توعية أم تحذير.. قضية سجناء التغريدات في برنامج سعودي

طفت قضية سجناء التغريدات على السطح في السعودية بعد تناولها في برنامج على التلفزيون السعودي الرسمي بهدف التوعية بقانون الجرائم المعلوماتية من جهة، والتحذير من الوقوع في فخ الجيوش الإلكترونية التي تنتقد البلاد والانقياد وراءها من جهة أخرى.
الرياض - أثار برنامج على قناة السعودية ضجة على مواقع التواصل الاجتماعي بعد الكشف عن سجن بعض الأشخاص بسبب نشر تغريدات لم يعرفوا أنها تخالف القانون إلا وراء القضبان.
وقال صلاح الغيدان مقدم برنامج “النقطة العمياء” على قناة السعودية “ممكن نكون خلف القضبان بسبب هواتفنا الذكية، وأنصح نفسي وأنصحكم بالاطلاع على القانون”.
وفي زيارة ميدانية إلى السجون، سلط البرنامج الضوء على المتورطين في الجرائم المعلوماتية الذين يقضون عقوبات بسبب وقوعهم في هذا النوع من الجرائم التي يكون أساسها في الغالب نشر تغريدة على مواقع التواصل الاجتماعي وخاصة تويتر.
واستضاف البرنامج شابا سعوديا، لم يظهر وجهه، تم سجنه بموجب القانون، وقال مقدم البرنامج “هذا الشاب خال من السوابق وفي لحظة قرر يكتب تغريدة وبسببها دخل السجن”.
◙ تويتر تحول إلى ساحة معركة رئيسية بين الحكومة السعودية التي تستخدمها للترويج لسياساتها، و”أعدائها” الذين يستخدمونها لنشر انتقاداتهم
وفي حديثه مع البرنامج أكد السجين أنه لم يكن ينوي الإساءة لكنه قرر التعبير عن رأيه، وقال “كان في شيء في خاطري وطلعت (نشرت) التغريدة”، وتابع “لم أكن أعلم أنه سيتم تجريمي بسبب هذه التغريدة”. وأضاف السجين أنه غرد باستخدام “اسمه الصريح”، كاشفا عن وجود “مسجونين آخرين معه بسبب تغريدات بأسماء صحيحة أو مستعارة”.
وتم الحكم على العديد من المسجونين السعوديين بالحبس من عام وحتى خمس سنوات ووصل الأمر أحيانا إلى السجن 15 عاما، حسبما ذكر السجين في حديثه مع “النقطة العمياء”.
واعتبر ناشطون أن البرنامج بمثابة إنذار وتحذير للمستخدمين على مواقع التواصل الاجتماعي من تجاوز الخطوط الحمراء في المملكة، والاطلاع على قانون الجرائم المعلوماتية، فيما ذهب البعض إلى شن هجوم لاذع على القانون الفضفاض الذي يساء استخدامه.
وانتقد آخرون البرنامج وما جاء فيه، معتبرين أنه يسيء للبلاء بسبب طرحه الملتبس وعدم توضيح الكثير مما جاء به بشأن التغريدات التي ورطت أصحابها، وقال مغرد موجها حديثه لمقدم البرنامج:
وكتبت ناشطة:
ورأى العديد من المغردين أن من يسيء للبلاد أو الدين أو القيم الاجتماعية يستحق الردع القانوني، وكتب أحدهم:
وتضمن برنامج “النقطة العمياء” العديد من الحالات التي تمت محاكمتها بسبب محالفتها للقانون، وفي شهادة لأحد هؤلاء، قال صاحب قضية “مقطع شهير تم تداوله”، “لم أكن أعلم أنها مخالفة. أنا كنت أريد توعية الناس فأصبحت توعية لنفسي، وأدخلني المقطع السجن، وأصبحت أقبع خلف القضبان. انتشر المقطع بطريقة غير الطريقة اللي قدمتها لكن الغلط مني، وأنا مقتنع أني أثرت الرأي العام بعد أن وُجهت لي التهمة. وهذه نقطة عمياء ما كنت شايفها”.
وأضاف “انتبه، قد تصور محلاً أو لوحة أو إعلانًا لكن يطلع فيه شخص وأنت ما تدري.. ترى جريمة. ولو رجع بي الزمن قبل المقطع ما راح أصوره بعد الذي وصلت له. الحين أنا بحياتي ما دخلت السجن، ودخلت بسبب مقطع توقعت أنه يوعي الناس فوعاني أنا”.
وبث البرنامج أيضا حالة شاب تورط في تصوير مقاطع فيديو بنفسه مع بنات وأنواع من المخدرات، ومع انتشار مقطع للمتهم على سنابشات يظهر فيه مع واحدة من البنات ألقي القبض عليه.
