توتر في كركوك يؤشر على مرحلة صراع عرقي متصاعد

الأكراد يشتكون تعريبا ممنهجا لكركوك يطال أحياءها السكنية وأراضيها الزراعية من خلال إسناد الأراضي لعرب من خارجها.
السبت 2024/01/06
حضور تركي مؤجج للصراعات

كركوك (العراق) - يسود مدينة كركوك الواقعة بشمال العراق والتي يقطنها خليط من القوميات والأعراق، توتّر عقب إجراء الانتخابات المحلية التي أذكت الصراع على قيادة المحافظة بدل ما كان ينتظر منها من حسم للصراع على أسس ديمقراطية.

وفي وقت تعالت فيه أصوات ممثلي القوميات الذين شاركوا في الانتخابات وحقّقوا نتائج متفاوتة، بمنصب المحافظ ورئيس مجلس المحافظة، جاء اقتحام قوّة عسكرية عراقية لحي يقطنه أكراد في المدينة ليزيد من تأجيج المشاعر القومية المشحونة إثر عملية انتخابية استدعيت في حملتها الانتماءات العرقية والطائفية بشكل مكثّف.

وقالت وسائل إعلام كردية عراقية إنّ قوة كبيرة من الفرقة 11 للجيش العراقي اقتحمت حي نوروز وسط كركوك مطالبة بإخلاء 122 منزلا تُؤوي 172 عائلة كردية، وذلك على أساس أن تلك المنازل تابعة للقوات المسلّحة وأنّ ساكنيها لا يمتلكون وثائق ملكيتها.

الأكراد يطالبون بمنصب المحافظ باعتبارهم الطرف الفائز بأكبر عدد من المقاعد بواقع خمسة مقاعد لحزب الاتّحاد الوطني الكردستاني ومقعدين للحزب الديمقراطي الكردستاني

ونظر الأهالي إلى عملية الاقتحام باعتبارها جزءا من عملية ممنهجة لتعريب كركوك تتعدّى أحياءها السكنية إلى الأراضي الزراعية الواقعة في المحافظة ككل، من خلال منع المزارعين الأكراد من ممارسة أنشطتهم الفلاحية فيها والمجيء بمزارعين عرب من خارج المحافظة لاستغلالها.

ودعا نواب في البرلمان العراقي عن كركوك رئيس الوزراء محمد شياع السوداني إلى إنهاء مظاهر تدخل الجيش في شؤون المدينة، معتبرين أنّ تراكم المشاكل وعدم حلها سيوّلد المزيد من التوتّر والاحتقان خاصة بعد تكرار تدخل المؤسسة العسكرية في قضية الأراضي الزراعية والدور السكنية التي من المفترض أن تُحلّ من قبل القضاء وبالاستناد إلى الدستور.

كما طالب النواب بترك مسؤولية حلّ مشاكل كركوك للحكومة المحلية التي ستنبثق عن الانتخابات التي أجريت في الثامن عشر من شهر ديسمبر الماضي.

غير أن هذا الطلب بدا غير واقعي إلى حدّ بعيد في ظل التنافس الحاد الذي انطلق على الفوز بالمواقع القيادية في تلك الحكومة  التي يتوّقع مراقبون أن تظل حاملة لبذور الشقاق والتنازع بين مكوناتها، نظرا لتعقّد الملفات التي ستنهض بمسؤولية معالجتها. وتتنازع منصب المحافظ ورئيس مجلس المحافظة ثلاث قوميات هي الكردية والعربية والتركمانية.

ويدعو التركمان الذين حصلوا على مقعدين فقط من مجموع المقاعد الستة عشر خلال الانتخابات الأخيرة بمنصب المحافظ على سبيل التداول على أساس أن الأكراد تولوا المنصب منذ سنة 2003، وتلاهم العرب سنة 2017، ليكون قد جاء دورهم خلال المرحلة الراهنة.

التدخّل التركي في شؤون كركوك ينذر بتصعيد الصراع بين مكوناتها بالاستناد إلى أن حضور تركيا في أي بلد عربي خلال السنوات الأخيرة خلّف توترات مستعصية عن الحل

وتدعم تركيا التي تحاول فرض الوصاية على تركمان العراق في نطاق محاولتها تأمين موطئ قدم لها في مناطق تواجدهم بالبلد وخصوصا في كركوك، وذلك وفقا لما صرّح به قبل أيام وزير الخارجية التركي هاكان فيدان في أفقرة بحضور رئيس لجبهة التركمانية العراقية حسن توران.

ويرى مراقبون أن التدخّل التركي في  شؤون كركوك ينذر بتصعيد الصراع بين مكوناتها بالاستناد إلى أن حضور تركيا في أي بلد عربي خلال السنوات الأخيرة خلّف توترات مستعصية عن الحل، على غرار ما هو قائم في سوريا وليبيا.

ومن جهتم يطالب الأكراد بمنصب المحافظ باعتبارهم الطرف الفائز بأكبر عدد من المقاعد بواقع خمسة مقاعد لحزب الاتّحاد الوطني الكردستاني ومقعدين للحزب الديمقراطي الكردستاني.

ويقول حزب الاتّحاد على لسان عضو مجلسه القيادي ستران عبدالله إنّ “نتائج الانتخابات تؤكد ضرورة انتخاب محافظ كردي من الاتحاد الوطني”، مستدركا بأنّ الحزب “سيأخذ آراء الأطراف والمكونات الأخرى بنظر الاعتبار”.

ومن جانبهم يرى عرب كركوك أنّهم يمثلون شريكا ضروريا للأكراد في قيادة المحافظة. وجاء ذلك على لسان رعد الجبوري عضو تحالف القيادة الذي أكّد في تصريحات صحفية أن “المنصبين الكبيرين وهما المحافظ ورئيس المجلس سيكون أحدهما للعرب والآخر للأكراد”. كما وصف الجبوري الإدارة العربية لكركوك طوال السنوات الأخيرة بالناجحة معتبرا أنّها حققت الاستقرار الأمني والنمو العمراني.

3