توسيع دائرة منح الضبطية القضائية يثير جدلا في مصر

القاهرة - أثار قرار وزير العدل المصري المستشار عمر مروان، بمنح الضبطية القضائية لموظفين بهيئة الطرق والكباري (الجسور) التابعة لوزارة النقل، جدلا واسعا، وسط تحذيرات من هذا التمشي الذي يستهدف، وفق وجهة نظر البعض، خنق المجتمع والتضييق عليه.
ونشرت الجريدة الرسمية، الأسبوع الجاري، قرار وزير العدل، رقم 1212 لسنة 2024، والذي يمنح نحو مئة من العاملين بالهيئة العامة للطرق والكباري صفة مأموري الضبط القضائي.
ونصت المادة الأولى لقرار الوزير على أنه “يخول بعض العاملين بالهيئة العامة للطرق والكباري صفة مأموري الضبط القضائي، وذلك إعمالًا لنص المادة (23) من قانون الإجراءات الجنائية، بالنسبة للجرائم التي تقع بالمخالفة لأحكام القانون رقم 84 لسنة 1968 بشأن الطرق العامة”.
ويرى نشطاء حقوقيون أن قرار الوزير، يستهدف تكميم أفواه شريحة من المواطنين، تحتج على الخطط الحكومية لتوسيع وتطوير الطرقات والجسور، على حساب المناطق العمرانية.
وزير العدل المصري يصدر قرارا يقضي بمنح بعض العاملين في الهيئة العامة للطرق والكباري صفة مأموري الضبط القضائي
وقامت السلطات المصرية خلال الأعوام الماضية بإزالة الآلاف من المباني السكنية في العديد من المناطق، وكذلك القبور في جبانة القاهرة التاريخية التي تُعد الأقدم في العالم الإسلامي والمدرجة على قائمة منظمة اليونسكو للتراث العالمي، لخدمة مشاريع تستهدف تطوير شبكة الطرق والمواصلات في العاصمة من خلال بناء جسور وأنفاق وسكك حديدية.
وقد لاقت عمليات الهدم اعتراضات واسعة من الأهالي، ويقول النشطاء إن قرار الوزير سيمكن الموظفين العموميين من لعب دور وزارة الداخلية في رصد وضبط ما تعتبر مخالفات، ولهم الحق بحسب القرار في اعتقال أي شخص وتسليمه للشرطة، حتى دون صدور أي حكم قضائي، وفي غياب وجود جهة رقابية.
وأعرب رئيس محكمة استئناف الإسكندرية سابقا، المستشار محمد عوض، عن قلقه من توسيع نطاق منح صلاحيات الضبطية القضائية لموظفي الحكومة، بما في ذلك موظفو هيئة الطرق والكباري. وقال المستشار عوض في تصريحات صحفية إن الخطوة تشير إلى تغير في دور الموظفين الحكوميين، ففي الماضي، كانت وظائفهم تقتصر على تقديم الخدمات للمواطنين. أما الآن، يُطلب منهم أيضا ممارسة مهام أمنية.
وحذر المستشار عوض من مخاطر هذا التوسع على الحريات العامة، حيث قد تُستخدم هذه الصلاحيات لقمع المعارضة وحرية التعبير، معربا عن قلقه من إمكانية إضعاف سيادة القانون من خلال منح صلاحيات واسعة لموظفين حكوميين دون رقابة كافية من قبل السلطة القضائية.
وسبق وأن تم تمرير قانون في البرلمان المصري يقضي بمنح ضباط الجيش صلاحية الضبط القضائي في الجرائم التي تضر باحتياجات المجتمع الأساسية من سلع ومنتجات تموينية، وكذلك مشاركة الشرطة في تأمين المنشآت ومواجهة “تهديد مقومات الدولة” حفاظا على الأمن القومي.

وبحسب المادة الثالثة من القانون الذي جرى إقراره في يناير الماضي “تكون لضباط القوات المسلحة وضباط الصف الذين يصدر بتحديدهم قرار من وزير الدفاع، كل في الدائرة التي كلف بها، جميع سلطات الضبط القضائي والصلاحيات المرتبطة بها والمقررة لمأموري الضبط القضائي وفقا لأحكام قانون الإجراءات الجنائية فيما يتعلق بأدائهم لمهامهم المنصوص عليها في هذا القانون”.
وحث رئيس محكمة استئناف الإسكندرية سابقا على ضرورة إعادة النظر في سياسة منح الضبطية القضائية، داعيا إلى إجراء حوار مجتمعي شامل لمناقشة دلالاتها وآثارها على مختلف جوانب الحياة في مصر.
ويوضح قانون العمل المصري ضوابط تفتيش العمل والضبطية القضائية، إذ نصت المادة 232 على أنه يكون للعاملين القائمين على تنفيذ أحكام هذا القانون والقرارات الصادرة تنفيذا له والذين يصدر بتحديدهم قرار من وزير العدل بالاتفاق مع الوزير المختص، صفة مأموري الضبط القضائي بالنسبة للجرائم التي تقع في دوائر اختصاصهم وتكون متعلقة بأعمال وظائفهم، وذلك عملًا بنص المادة (23) من قانون الإجراءات الجنائية بالنسبة للجرائم التي تقع بالمخالفة لأحكام القانون رقم 84 لسنة 1968 بشأن الطرق العامة.
وتنص المادة 233 على أن يحمل العامل الذي له صفة الضبطية القضائية بطاقة تثبت هذه الصفة وله حق دخول جميع أماكن العمل وتفتيشها للتحقق من تطبيق أحكام هذا القانون والقرارات المنفذة له، وفحص الدفاتر والأوراق المتعلقة بذلك، وطلب المستندات والبيانات اللازمة من أصحاب الأعمال أو من ينوب عنهم.