2021، وإقرار التدابير الاستثنائية في تونس، إلى طرح ملف التسفير أمام القضاء العسكري.

وأحيل الملف على القطب القضائي لمكافحة الإرهاب. وتم استدعاء المسدي في السابع من فبراير الماضي لتقديم شهادتها، وقدمت "جميع المعطيات التي لديها إلى القضاء".

ووجهت اتهاماتها مباشرة إلى قيادات في حركة النهضة، التي كانت قد اشتكت المسدي إلى القضاء التونسي "بتهمة الادعاء بالباطل"، وقضت المحكمة في مرحلة أولى بتغريمها بعقوبة مالية قدرها 500 دينار تونسي، لكنها اعترضت على الحكم، وحصلت على البراءة.

وبدأت السلطات التونسية منذ عام 2017 التحقيق في دور الإسلاميين، وعلى رأسهم حركة النهضة، في تسهيل سفر المئات من التونسيين إلى سوريا للمشاركة في الحرب الأهلية هناك ضمن جماعات إرهابية.

وحسب تصريحات سابقة لعدد من الأمنيين، لعبت حركة النهضة دورا رئيسيا في تسهيل عبور الإرهابيين عبر مطار قرطاج، إضافة إلى تدريب عدد من الشباب على استعمال الأسلحة في 3 مراكز تابعة لوزارة الداخلية وتمرير حقائب من الأموال.

وفي الثالث والعشرين من أغسطس الماضي تم التحقيق مع وزير الشؤون الدينية الأسبق نورالدين الخادمي، على خلفية شبهات بتورطه في جرائم إرهابية ومالية تتعلق بملف تسفير الشباب التونسي إلى بؤر التوتر، قبل أن يقرر المحققون منعه من السفر.

ووفق اللجنة التونسية لمكافحة الإرهاب (حكومية) في 2019، فإن "عدد المقاتلين التونسيين في بؤر الصراع بلغ حوالي 3 آلاف، عاد منهم إلى تونس 1000 عنصر إرهابي، وذلك منذ 2011 وإلى غاية أكتوبر 2018".

وكانت تونس شكلت عام 2017 لجنة برلمانية للتحقيق في الشبكات التي تورطت في تجنيد وتسفير الشباب التونسي إلى "بؤر التوتر" في العالم.

واستمعت لجنة التحقيق البرلمانية في شبكات التسفير، في السابق، إلى عائلات الشباب التونسي المغرر به، كما استمعت إلى وزراء ومسؤولين حكوميين، وممثلين عن المنظمات الحقوقية، ولاحظت تسهيل دخول قرابة 70 داعية إلى تونس، خلال فترة تزعم حركة النهضة للمشهد السياسي، علاوة على اتهام نحو 200 جمعية بالتورط في عمليات التسفير.

ومن أنشطة هذه اللجنة البرلمانية، تنظيمها سفر عدد من البرلمانيين التونسيين إلى سوريا خلال شهر مارس من سنة 2017، لمناقشة الملف والاطلاع على خفاياه، غير أن تعطل أعمالها، علاوة على الضغوطات السياسية المتنوعة، حالا دون التوصل إلى بلورة اتهامات جدية.