والمتهم الآخر قبض عليه بتهمة ترويج المخدرات عبر سنابشات، ووقع في فخ فتاة استدرجته لمقابلة من أجل الحصول على المخدرات، ثم قبض عليه في يوم مقابلتها.
وحالة أخرى تخص متهما بتركيب فيديوهات أثارت الرأي العام ونشرها على سنابشات، دون أن يدري خطورة ذلك، والأدهى أن البعض استغل مقطعه وحرّف فيه من أجل إضرار بالمصلحة العامة.
وأبدى المتهمون ندمهم على ما اقترفوه من جرائم، وكان بعضها بسبب حب الشهرة أو الإدمان أو الجهل بالقوانين، مؤكدين أن تجربة السجن قادتهم إلى الأفضل، فبعضهم أكمل تعليمه داخل السجن، أو التزم في صلواته وأداء الفرائض.
وحسب المادة السادسة من نظام مكافحة جرائم المعلوماتية، يعاقب بالسجن مدة لا تزيد على خمس سنوات وبغرامة لا تزيد على ثلاثة ملايين ريال، أو بإحدى هاتين العقوبتين كلُّ شخص يرتكب أيًّا من الجرائم المعلوماتية الآتية: إنتاج ما من شأنه المساس بالنظام العام، أو القيم الدينية، أو الآداب العامة، أو حرمة الحياة الخاصة، أو إعداده، أو إرساله، أو تخزينه عن طريق الشبكة المعلوماتية، أو أحد أجهزة الحاسب الآلي.
وكذلك إنشاء موقع على الشبكة المعلوماتية، أو أحد أجهزة الحاسب الآلي أو نشره للإتجار في الجنس البشري، أو تسهيل التعامل به.
بالإضافة إلى إنشاء المواد والبيانات المتعلقة بالشبكات الإباحية، أو أنشطة الميسر المخلة بالآداب العامة أو نشرها أو ترويجها.
ويجرم القانون إنشاء موقع على الشبكة المعلوماتية، أو أحد أجهزة الحاسب الآلي أو نشره، للاتجار بالمخدرات، أو المؤثرات العقلية، أو ترويجها، أو طرق تعاطيها، أو تسهيل التعامل بها.
ويركز نظام مكافحة الجرائم المعلوماتية على حماية الأشخاص والأخلاق والمصلحة العامة والاقتصاد الوطني، ويضبط استخدام الأشخاص للتقنية والجوالات.
ويتفاعل السعوديون على تويتر بشأن الانتقادات الموجهة إلى بلادهم، وهناك من يرى فيها تهجما وتحاملا على المملكة. واعتبر نشطاء أن المقابلة مع السجناء رسالة للشعب السعودي للتقيد بالقانون، وعلق الإعلامي صلاح الغيدان على الضجة التي أثيرت حول البرنامج في تغريدة قال فيها:
ويمثل تويتر في السعودية ساحة يجتمع فيها المواطنون لتبادل المعلومات والآراء حول كل القضايا. وتعتبر المملكة أكبر سوق لوسائل الإعلام الاجتماعي في المنطقة، حيث إن 75 في المئة من سكانها لا تتجاوز أعمارهم الثلاثين عاما، وتنشط هذه الفئات العمرية في منصات الإعلام الرقمي.
وقد يبدو أن الجميع في السعودية يستخدمون تويتر، سواء كانوا رجال دين بارزين أو صحافيين معروفين أو مشاهير التلفزيون، وحتى العاهل السعودي الملك سلمان بن عبدالعزيز الذي لديه 9.9 مليون متابع. ونظرا إلى الأهمية الكبيرة التي تحظى بها هذه المنصة، تحوَّل تويتر إلى ساحة معركة رئيسية بين الحكومة السعودية التي تستخدمها للترويج لسياساتها، و”أعدائها” الذين يستخدمونها لنشر انتقاداتهم. وتواجه السعودية تحدي إبقاء سيطرتها على الرأي العام في تويتر الذي كادت أن تفقد السيطرة عليه قبل سنوات قليلة حين واجهت السلطات الأمنية صعوبة في إدارته، إذ أن أغلب الحسابات المؤثرة التي غزت تويتر حينها كانت تدار من خارج السعودية، ما جعل السلطات تدق ناقوس الخطر، حتى أنها طرحت فكرة إمكانية إغلاق الموقع إذا تطلب الأمر ذلك.
وخلال برنامج “النقطة العمياء” كشف الرئيس التنفيذي للهيئة السعودية للملكية الفكرية عبدالعزيز السويلم عن حجب أكثر من 4 آلاف موقع إلكتروني انتهكت حقوق البث في سنة واحدة.