توسع الاستثمار يعزز مكاسب صناعة السياحة في السعودية

صندوق الثروة يواصل تنويع محفظة أعماله بالقطاع لترسيخ خطط الحكومة واقعيا.
الأربعاء 2022/09/14
من الممتع توثيق سيلفي على الكورنيش

اكتسبت إستراتيجية السعودية باتجاه ترسيخ استثماراتها في صناعة السياحة زخما كبيرا مع توسيع صندوقها السيادي محفظة أعماله بالقطاع، والتي يقول خبراء إنها تسير وفق إيقاع تم التخطيط له بعناية لتحويل هذا المجال إلى أحد الأعمدة الرئيسية لخيمة الاقتصاد.

الرياض – يعكس استمرار صندوق الاستثمارات العامة السعودي (الصندوق السيادي) في تنفيذ أجندته المتنوعة التي تستهدف السياحة دليلا على إصرار المسؤولين على وضع قاعدة قوية للقطاع ضمن خطط تنويع مصادر الدخل.

وفي أحدث خطوة كشف الصندوق عن نيته استثمار 1.5 مليار ريال (410 ملايين دولار) في شركة تعمل بالسفر والسياحة من خلال الاكتتاب في أسهم زيادة رأس مال جديدة تصدرها الشركة لصالح الصندوق.

وأعلنت مجموعة سيرا القابضة المدرجة ببورصة “تداول” الثلاثاء في بيان عن “إبرام وثيقة شروط غير ملزمة مع صندوق الثروة، بشأن استثماره المقترح في شركة المسافر للسياحة والسفر المملوكة بالكامل لسيرا”.

وعقب هذا الإعلان ارتفع سهم سيرا بنسبة اثنين في المئة في تعاملات السوق المالية السعودية، مسجلا سعرا عند 20.4 ريالا (5.44 دولار).

أحمد الخطيب: سيتم ضخ مئتي مليار دولار في القطاع حتى عام 2030

وسيرا القابضة كانت تعرف سابقا باسم مجموعة الطيار للسفر التي تأسست عام 1979. وقد تم تحويلها إلى شركة ذات مسؤولية محدودة في عام 1997، وتم إدراجها في سوق المال المحلي في مطلع يوليو 2012.

وتأتي الصفقة الجديدة في إطار خطة مجموعة سيرا لإعادة هيكلة الشركات التابعة لها التي تعمل في قطاع السياحة والسفر.

وبموجب الاتفاق الموقع الاثنين الماضي سيقوم الصندوق، أو كيان مملوك له بالكامل، بالاكتتاب في أسهم عادية جديدة بنسبة 30 في المئة من رأس مال شركة المسافر.

وسيكون المبلغ المتفق عليه قابلا للتعديل بناء على نتائج الفحص النافي للجهالة وقيمة الديون وما في حكمها عند تاريخ إتمام الصفقة.

وفي حال إتمام الصفقة تعتزم شركة المسافر استخدام ضخ رأس المال الجديد في تمويل برامج توسيع وتعزيز أعمالها من خلال الاستثمار في الأصول والمنتجات المرتبطة بالسياحة الداخلية والخارجية والحج والعمرة.

وتشتمل القيمة الإجمالية للصفقة على “مبلغ إضافي محتمل”، بقيمة تصل إلى 386 مليون ريال (قرابة 104 ملايين دولار)، يدفعه الصندوق لشركة المسافر مشروطاً بتحقيق مؤشرات الأداء للسنتين الماليتين 2023 و2024 التي يتم الاتفاق عليها.

وأسس صندوق الثروة، وساهم في دعم العديد من المشاريع والشركات السياحية في مختلف المناطق الداخلية بهدف تعزيز جهود البلد ليصبح وجهة جاذبة على خارطة السياحة العالمية، مثل شركة البحر الأحمر للتطوير وشركة السودة للتطوير وشركة كروز السعودية.

ويعتبر الاستثمار في القطاع ركنا أساسيا في “رؤية 2030″، وهي الخطة الاقتصادية الإصلاحية التي يقودها ولي العهد الأمير محمد بن سلمان منذ الإعلان عنها في أبريل 2016.

