توجه في الكويت نحو الحد من نزيف البعثات التعليمية الفاشلة

الكويت- شرعت السلطات الكويتية في فتح ملف البعثات التعليمية إلى الخارج والتي كثيرا ما شكلت عبئا ماليا على الدولة دون تحقيق نتائج ملموسة توازي المبالغ المالية التي تخصص لابتعاث طلبة للدراسة في عدد من البلدان المتقدمة علميا وتكنولوجيا ثبت أنّ مساهمتهم في توفير كفاءات وكوادر للعمل في مؤسسات البلاد محدودة إلى حدّ بعيد.
ويعود الفشل في الحصول على النتائج المرجوة من وراء ذلك الجهد المبذول من قبل الدولة إلى عدّة أسباب، من بينها التفاوت الكبير في المستوى التعليمي والدراسي في الكويت ومثيله في البلدان التي يبتعث إليها الطلبة الكويتيون الذين كثيرا ما يجدون أنفسهم عاجزين عن مسايرة نظرائهم في تلك البلدان ومجبرين على مواجهة الفشل أو قطع الدراسة والعودة إلى الوطن.
كما يعود إلى اختلال مقاييس اختيار الطلبة المؤهلين للدراسة في الخارج وعدم دقتها وصرامتها، وهو العامل الذي سيجري التركيز عليه مرحليا في إصلاح عملية الابتعاث، في انتظار الشروع في إنجاز إصلاح تربيوي وتعليمي شامل تطالب به العديد من الدوائر من بينها مثقّفون وأكاديميون.
وفي هذا السياق أعلنت وزارة التعليم العالي عن إجراء تعديلات على بنود لائحة البعثات الخارجية “بهدف الارتقاء بمستوى الخريجين والحد من التعثر الأكاديمي وتحقيق أعلى معايير الكفاءة العلمية والعدالة في توزيع الفرص بين الطلبة المبتعثين، والتي سيتم العمل بها ابتداء من العام الدراسي الحالي 2025 – 2026”.
وقالت وكيل وزارة التعليم العالي لمياء الملحم في تصريح صحفي إن التغييرات جاءت بعد دراسة شاملة لنتائج سياسة الابتعاث ومخرجاتها خلال السنوات الأخيرة، وتحديد مستهدفاتها والنتائج المرجوة منها، بالإضافة إلى مراجعة المعايير الأكاديمية ومتطلبات الجامعات العالمية، ومتابعة التقارير الدورية للمكاتب الثقافية في الخارج، حيث تقرر إجراء تغيرات على بعض بنود لائحة البعثات الخارجية.
ومن ضمن التغييرات المزمع إجراؤها استبدال مرحلة اللغة الإنجليزية التمهيدية باشتراط حصول الطالب مسبقا على درجة لا تقل عن 5.5 في اختبار اللغة الإنجليزية المعتمد مع تحقيق الدرجة المطلوبة من قبل الجامعة في التخصص المقبول به كشرط أساسي للالتحاق بمقر البعثة، على أن يمنح الطالب عاما كاملا من تاريخ إعلان نتائج القبول لتحقيق هذا الشرط.
ويعد ضعف تعلم اللغة الإنجليزية، وهي لغة عالمية أساسية في تعليم العلوم الحديثة، وكذلك الآداب والفنون، أحد أوضح مطاعن العملية التعليمية في الكويت.

لمياء الملحم: التغييرات ناتجة عن تقييم لمخرجات الابتعاث على مدى سنوات
وأظهر بحث متخصص نشر في وقت سابق أن نسبة الرسوب في مادة اللغة الإنجليزية في اختبار القدرات بالجامعة بلغت ما نسبته ثلاثة وستين في المئة من الممتحنين وذلك بسبب عدم قدرة الطالب على توظيف هذه اللغة على الرغم من أنه يتعلمها كلغة ثانية منذ السنة الأولى من التعليم الابتدائي، كما أظهر رسوب أكثر من ثمانين في المئة من طلبة الثانوية العامة الحكومية المبتعثين إلى الخارج في أول سنة ابتعاث في مواد اللغة الإنجليزية والرياضيات.
ونقلت وسائل إعلام محلية عن الملحم قولها إن القرار يأتي بعد تحليل أسباب التعثر الأكاديمي للطلبة ومدى تأثيره على مسارهم الدراسي ومنها عدم اكتساب الطالب للمهارات المطلوبة فعليا بعد انتهاء برنامج اللغة، وذلك لحصول بعض الطلبة على الحد الأدنى المطلوب لاجتياز مرحلة اللغة دون تحقيق مستوى كاف من الكفاءة لاستخدامه أكاديميا، وتنتج عن ذلك صعوبات لاحقة في دراستهم التخصصية وتعثرهم أكاديميا.
ومن التغييرات على بعض بنود لائحة البعثات التي أشارت إليها المسؤولة الاشتراط على الطالب المقبول في البعثة المتميزة ألا يقل معدله الدراسي عن 2.67 من سلم 4 نقاط أو ما يعادله في الأنظمة الأخرى خلال مرحلة الدراسة، للاستمرار في بعثة التميز.
وقالت وكيل وزارة التعليم العالي إنّ الأخيرة تحرص على تحقيق العدالة وتكافؤ الفرص بين الطلبة في الاستفادة من البعثات الدراسية ولذلك تم تعديل أحد بنود شروط طالب البعثة في لائحة البعثات الخارجية حيث يشترط على المتقدمين للبعثات عدم حصولهم مسبقا على منحة دراسية للحصول على البكالوريوس داخل دولة الكويت، ما لم يتم استرداد ما تم صرفه عليهم. ويأتي هذا الإجراء بحسب ذات المسؤولة لضمان الاستفادة المثلى من الموارد المتاحة وتوجيهها نحو دعم الطلبة بشكل أكثر فاعلية.
ويرتّب ابتعاث الطلبة الكويتيين إلى الخارج عبئا ماليا على الدولة يضاف إلى الإنفاق السنوي الضخم على العملية التعليمية ككل. وتتحدّث مصادر عن بلوغ الدعم الشهري للمبتعث الواحد 3270 دولارا، بينما كشف تقرير لديوان المحاسبة عن أرقام كبيرة لعدد الطلاب المتعثرين في البعثات الخارجية.