توقيفات جديدة لقياديين من حزب النهضة في تونس

إيقاف محمد القلوي عضو المكتب التنفيذي ومحمد علي بوخاتم الكاتب العام الجهوي ببن عروس وآخرين.
الأربعاء 2024/09/11
المحاسبة مستمرة

تونس - أعلنت حركة النهضة التونسية إيقاف عدد آخر من قيادييها من قبل السلطات الأمنية ليل الاثنين – الثلاثاء دون أن تذكر السبب، غير أن عددا من قيادات الحركة يقبعون في السجون بتهم عديدة من بينها “التآمر على أمن الدولة والعلاقة مع الإرهاب وتلقي التمويل غير المشروع والوقوف وراء أزمات توزيع السلع وارتفاع الأسعار”، في إطار المحاسبة التي تعهد بها الرئيس التونسي قيس سعيّد لكل من يثبت تورطه في هذه القضايا.

وأفادت الحركة في بيان لها بإيقاف كل من محمد القلوي عضو المكتب التنفيذي ومحمد علي بوخاتم الكاتب العام الجهوي ببن عروس وآخرين، مضيفة “نعتبر هذه الاعتقالات استرسالا في توتير المناخ السياسي العام واستمرارا في حملات التصعيد ضد القوى السياسية المعارضة ومواصلة لسياسة الخنق والمحاصرة ضد الأصوات الحرة استباقا لتنظيم الانتخابات الرئاسية المقرر إجراؤها بتاريخ 6 أكتوبر 2024”.

وفي الواقع لا تختلف إجراءات السلطات التونسية في ملاحقة المتورطين والمتهمين بقضايا تمس أمن البلاد أو الفساد خلال الفترة الماضية عنها في الفترة الحالية مع اقتراب الانتخابات الرئاسية، لكن النهضة عادة ما تربط الأحداث والمناسبة بزعم استهدافها.

وكان الحزب تلقى ضربة قوية بإيقاف زعيم الحركة ومؤسسها راشد الغنوشي (84 عاما)، وإيداعه السجن منذ أبريل 2023 للتحقيق في قضايا إرهاب وفساد مالي، والتحريض ضد مؤسسات الدولة. وقد صدر بالفعل ضده حكم بالسجن لمدة ثلاثة أعوام بتهمة تلقي حزبه تمويلات أجنبية في انتخابات 2019. وحكم آخر بعام واحد في القضية المرتبطة بوصم الأمن بـ”الطواغيت” ومنذ ذلك الوقت أغلقت السلطات جميع مقرات الحزب.

كما يقبع نائب رئيس الحركة منذر الونيسي، ونائبي الرئيس وزير الداخلية الأسبق علي العريّض، ونورالدين البحيري (وزير عدل سابق)، ورئيس مجلس الشورى عبدالكريم الهاروني، والسيد الفرجاني عضو مجلس الشورى في السجن بتهمة التآمر على أمن الدولة، وهي تهم تقول الحركة إنها “ملفقة وسياسية”.

كما طالت الاعتقالات قياديين آخرين في الحركة، أبرزهم: الصادق شورو، والحبيب اللوز، ومحمد بن سالم، والصحبي عتيق. علاوة على قياديين في المكتب التنفيذي ووزراء سابقين وبرلمانيين، من بينهم الوزير رياض بالطيب، والنائبان السابقان أحمد المشرقي ومحمد فريخة، بالإضافة إلى القيادي المستقيل من النهضة عبدالحميد الجلاصي.

عدد من قيادات الحركة يقبعون في السجون بتهم عديدة من بينها التآمر على أمن الدولة والعلاقة مع الإرهاب وتلقي التمويل غير المشروع

وفي الرابع والعشرين من يوليو الماضي أصدر القطب القضائي لمكافحة الإرهاب في تونس، مذكرة اعتقال بحق الأمين العام لحركة النهضة العجمي الوريمي. وقال محاميه إن السلطات الأمنية تحقق مع الوريمي في قضية إرهاب، دون أن تتضح التفاصيل بشكل كامل.

