توحيد سعر الكربون أكبر التحديات أمام الحكومات

شرم الشيخ (مصر) - يسود على نطاق واسع اعتقاد أن مقترح توحيد سعر الكربون يشكل أحد أكبر التحديات أمام حكومات العالم لترسيخ هذه التجارة الناشئة في سياق مكافحة الاحتباس الحراري.
واقترح صندوق النقد الدولي خلال قمة كوب 27 وضع حدّ لتسعير الكربون في العالم، بدلا من الإجراءات الأحادية التي لن تكون كافية لمواجهة تغيّر المناخ.
وقالت مديرة الصندوق كريستالينا جورجيفا في مقابلة مع رويترز إن “هناك حاجة للوصول بمتوسط سعر انبعاثات الكربون إلى 75 دولارا للطن على الأقل على مستوى العالم في نهاية هذا العقد، حتى تنجح أهداف المناخ العالمية”.
وترى أنه يمكن تعزيز الحوافز الناتجة عن تسعير الكربون باللوائح الخاصة بمعدلات الانبعاثات، بالإضافة إلى استخدام ضرائب الكربون لتعزيز الاقتصاد ومواجهة الضرر الناجم عن ارتفاع أسعار الوقود، ما يعزز قبول تسعير الكربون.
وفي 2017 عرّف البنك الدولي تسعير الكربون بأنه يجمع ما يعرف بـ”التكاليف الخارجية لانبعاثات الكربون”، وربطها بمصادرها من خلال تسعير الكربون.
ويُقصد بالتكاليف الخارجية تلك التي يدفعها الجمهور العام بطرق أخرى، مثل تلف المحاصيل وتكاليف الرعاية الصحية جراء موجات الحرارة والجفاف أو تضرر الممتلكات من الفيضانات وارتفاع مستوى سطح البحر.
ولكن بالنظر إلى طبيعة كل اقتصاد وحجمه، تشكل عملية التسعير على نحو عادل مشكلة تعترض إضفاء المزيد من الزخم على تداول أرصدة الانبعاثات الضارة في ظل بروز محاولات في عدد من مناطق العالم للاتفاق على سقف موحد لذلك.
وذكرت جورجيفا على هامش قمة المناخ كوب 27 المنعقدة في منتجع شرم الشيخ بمصر، أن وتيرة التغيير في الاقتصاد الحقيقي لا تزال “بطيئة للغاية”.
ويشير تحليل في الآونة الأخيرة إلى أن الإجمالي العالمي للالتزامات المحددة على المستوى الوطني للحد من الانبعاثات الضارة بالمناخ سيؤدي إلى انخفاضها بنسبة 11 في المئة فقط بحلول منتصف القرن الحالي.
وقالت جورجيفا “إذا لم نقم بتسعير الكربون بصورة يمكن توقعها على مسار يقودنا إلى سعر 75 دولارا لطن الكربون في المتوسط على الأقل في عام 2030، فإننا ببساطة لن نقدّم إلى الشركات والمستهلكين حافزا على التحول”.
ومع أن بعض المناطق مثل الاتحاد الأوروبي تحدد سعرا أعلى من هذا المستوى للكربون، إذ أن السعر الرئيسي هو 76 يورو للطن تقريبا، ترى مناطق أخرى مثل ولاية كاليفورنيا الأميركية أن تباع مخصصات الكربون بأقل من 30 دولارا للطن.
وفضلا عن ذلك هناك مناطق أخرى لا تحدد سعرا على الإطلاق.

وتعتقد مديرة الصندوق أن المشكلة هي أنه في الكثير من بلدان العالم، وليس فقط الفقيرة، لا يزال مستوى قبول وضع تسعيرة للتلوث محدودا، وهو وضع تسهم في احتداده أجواء ارتفاع تكاليف المعيشة الحالية. لكنها تؤكد أن ثمة سبلا مختلفة يمكن لأي بلد أن يسلكها.
وعلى سبيل المثال من غير المرجح أن تحدد الولايات المتحدة، وهي ثاني أكبر مصدر للانبعاثات في العالم، سعرا للكربون على مستوى البلاد، نظرا إلى المعارضة السياسية الصارمة لضرائب الكربون وأنظمة “تجارة الانبعاثات”.
وقالت جورجيفا “ركزوا فقط على التكافؤ. سواء اختارت الولايات المتحدة فرض سعر الكربون من خلال التشريعات والتخفيضات وليس الضرائب أو من خلال التجارة، لا ينبغي أن يكون لهذا تأثير. ما يجب أن يكون مهمّا هو السعر المكافئ”.
وأشارت إلى اقتراح صندوق النقد بشأن الحد الأدنى من أسعار الكربون، والاقتراح الذي طرحته ألمانيا والمتمثل في إنشاء “نادي الكربون” لأكبر اقتصادات العالم.
ويفترض أن تنسق مثل هذه المقترحات طريقة حساب الأعضاء لانبعاثات الكربون وتسعيرها وتتيح التعاون على خفض الانبعاثات في أكبر القطاعات الصناعية.
ودون حد أدنى دولي لسعر الكربون، من المرجح أن تتصرف الدول بمفردها لفرض تعريفات جمركية على السلع المستوردة كثيفة الكربون، مثلما أعلن الاتحاد الأوروبي مقترحًا لذلك في يوليو الماضي.
كما أن الإجراءات الأحادية ستكون أقلّ فاعلية لأن تعديلات الكربون على الحدود ستقوم فقط بتسعير الانبعاثات المتضمنة في المنتجات المتداولة، وليس الجزء الأكبر من الانبعاثات غير المتداولة.
وقالت مديرة صندوق النقد الدولي “سواء تم تحقيق انفراجة في مؤتمر الأمم المتحدة المعني بتغير المناخ (كوب) الحالي أو بعده، يجب أن يتم هذا قريبا لأن الوقت ينفد أمام فرصتنا للنجاح في هذا التحول فعليا”.