توسيع صلاحيات الملك يبدد نوايا التحديث السياسي في الأردن

عمان – أثارت التعديلات الدستورية التي أقرها البرلمان الأردني الاثنين، والتي منحت العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني صلاحيات واسعة وغير مقيدة في التعيين والإقالات، جدلا واسعا داخل المملكة وأعادت المشككين في مسار التحديث السياسي إلى دائرة الضوء.
وتمهد التعديلات الدستورية لإقرار توصيات اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية والتي ينتظر أن ينتج عنها قانون للأحزاب وقانون انتخابي تمهيدا لانتخاب حكومات برلمانية صرفة.

وأقر البرلمان تعديل المادتين الرابعة والخامسة من مشروع تعديل الدستور الأردني الذي ينص على توسيع صلاحيات الملك بتعيين القادة الأمنيين ورؤساء السلطات القضائية والدينية وكبار موظفي الديوان الملكي بإرادة منفردة ومباشرة وإقالتهم.
ووافق على التعديلات 115 نائبا، فيما خالفها 7 نواب وامتنع نائب واحد عن التصويت.
وعلل رئيس الوزراء الأردني بشر الخصاونة إقرار التعديلات بـ”النأي بهذه المناصب عن التجاذبات الحزبية وتحييدها عن الاستقطاب الحزبي بأي اتجاه”.
ويتساءل مراقبون، بعد هذه التعديلات التي تمنح الملك سلطات غير مقيدة وواسعة في تعيين كبار موظفي الدولة، عن شكل “الحكومات البرلمانية” التي يسعى الأردن لتكريسها، مشيرين إلى أن هذه الخطوة تؤكد ما ذهبت إليه أوساط أردنية واسعة حينما شككت في نوايا التحديث السياسي الجاد في المملكة.
ويقول هؤلاء “ما جدوى الحديث عن حكومة برلمانية لا تتمتع بحقها في التعيين والإقالة من المناصب العليا في الدولة؟”.
وبتمتيعه بصلاحيات واسعة يصبح العاهل الأردني صاحب القرار الأول والأخير بمعزل عن إرادة الحكومة المنتخبة واستراتيجياتها، ما يجعل تواجدها يقتصر على تسيير دواليب الدولة اليومية دون صلاحيات تذكر.
واتهم الملك عبدالله الثاني إثر إقرار التعديلات التي تمنحه سلطات واسعة أطرافا لم يسمها بمحاولة عرقلة مسار الإصلاح السياسي.
وقال خلال لقائه الاثنين رئيسَ مجلس الأعيان ورؤساء اللجان بالمجلس إن “ثمة أطرافا تريد لمسيرة التحديث أن تفشل، لكننا واثقون من النجاح بإرادة الأردنيين”.
ويحتفظ الأردنيون بذكريات سيئة بعد عدة مبادرات إصلاحية تمت صياغتها لكنها بقيت حبرا على ورق.
ويتخوف هؤلاء من أن تكون مخرجات اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية مجرد مناورة سياسية من أجل تهدئة الغضب المجتمعي المتصاعد لتنتهي مهامها بزواله.
وقال الناطق باسم المكتب التنفيذي للحراك الأردني الموحد المحامي جمال جيت إن “الحجة التي تطرحها الحكومة وتخوفها من الحكومات الحزبية هي حجة واهية؛ نحن نريد الانتقال إلى حكومات منتخبة أو حزبية، هذه الحكومات بحاجة إلى سلطات يكون مصدرها الدستور الأردني، لسنا نظاما جمهوريا رئاسيا نضع الصلاحيات بيد الرئيس حتى عندما يتغير شكل الحزب السياسي الحاكم لا يغير مجموعة من المبادئ الدستورية التي استقر عليها النظام”.
وأضاف جيت “لدينا المبادئ فوق الدستورية التي تحفظ شكل الدولة مهما اختلف من يستلم الحكومة، نتحدث عن ملكية دستورية، والأمة فيها مصدر السلطات، لذا عندما أقوم بهذا الانقلاب على الدستور وأمنح صلاحيات لشخص بغض النظر عما هي صفته دون أن يكون هناك مبدأ تلازم السلطة والمسؤولية إذن أنا أوجد خللا دستوريا، هناك مجموعة من المبادئ الدستورية التي لا يجوز المساس بها”.