ومع اعتقال الوريمي بات أغلب أعضاء القيادة السياسية الأولى لحركة النهضة بالسجن، منذ حل الرئيس الحالي قيس سعيد النظام السياسي القائم في 2021.

وتقول الحركة، التي شاركت في الحكم منذ 2011 وحتى 2021، إن التهم والقضايا ضد قيادييها “مفتعلة وسياسية” وغير قانونية.

لكن الرئيس سعيّد دعا غير مرة إلى ضرورة تطبيق القانون، ومحاسبة كل من أجرم في حق البلاد وشعبها، وقال إنّه “لن يقبل إلّا بالانتصار، والقضاء على أعداء الدولة والشعب”. كما اتهم أطرافا لم يسمها بالتآمر على أمن الدولة.

وجدّد رئيس الجمهورية التأكيد على الدور الذي يضطلع به القضاء في هذه المرحلة الدقيقة التي تعيشها تونس، مشدّدا على ضرورة محاسبة كل من أجرم على قدم المساواة، لافتا إلى أنّه من غير المعقول أن يبقى خارج دائرة المحاسبة من له ملف ينطق بإدانته قبل نطق المحاكم، فالأدلة ثابتة وليست مجرّد قرائن.

وأشار إلى أنّ الشعب التونسي يريد المحاسبة، وقد طال انتظاره، والواجب المقدس يقتضي أن تتم الاستجابة لهذا المطلب في أسرع الأوقات، لأنّه مطلب شعبي مشروع.

إجراءات ملاحقة المتورطين بقضايا تمس أمن البلاد لم تختلف مع اقتراب الانتخابات الرئاسية، لكن النهضة عادة ما تربطها بالأحداث بزعم استهدافها

واتهم الرئيس التونسي بعض الموقوفين بـ”التآمر على أمن الدولة والوقوف وراء أزمات توزيع السلع وارتفاع الأسعار”، مؤكدا أن منظومة القضاء مستقلة ولا يتدخل في عملها.

 وتتهم النهضة الرئيس باستخدام القضاء لملاحقة الرافضين لإجراءات استثنائية بدأ فرضها في الخامس والعشرين من يوليو 2021. ومن بين هذه الإجراءات: حلّ مجلسي القضاء والبرلمان، وإصدار تشريعات بأوامر رئاسية، وإقرار دستور جديد عبر استفتاء شعبي، وإجراء انتخابات تشريعية مبكرة، بينما تراها قوى أخرى مؤيدة لسعيد تصحيحا لمسار ثورة 2011 في ظل استياء شعبي واسع من ممارسات النهضة طيلة سنوات حكمها.

ويواجه الرئيس اتهامات من المعارضة ومنظمات حقوقية برغبته في تعزيز هيمنته على الحكم عبر ترشحه لولاية ثانية. وأقرت الهيئة العليا المستقلة للانتخابات ثلاثة مرشحين للسباق الرئاسي هم الرئيس سعيد ورئيس “حركة الشعب” زهير المغزاوي ورئيس “حركة عازمون” العياشي زمال الموقوف في السجن بتهمة افتعال تزكيات شعبية.

وقال فريق الحملة الانتخابية للمرشح الرئاسي العياشي زمال، إن محكمة في ولاية سليانة أصدرت ضده الاثنين خمس بطاقات إيداع بالسجن لاتهامه بافتعال تزكيات شعبية من الناخبين.

والزمال ملاحق في قضايا مشابهة في ولايات تونس العاصمة ومنوبة، وفي جندوبة حيث لا يزال قيد الإيقاف فيها.

وحددت له جلسات في محاكم تلك الولايات بين يومي الحادي عشر والتاسع عشر من سبتمبر الجاري، بالإضافة إلى جلسة أخرى أمام محكمة سليانة يوم الثاني عشر من نفس الشهر.

وقال فريق الحملة الانتخابية للمرشح الرئاسي في بيان له “هذا يكشف بما لا يدع مجالا للشك أن ما يتعرض له المرشح العياشي زمال من تنكيل المراد منه إرغامه على الانسحاب من السباق الرئاسي، في انتهاك صارخ لحقوقه المدنية والسياسية”.

4