توتر سياسي يتصاعد حول أحقية تمثيل الأغلبية السنية في البرلمان العراقي

بغداد – اندلع صراع سياسي حاد في العراق حول مسألة تمثيل المكون السني في السلطة الحكومية، ومن يحظى بالحق في تمثيل الأغلبية السياسية والبرلمانية لهذا المكون، بعد إعلان ثلاث من القوى السُّنية أنها اتفقت على المضيّ بإجراءات انتخاب رئيس جديد للبرلمان بعيداً عن إجراءات المحكمة الاتحادية.
وهاجم حزب تقدم بقيادة رئيس البرلمان السابق محمد الحلبوسي السبت رئيس تحالف السيادة خميس الخنجر بعد صدور بيان المشترك من أحزاب السيادة وعزم والحسم الوطني التي وصفت نفسها بأنها تمثل الأغلبية السياسية والبرلمانية للمكون السني.
وقال حزب تقدم في بيان إنه "نستغرب ونرفض البيان الصادر من أحزاب السيادة والحسم وعزم بوصفهم لأنفسهم أغلبية المكون السني، فرغم كل محاولاتهم وقيامهم بشراء ذمم بعض النواب بدفع أموال طائلة ومحاولات ترغيب البعض الآخر".
وتابع الحزب في بيانه "إنهم لا يملكون أغلبية المكون السني في مجلس النواب، ولا يمكن لغربال التزييف أن يغير الحقيقة الثابتة لأغلبية المكون السني المتمثلة بتقدم".
ودعا الحزب ممن وصفهم بـ"شركائنا في الوطن" إلى "عدم التعامل مع هذه الأكاذيب التي لا حقيقة لها على مستوى التمثيل النيابي أو المجتمعي".
كما دعا حزب رئيس البرلمان السابق رئيسي مجلس الوزراء ومجلس القضاء الأعلى والهيئات الرقابية إلى "وقف مزاد البيع والشراء الذي أساء للعملية السياسية وعدم السكوت عن هذه التصرفات التي لا تليق بالبلد"، وفق البيان.
وطالب الحزب بـ "فتح تحقيق عالي المستوى"، مؤكداً تمسكهم بحق تمثيل الأغلبية النيابية للمكون السني التي أفرزتها نتائج الانتخابات والتمثيل النيابي الحالي.
وجاء بيان حزب تقدم، ردا على إعلان تحالفات العزم والسيادة والحسم الوطني، تمسكهم بالمرشحين المثبتين لدى رئاسة مجلس النواب، مشيرين إلى أن الدعوى المقامة أمام المحكمة الاتحادية لا تؤثر على اجراءات الانتخاب.
وعقد اجتماع للأغلبية النيابية لنواب المكون السني، متمثلة بتحالف العزم والسيادة والحسم وحزب الجماهير ونواب من العقد الوطني من المكون السني ونواب مستقلين وعدد من القيادات السياسية في بغداد، مساء السبت.
وأشار البيان إلى توصل المجتمعين لاتفاق نهائي يهدف إلى استكمال الاستحقاق الدستوري المتعلق بمنصب رئيس مجلس النواب، مؤكداً ضرورة إكمال اجراءات انتخاب رئيس جديد للمجلس.
ودعت القوى السنية إلى إدراج انتخاب رئيس البرلمان كفقرة أولى في أول جلسة انعقاد للمجلس.
وأكد ممثلو المكون السني، أن الدعوى المقامة أمام المحكمة الاتحادية "لا تؤثر على اجراءات الانتخاب لاستكمال هذه العملية الدستورية الهامة".
وذكر البيان المشترك، أن الأغلبية البرلمانية قررت "مواصلة إجراءاتها لانتخاب رئيس جديد من بين المرشحين المثبيتن لدى رئاسة المجلس".
وعدّ رئيس كتلة "تقدم" البرلمانية، النائب يحيى المحمدي، الخطوة تجاوزاً على الاستحقاقات، وقال في تدوينة له إن تلك اللقاءات دون التفاهم مع "تقدم"، هي "تجاوز على الاستحقاقات وضرب للأعراف السياسية".
ومن جانبه، قال الباحث في الشأن السياسي مجاهد الطائي، على منصة إكس، إن "الإطار التنسيقي غذى الخلافات بين أربيل والسليمانية، وعقّد الانقسام الكردي ــ الكردي، وفعل ذات الأمر مع القوى السُّنية بدعم طرف على حساب آخر، وكل فترة يدعم طرفاً وحسب المعادلة السياسية، لكن عندما تحالف الصدر مع الكرد والسُّنة، اتهموهم بقيادة مؤامرة تستهدف المذهب، وهاجموا مقارّهم وأطلقوا الكاتيوشا!".
ولا تزال الخلافات تعيق تعيين رئيس جديد للبرلمان العراقي خلفا لمحمد الحلبوسي المقال إذ أن حسابات السيطرة السياسية على المنصب في صميم الانقسامات داخل أجنحة الإطار التنسيقي.
وفي الثالث عشر من يناير الماضي، عقد مجلس النواب العراقي جلسة رابعة لانتخاب رئيس جديد للمجلس بعد الإطاحة بالحلبوسي بموجب حكم غير مسبوق صدر من قبل القاضي جاسم عبود من المحكمة الاتحادية العليا في نوفمبر 2023.
لكن القوى الشيعية المشكّلة للإطار التنسيقي والقوى السنيّة المتحالفة معها مارست ضغوطها لقطع الجلسة، للحيلولة دون ظفر مرشح حزب تقدّم به في الجولة الثانية من التصويت.
وتمكّن مرشح تقدم شعلان الكريم خلال الجلسة من التقدّم بفارق كبير على منافسيه، واقترب من الفوز بالمنصب بعد حصوله في الجولة الأولى على 152 صوتا من أصل 314 صوتاً.
والثلاثاء الماضي، ردت المحكمة الاتحادية العليا الدعوى الخاصة بإلغاء ترشيح النائب عن حزب تقدم شعلان الكريم لرئاسة مجلس النواب العراقي، بحسب النائب مصطفى سند، الذي أشار إلى أن دعوى أخرى لاتزال مفتوحة و "هي الدعوى الخاصة بعدم صحة عضويته، لم تُحسم لغاية الأن وموعدها يوم الأول من أبريل المقبل".
وكانت هيئة النزاهة الاتحادية قد أعلنت في 17 يناير الماضي عن مباشرتها بالتحري والتقصي عن مزاعم عروض رشى للنواب للتصويت لصالح مرشح معين لرئاسة مجلس النواب العراقي.
وأخفق البرلمان على مدى أربع محاولات لانتخاب بديل للحلبوسي، بسبب عدم التوافق على مرشح واحد، حيث تمسكت الكتل العربية السُّنية الثلاث، "تقدم" و"السيادة" و"العزم"، بمرشحيها، وهم كل من شعلان الكريم، سالم العيساوي، ومحمود المشهداني، على الرغم من أن حزب الحلبوسي "تقدم"، هو الحزب صاحب أكبر عدد من المقاعد البرلمانية "سُنياً"، ويفترض أن يكون المنصب من حصته.
وكانت المحكمة الاتحادية العليا في العراق قد قضت في 14 نوفمبر الماضي، بإنهاء عضوية الحلبوسي على خلفية دعوى قضائية كان قد رفعها أحد البرلمانيين، واتهمه فيها بتزوير استقالته من البرلمان. ومنذ ذلك الوقت، اندلعت خلافات بين القوى السياسية المختلفة بشأن اختيار بديل للحلبوسي.