ومنذ إطلاق الخطة أعلنت الحكومة عن مشاريع سياحية ضخمة، من بينها مشروع بناء منطقة اقتصادية وسياحية وترفيهية ضخمة في شمال غرب البلاد تحت مسمى نيوم، باستثمارات تبلغ قيمتها نصف تريليون دولار.

كما تعلّق الرياض آمالا كبيرة على مشاريع في عدة مناطق مثل الدرعية وبناء مدينة ترفيهية على طراز “وولت ديزني” تسمى القدية لتوجيه صرف ميزانية الترفيه الأسرية إلى داخل البلاد وتلبية كافة احتياجات المواطنين بدلا من السفر إلى الخارج.

وإلى جانب المهرجانات الموسيقية والأحداث الرياضية التي بدأت تنظم عبر مناطق البلاد خلال السنوات الأخيرة، تقوم السعودية أيضا بالترويج لمناطق جذب جديدة مثل العلا، وهي مركز فنون ناشئ في شمال البلاد.

وبحسب وزير السياحة أحمد الخطيب تستهدف الحكومة اجتذاب مئة مليون سائح في نهاية هذا العقد، ولتحقيق ذلك يحتاج القطاع إلى ضخ استثمارات تقدر بنحو 70 مليار دولار حتى 2023 وأكثر من 200 مليار دولار بحلول عام 2030 لسد الفجوة في المعروض.

واعتمدت الحكومة في نهاية أغسطس الماضي نظاما جديدا للسياحة يشتمل على تشريعات تستهدف تنظيم القطاع وتتعلق بترخيص الأنشطة واشتراطاتها والرقابة عليها.

410

ملايين دولار ينوي الصندوق السيادي استثمارها في مجموعة سيرا القابضة

كما تضمن النظام مجموعة من المحفزات التي ستقدمها وزارة السياحة كالإعفاء من الضرائب أو الرسوم الجمركية بعد موافقة الجهات المعنية.

ولعقود كانت السياحة في السعودية مقتصرة على السياحة الدينية المرتبطة بالحج والعمرة في مكة المكرمة والمدينة المنورة، ويفتقد العاملون في القطاع إلى الخبرة في التعامل مع السياح الباحثين عن الراحة والترفيه.

وفتحت السعودية في 2019، بعد عقود من الانغلاق، أبوابها أمام السياح، فاستحدثت تأشيرات إلكترونية عند الوصول لمواطني 49 بلدا. كما تستهدف توفير مليون وظيفة جديدة في القطاع بحلول 2030.

وتأمل الحكومة في أن يدير الشباب، الذين يشكلون أكثر من ثلثي السكان البالغ عددهم حوالي 34 مليون نسمة، المشاريع الجديدة بعد الانتهاء منها.

وتقول السعودية إنها تطمح في أنّ يشكل السعوديون 70 في المئة من العاملين في هذا القطاع بنهاية العقد الجاري.

وحاليا يعمل قرابة 850 ألف شخص في قطاع السياحة، ويشكّل السعوديون 26 في المئة فقط منهم، بحسب الأرقام الرسمية.

لكن السعي نحو “سد الفجوة” عبر المزيد من “السعودة” في السياحة يجب أنّ يترافق مع “الحرص على الجودة”، كما يرى وكيل وزارة السياحة محمد بشناق خلال تصريحات أدلى بها مؤخرا لوكالة الصحافة الفرنسية.

ووفق مجلس السفر والسياحة العالمي فإن قطاع السفر والسياحة في السعودية سينمو بمتوسط 11 في المئة سنويا على مدار العقد القادم، وذلك يجعلها السوق الأسرع نموا في الشرق الأوسط.

وأوضح خبراء المجلس في تقرير نشر الشهر الماضي أنه بحلول 2032 يمكن أن تبلغ مساهمة القطاع في الناتج المحلي الإجمالي للبلاد نحو 169 مليار دولار، أي ما يعادل 17 في المئة من حجم الاقتصاد الكلي.

11