توتر متصاعد بين لبنان وإسرائيل بشأن المنطقة البحرية المتنازع عليها

إسرائيل تخرق أجواء لبنان ومياهه الإقليمية بعد توسيعه منطقته البحرية.
الجمعة 2021/04/16
ملف يعمق الخلافات بين البلدين

بيروت – تصاعد التوتر بين لبنان وإسرائيل في الأيام القليلة الماضية بشأن المنطقة البحرية المتنازع عليها منذ سنوات، حيث أقدمت إسرائيل على خرق أجواء لبنان ومياهه الإقليمية ردا على توسيع بيروت لمنطقتها البحرية.

وخرقت طائرتا استطلاع إسرائيليتان خلال يومي الخميس والجمعة أجواء لبنان ونفذتا طيرانا دائريا فوق مناطق الجنوب والشمال، كما خرق زورقان بحريان إسرائيليان الخميس المياه الإقليمية اللبنانية قبالة منطقة رأس الناقورة جنوب لبنان.

وقال بيان صادر عن قيادة الجيش اللبناني الجمعة إنه "تم إلى غاية الجمعة تسجيل خرقين جويين نفذتهما طائرتا استطلاع تابعتان للعدو الإسرائيلي، تخللهما طيران دائري فوق مناطق الجنوب، رياق وبعلبك (شرق لبنان)".

وفي بيان آخر منفصل أعلنت قيادة الجيش أنه “تم الخميس تسجيل خرقين بحريين معاديين للمياه الإقليمية اللبنانية قبالة رأس الناقورة، لمسافة أقصاها 203 أمتار، حيث أقدم بعض العناصر على إلقاء قنبلة مضيئة فوق البقعة البحرية المذكورة”.

وتتم متابعة موضوع الخرقين، بحسب البيان ”بالتنسيق مع قوات الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان (يونيفيل)”.

ويذكر أن إسرائيل تخرق بشكل متواتر أجواء لبنان ومياهه الإقليمية، فيما يطالب لبنان الأمم المتحدة بالضغط على إسرائيل لوقف خروقاتها.

والثلاثاء هددت إسرائيل باتخاذ خطوات موازية ردّا على توقيع لبنان مرسوما يتم بموجبه توسيع نطاق حدوده البحرية في المنطقة المتنازع عليها مع تل أبيب.

واعتبر يوفال شتاينيتس وزير الطاقة الإسرائيلي أن “لبنان يفضل نسف المحادثات بدلا من القيام بمحاولة التوصل إلى حلول متفق عليها”.

وكان وزير الأشغال اللبناني ميشال نجار وقع الاثنين على تعديل المرسوم رقم 6433، والمتعلق بترسيم حدود المنطقة الاقتصادية الخالصة جنوب لبنان.

ويشمل المرسوم، الصادر عام 2011 وتم إحالته إلى رئاسة الحكومة اللبنانية، تعديلا جديدا بإضافة 1430 كلم مربعا إلى لبنان من حدوده البحرية المشتركة مع إسرائيل، ليصبح بذلك حجم المنطقة المتنازع عليها 2290 كلم، وذلك استجابة لمقترح تعديل أعلن عنه الجيش اللبناني الشهر الماضي.

ويحتاج المرسوم الآن إلى توقيع رئيس حكومة تصريف الأعمال ووزيرة الدفاع ورئيس الدولة، تمهيدا لإحالته إلى الأمم المتحدة ليصبح مطالبة رسمية بتسجيل الإحداثيات الجديدة للمنطقة.

وعزت مصادر سياسية لبنانية قرار وزير الأشغال العامة والنقل إلى مسعى لبناني لاستفزاز إسرائيل من أجل إيقاف المفاوضات.

وقال الوزير شتاينيتس، الذي يقود المفاوضات مع لبنان حول ترسيم الحدود البحرية، “للأسف الشديد، هذه ليست المرة الأولى على مدار العشرين عاما الماضية، حين يغير اللبنانيون خرائطهم البحرية لأغراض دعائية ولإبداء 'موقف وطني'، وبهذا هم يعرقلون أنفسهم مرة تلو الأخرى”.

والخميس أعربت واشنطن عن استعدادها للتوسط بين لبنان وإسرائيل في مفاوضات ترسيم الحدود البحرية بينهما.

وفي وقت سابق، ذكرت مصادر إعلامية لبنانية أن الولايات المتحدة وجهت عبر سفيرتها في بيروت دورثي شيا، رسالة صارمة إلى السلطات اللبنانية بشأن المفاوضات المتعلقة بترسيم الحدود البحرية.

وأشارت المصادر إلى أن الرسالة تضمنت تهديدا بانسحاب إسرائيل بشكل كامل من المفاوضات، في حال تم تعديل مرسوم الحدود البحرية واعتماد الخط 29.

والخميس طالب الرئيس اللبناني ميشال عون إسرائيل بعدم العمل على التنقيب في حقل نفطي في منطقة بحرية يعتبرها لبنان متنازعا عليها.

واعتبر عون أنه “يحق للبنان أن يطوّر موقفه وفقا لمصلحته وبما يتناسب مع القانون الدولي ووفقا للأصول الدستوريّة”، مطالبا “باعتماد خبراء دوليين لترسيم الخط وفقا للقانون الدولي، والالتزام بعدم القيام بأعمال نفطيّة أو غازيّة وعدم البدء بأي أعمال تنقيب في حقل كاريش وفي المياه المحاذية”.

والمفاوضات غير المباشرة بين إسرائيل ولبنان، وهما رسميا في حالة حرب، متوقفة منذ ديسمبر الماضي، وذلك بعد انعقاد أربع جلسات محادثات لترسيم الحدود البحرية برعاية أممية ووساطة أميركية، لحل الخلاف حول المنطقة المتنازع عليها في البحر المتوسط والغنية بالنفط والغاز.

وكان من المفترض أن تقتصر المفاوضات على مساحة بحرية من حوالي 860 كيلومترا مربعا، بناء على خارطة أرسلت في 2011 إلى الأمم المتحدة، لكن لبنان اعتبر لاحقا أن هذه الخارطة استندت إلى تقديرات خاطئة، ويطالب اليوم بمساحة إضافية تبلغ 1430 كيلومترا مربعا وتشمل حقل كاريش الذي تعمل فيه شركة يونانية لصالح إسرائيل.

ويعتبر ملف ترسيم الحدود بين إسرائيل ولبنان إحدى أبرز أولويات الإدارة الأميركية في المنطقة في الفترة الحالية، إلى جانب زيادة الضغوط على حزب الله الذي تقول وسائل إعلام إسرائيلية إنه عرقل مرارا بدء المحادثات مع تل أبيب.

وخلال زيارته لبيروت الخميس قال مساعد وزير الخارجية الأميركية للشؤون السياسية دايفيد هيل إن "تكديس جماعة حزب الله اللبنانية للأسلحة الخطرة والتهريب والأنشطة غير المشروعة والفاسدة الأخرى، يقوض مؤسسات الدولة الشرعية، ويسلب من اللبنانيين القدرة على بناء بلد مسالم ومزدهر".

واعتبر هيل أن "إيران هي التي تغذي وتمول هذا التحدي للدولة وهذا التشويه للحياة السياسية اللبنانية".