توجه في الكويت لخفض امتياز مالي للمسؤولين الحكوميين

الكويت- منح مجلس الوزراء الكويتي وزيرة المالية نورة الفصام الضوء الأخضر للمضي في تنفيذ مقترحها بتخفيض المعاشات الاستثنائية الممنوحة لعدد من الأفراد والمسؤولين الحكوميين من بينهم وزراء، بناء على مادة في قانون التأمينات الاجتماعية تجيز للحكومة منح معاشات بشكل استثنائي، وأدى التوسّع في استخدامها على مدى سنوات ماضية وفقا لمقاييس غير مضبوطة وغير واضحة إلى تحميل موازنة الدولة أعباء إضافية وتحوّل إلى باب آخر لهدر المال العام.
وكانت القضية قد أثيرت في وقت سابق عن طريق نواب في مجلس الأمّة، قبل حلّه في مايو الماضي بمرسوم أميري، من زاوية كونها نموذجا على الاستخدام غير الرشيد لأموال الدولة وبشكل يخل بمبادئ العدالة وتكافؤ الفرص، حيث أن جميع المتمتّعين بمعاشات استثنائية لم يكونوا بحاجة فعلية إليها وهو الغرض الأصلي الذي كانت قد أقرت لأجله المادة القانونية المتعلّقة بها.
◄ أهداف إنسانية واجتماعية أقرت بسببها المعاشات الاستثنائية لكن التوسع في منحها تضمن انحرافات وحمل الدولة أعباء إضافية
وتشكو الكويت، التي لم يمنعها غناها بالنفط خلال سنوات قليلة سابقة من مواجهة بعض المشاكل المالية، من ترهّل القطاع العام وارتفاع فاتورة الموازنة التشغيلية للأجهزة الحكومية التي لا يعتبر جميع مسؤوليها وموظفيها على نفس السوية من حيث الكفاءة ونجاعة العمل ومردوديته.
وتصدّت لإثارة القضية بشكل استثنائي جنان بوشهري، العضو السابق في البرلمان، عندما أعلنت قبل نحو سنتين إصرارها على محاسبة الحكومة باستخدام آلية الاستجواب البرلماني على ما سمّته الانحراف في استعمال المادة ثمانين الخاصة بالمعاشات الاستثنائية، مشيرة ضمن مظاهر “الانحراف” إلى وجود قياديين في الدولة متقاعدين قبل أكثر من خمس سنوات وتم منحهم معاشات استثنائية بناء على مقترح من وزير المالية آنذاك، مشيرة إلى وجود شبهة مجاملة في الأمر.
وقالت إنّ منح معاشات استثنائية للوزراء ورفع مقدراها من ثلاثة إلى ستة آلاف دينار يمثل سوء استخدام للمادة المذكورة، منددة بمنح وزراء رواتب استثنائية تعادل رواتبهم الأصلية.
وجاءت إعادة فتح ملف المعاشات الاستثنائية ضمن عملية إصلاح أشمل باتت تطال بعض الملفات والقضايا المتلكئة منذ سنوات والتي تعذّر حسمها بفعل الخلافات السياسية حولها لاسيما تلك المثارة من قبل نواب البرلمان الذي يسّر حلّه من قبل أمير البلاد الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح عملية اتخاذ القرار وسرّع إلى حدّ بعيد من وتيرة الإصلاحات.

◄ جنان بوشهري نددت في السابق بمنح وزراء رواتب استثنائية تعادل رواتبهم الأصلية
وكلّف مجلس الوزراء الوزيرة الفصام بمهمة التنسيق مع ديوان الخدمة المدنية والمؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية للمضي قدما في اتخاذ الإجراءات لتنفيذ مقترح خفض المعاشات الاستثنائية الممنوحة بناء على أحكام المادة ثمانين من قانون التأمينات الاجتماعية.
وجاء في بيان للمجلس صادر في ختام اجتماع عقده قبل أيام أن المقترح جاء في ضوء المراجعة الشاملة لمواطن الهدر بالموازنة وترشيدا للإنفاق وتطبيقا لقواعد العدالة بين الخاضعين لنظام التأمينات الاجتماعية، لاسيما المادة ثمانين التي كانت تهدف في الأساس إلى تقديم دعم استثنائي في حالات إنسانية محدودة ومبررة، وهو ما أفصحت عنه الملامح الأساسية للقانون.
وأضاف البيان أنه نظرا لما لوحظ من توسع في تطبيق المادة بطرق تجاوزت الغرض الأصلي الذي شرعت من أجله بمنح معاشات استثنائية بمبالغ كبيرة ومتفاوتة، ما كان له أثره البالغ والمكلف بما حمّله للخزانة العامة من مبالغ كبيرة، وأدى إلى الإخلال بمبدأ المساواة بين المستفيدين من أحكام هذه المادة وحاد بها عن الهدف المرجو منها، أصبح لزاما وضروريا إعادة النظر في هذه القرارات لما ترتب عليها من آثار.
وأوضح أنه من منطلق حرص الدولة على تحقيق العدالة الاجتماعية وضمان ترشيد الإنفاق وبشكل يخدم المستفيدين من المادة ثمانين بشكل عادل، قرر مجلس الوزراء تخفيض المعاشات الاستثنائية معتبرا أن إلغاء المادة بالمطلق فيه تعارض مع الأهداف الكلية للنظام الذي يوضح الهدف من هذا القانون بتوفير المعاشات لأفراد المجتمع كلما أمكن ذلك.
وكان التوجه لدى لجنة الشؤون المالية والاقتصادية البرلمانية في مجلس الأمّة المنحل نحو إلغاء المادة ثمانين برمتها ما يعني إلغاء نهائيا لبند المعاشات الاستثنائية، لكن اعتراضات كثيرة ظهرت بالاستناد إلى أن خيار الإلغاء سيترتب عليه بقاء العديد من الحالات دون معاش تقاعدي نظرا لعدم تلبيتها لشروط تقاضيه.
وفصّلت تقارير إعلامية محلية مظاهر اللاعدالة والهدر في إسناد المعاشات الاستثنائية، وقالت صحيفة “الجريدة” إنّ تلك المعاشات تختلف قيمتها من حالة إلى أخرى، فأقل معاش استثنائي يحصل عليه المستفيد شهريا هو 3 دنانير (9.73 دولار) بينما يوجد معاش يحصل صاحبه على 9.9 آلاف دينار (32.12 ألف دولار).
وأوضحت أن الكثير من الفئات تشملها الاستفادة من المادة ثمانين من قانون التأمينات الاجتماعية، وهي الوزراء والنواب وأعضاء المجلس الوطني للثقافة وأعضاء المجلس البلدي والقضاة ورؤساء المجلس الأعلى للقضاء وقياديو مؤسسة البترول والموظفون والمديرون والمراقبون وقياديو الديوان الأميري وديواني ولي العهد ورئيس مجلس الوزراء، والأمانة العامة لمجلس الوزراء، وقياديو الجهات الحكومية والهيئات والمؤسسات العامة وأعضاء السلك الدبلوماسي والمختارون والمحافظون، ومن تمت الاستعانة بهم على أساس أنهم أصحاب خبرات وبعض الحالات الفردية الأخرى.