توقف إنتاج الفوسفات يحبط طموحات إنعاش الاقتصاد التونسي

200 مليون دولار حجم أجور موظفي شركة فوسفات قفصة سنويا، بينما لا يوجد إنتاج فعلي يغطي التزاماتها.
الثلاثاء 2019/02/19
لا عمل الآن

قفصة (تونس) - تلقت جهود الحكومة التونسية لإنعاش الاقتصاد المتعثر ضربة جديدة الاثنين على إثر توقف نشاط إنتاج الفوسفات بشكل كامل في منطقة الحوض المنجمي في جنوب البلاد.

ويطالب العمال بزيادات في منح مالية وإصلاح القانون الأساسي لشركة فوسفات قفصة الحكومية حتى يتلاءم مع الوضعية الحالية.

ونسبت وكالة الأنباء الألمانية لمصدر قريب من الشركة، لم تذكر هويته، قوله إن “النشاط توقف في كافة مناطق الحوض المنجمي الأربع بولاية قفصة وهي المتلوي والمظيلة وأم العرائس والرديف”.

وتنتج المتلوي كبرى مدن الحوض، أكثر من 40 بالمئة من الإنتاج الإجمالي للبلاد، والباقي يتوزع بين مدن المنطقة.

وتجري مفاوضات حاليا بمشاركة النقابات التابعة للاتحاد العام التونسي للشغل واتحاد عمال تونس بهدف التوصل إلى اتفاق مع العمال.

وتعاني الشركة من تضخم كبير في حجم الأجور، الذي يبلغ سنويا قرابة 200 مليون دولار، في المقابل لا يوجد إنتاج فعلي يغطي التزاماتها، كما أن مخصصاتها من الميزانية السنوية لم تعد تكفي.

ورغم أن مشكلة الحوض المنجمي تبدو شبيهة إلى حد ما بمشكلة منطقة الكامور في ولاية تطاوين، والتي عطّل فيها المحتجون إنتاج النفط كنوع من الضغط على الحكومة للاستجابة لمطالبهم، إلا أن مسألة الفوسفات تبدو أعمق.

ويعتبر الفوسفات قطاعا حيويا للاقتصاد التونسي ومصدرا رئيسيا للعملة الأجنبية، ويخضع استغلاله لاحتكار الدولة، التي عهدت به إلى ذراعها في هذا القطاع، وهي توفر أكثر من سبعة آلاف فرصة عمل مباشر.

لكن مع تواتر الاحتجاجات الاجتماعية في الجهة في السنوات الثماني الماضية وإضرابات العمال تهاوى الإنتاج إلى نحو الثلث مقارنة بعام 2010 حينما كان يساهم بنحو 10 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد.

وتقوّض الاعتصامات والاحتجاجات في المنطقة جميع مساعي الدولة للاستفادة من ثروة الفوسفات المهدورة، والتي كانت أحد أبرز المحركات التي تدرّ على خزينة الدولة عوائد مالية من تصدير نحو 8 ملايين طن سنويا.

وتشير التقديرات الرسمية إلى أن الدولة فقدت إيرادات بنحو ملياري دولار منذ بداية الفوضى في يناير 2011 بسبب تراجع صادرات الفوسفات وأدى ذلك إلى خسارة تونس، أحد أبرز منتجي العالم للفوسفات، لعدة أسواق خارجية.

وتعمل الحكومة على تنفيذ خطط لزيادة إنتاجها السنوي 30 بالمئة من الفوسفات خلال العام الجاري، أي بلوغ سقف إنتاج يقدر بنحو 5 ملايين طن، مقارنة بالعام الماضي والذي لم يتجاوز فيه الإنتاج حاجز 3 ملايين طن.

ولتنفيذ خطتها، تم تخصيص 180 مليون دينار (62 مليون دولار) كاستثمارات جديدة في كل من ولاية توزر ومنطقتي المكناسي وأم الخشب لتطوير القطاع وجعله منتجا بشكل مستدام بحيث يساعد على تعزيز احتياطات النقد الأجنبي.

ويشكك اقتصاديون في قدرة الحكومة على تحقيق طموحاتها بإعادة عجلة قطاع الفوسفات الاستراتيجي إلى الدوران مجددا في ظل ما يحصل في الحوض المنجمي.

ويرون أنه حتى لو عاد الإنتاج مرة أخرى فإن تونس لن تستطيع تسويقه نظرا لوفرة المعروض في السوق العالمي خاصة من المغرب والبرازيل.

وتظهر البيانات الرسمية أن الطلب العالمي على الأسمدة، على سبيل المثال، انخفض بشكل ملحوظ في الأشهر الماضية لاسيما من الهند نظرا للزيادة الكبيرة على مستوى الإنتاج المحلي.

وطيلة العقدين الماضيين، شهدت المنطقة سلسلة من الاحتجاجات تفاقمت في عام 2008 عندما اندلعت اضطرابات واجهتها السلطات في عهد زين العابدين بن علي بشدة وسط تكتم إعلامي كبير حينها. ولم يفلح سقوطه في معالجة المشكلة.

10